تتدافع في كل عام صوب منطقة البطانة أكثر من ستة ملايين رأس من المواشي المختلفة وافدة من ولايات الجزيرة، كسلا، سنار، الخرطوم، القضارف، النيل الأزرق. وذلك بحثاً عن الكلأ والماء، بعد رحلة ضنك ومعاناة في كل فصل صيف. ولكن هذا العام واجهت الماشية صعوبات بالغة ومكثت طويلاً في مصيفها، ثم شدت الرحال صوب منطقة البطانة، حيث تكتظ المنطقة هذه الأيام بأعداد كبيرة من الماشية توفق ال ستة ملايين رأس، بعد إخضرار الأرض ووفرة المياه. إلا أن هنالك عددا من أصحاب الماشية والرعاة أبدوا تحفظهم وتخوفهم بسبب انعدام المياه في الشهور القادمة للمرعى لجفاف الحفائر المبكر، حيث أكد حسين جلي إن تشييد الحفائر دون مواصفات هندسية ودراسة عملية بوجودها بعيداً عن مواقع الماشية والمرعى، أدى إلى العطش وإجهاد الماشية، بعد أن ظلت تبحث عن المياه لفترة طويلة، خاصة في الفترة من شهر مارس حتى أغسطس من كل عام، مما أدى لارتفاع سعر البرميل لخمسة عشر جنيهاً، بجانب انعدام المياه والعشب في المنطقة الشمالية، فأدى ذلك إلى نزوح الرعاة والماشية للمرعى في ولاية الجزيرة والخرطوم بشراء الأعلاف. وطالب جلي السلطات بالتدخل لإيقاف الجبايات والرسوم المفروضة من الولاية، خاصة بعد انتشارها في مناطق متعددة من الولايات، ومطاردتهم للرعاة في المناطق المتعددة. واشار الدكتور محمد سعيد مدير إدارة الثروة الحيوانية بالبطانة، إلى ارتفاع نسبة نفوق الماشية بعد تأثرها بجفاف المراعي في الموسم الماضي وضعف تعامل المربين مع الماشية، فضلاً عن انتشار المساحات الواسعة الخالية من الحشائش التي أدت للبحث عن المرعى. فيما أكدت سميحة شاكر مدير إدارة المراعي والعلف بالوزارة، أن توسع المساحات المزروعة على حساب المرعى قلل من وجود العشب، مما أحدث الفجوة في المراعي وضعف القيمة الغذائية للنبات. وقال إن هنالك خطة لتنظيم المرعى الخاص والعام بفتح ثمانية مسارات طول المسار الواحد «250» كليومتراً يبدأ من خط المرعى إلى مجرى البحر. وأكد الدكتور جبريل المدير العام لوزارة الثروة الحيوانية، أن وزارته تسعى للحفاظ على المرعى بتوطين البذور والعمل على زراعة المساحات الرعوية المختلفة في البطانة، وحظر الزراعة ودخول الآليات الزراعية على المرعى، والعمل على اتباع الزراعة التقليدية للحفاظ على الحيوان، مضيافاً أن وزارته قد فرغت من إعداد خطة تقضي بعدم دخول الحيوان للمرعى في البطانة إلا في منتصف أغسطس، بجانب عدم التعدي الزراعي على المسارات وزيادة مساحتها، وزيادة سعة الحفائر وتطويرها لرفع كميات المياه، وقال إنها هي جملة من الصعوبات والمعوقات في منطقة البطانة تهدد وجود الماشية جراء ردم الحفائر وضعف سعتها وجفافها مبكراً، بسبب عدم إجراء الصيانة السنوية وتطهيرها، بجانب التغول الزراعي وانتشار الزراعة بالآليات، مما ساعد على نفوق الماشية بعد أن ضربتها الأمطار الغزيرة، وبعد المسافات إلى البطانة، ولا بد من التدخل العاجل من جانب حكومة الولاية لوضع الحلول اللازمة وإزالة العقبات عبر مخيم البطانة القادم، حفاظاً على الثروة الحيوانية.