الحياة بعد الستين لها طعم أخر .. عندما تنتهي الأحلام .. وتبقى الذكريات مجرد أشباح ...إطلال لسنوات جميلة .. لم يبقَ منها إلا الألم على فراق عملك أو معاشك وجحود دولة لم تعرف الرحمة ولا رد الجميل .. رغم الكبر والمرض والألم على إزالة مكتبته .. رغم غلطة الأوامر المحلية مازال عمنا عبد الله عبد الرحمن بديوه يرضى بما قسمه له الله .. فخبرة السنين علمته تقبل الامر الواقع .. وعلى أمل واحد يعيش عسى ان يتذكره المسؤولون فما قدمه لام درمان قبل اكثر من نصف قرن قبل انشاء مكتبته بالبوستة في العام 1964م حتى لقب بشيخ موزعي الصحف . ان في السودان الف مأساة وفي كل دار الف حكاية تتجمع لترسم صورة قاتمة وتضرب اسوأ الأمثلة للجحود ، امام البوستة التقيت به مرح لا تفارق الابتسامة شفتيه يتنقل بين هذا وذاك مداعباً يحاول بخفة ظله قتل كابوس الظلم .. اقتربت منه وسألته : ماذا حدث معك ؟ تحول المرح الي سخرية .. لكنه لم يتخلَ عن ابتسامته وهو يحكي قصته .. نزع كشكي مني منذ العام 2008م المسمى مكتبة دار الآداب والذي أسسته في اوائل ستينيات القرن الماضي وقتها كنت شاباً وهبت نفسي لخدمة العلم والثقافة وهي مهنة الأنبياء ساهمت بالقدر الذي استطيع في اثراء الحركة الثقافية بالمنطقة كان ابرز زبائني نائب الرئيس الاستاذ علي عثمان محمد طه وكان مشترك معي في مجلة الدعوة ، كان كشف الزبائن والعملاء يشمل العناصر من كل الألوان. بعد قرار الازالة .. رفعت عدة شكاوى للمعتمد السابق الأستاذ الفاتح عز الدين لمراعاة سني وعمري وما قدمته ، أخيرا استجاب الرجل واصدر قرارا بإعطائي بديلا لأعيش منه ولكن ترجل الرجل قبل ان ينفذ القرار وجاء سلفه الشيخ أبو كساوي المعتمد الحالي والذي بدوره كان قد الغي القرار السابق بعد ان أودعنا مبلغ (650 جنيها) في خزانة المحلية نظير الإعادة ... أعاني في فترة الخريف بعد السماح لنا بمزاولة نشاطنا على تربيزة لبيع الصحف قابلت كل المسؤولين بمن فيهم صديقي الأستاذ الخاتم عبد الله الذي داعبته بأن الامر اكبر منك .. بدوره حولني للأستاذ حسن ساتي رحمة الله عليه قائلاً هذا هو الأكبر مني ، فتعاطف ساتي معي وطالبني بمعاودته بعد يومين ولم تنقضِ المدة حتى وافاه اجله المحتوم وفي جيبه مشكلتي التي ماتت معه ... مع الكلمات الحزينة تتلاشى الابتسامة تتحول السخرية الي مأساة ولكن عم عبد الله يحاول مرة أخرى ان يتماسك ويختم كلامه معي العوض على الله ... والله الغني ... ومع الحكايات الحزينة تطل علامات الدهشة ترتسم على وجهي ... ألهذا الحد وصل الجحود ، او لا يستحون ان يظلموا رجلاً لا يجد ناصراً الا الله ، وكيف تعيش مثل هذه الأسر وقد باتوا مشردين في أماكن عملهم بفعل عوامل التنفيذيين او الطبيعة تقتلهم نظرات العطف والضعف والاستخفاف ... ان أمثال عمي عبد الله يجب ان تكرمه الدولة خصوصاً وزارة الثقافة والإعلام وعلى رأسها الأستاذ السمؤال خلف الله ... أولم يقولوا ان الوراقين خير لأمير المؤمنين من الأمن والشرطة والعسس فللرجل التزامات أسرية قاهرة يرفض ذكرها تعففاً نناشد الاستاذ علي عثمان محمد طه ومعتمد امدرمان ابو كساوي بتعويض الرجل بكشك لتوزيع الصحف اسوه بآخرين فقد قال رسولنا الكريم : ان انفع الناس للناس فقالوا أي الأعمال أفضل ؟ قال : ادخال السرور على المؤمن قيل وما سرور المؤمن ؟ قال : إشباع جوعته وتنفيس كربته وقضاء دينه . صدق رسول الله