أقر المكتب القيادي للمؤتمر الوطني في اجتماعه الاخير،اسناد رئاسة هيئة دعم الوحدة التي اقترحها الملتقى التشاوري للرئيس عمر البشير مع القوى السياسية الخميس الماضي،لزعيم الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني،واشار المكتب القيادي الى انه تلقى موافقة مبدئية من الميرغني بذلك ورفضت قيادات في الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل ،اتصلت بهم «الصحافة» تأكيد او نفي الخبر مشيرة الى ان الميرغني المتواجد حالياً بالمدينة المنورة من يستطيع ان يقطع في ذلك الميرغني رئيسا لهيئة دعم الوحدة هذا ما اتفق عليه المكتب القيادي للمؤتمر الوطني حسب ما جاء في الصحف والتي نقلت بدورها اعتزام الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل قيادة حالة من الاجماع الوطني من اجل دعم قضية الوحدة باعتبارها قضية تتجاوز ما هو حزبي لما هو وطني وما هو ذاتي لما هو موضوعي وهو ما يعني ان التاريخ يحاول اعادة نفسه من خلال تحديد مصير الوطن، ففي سبتمبر من العام 1955 وجد الحزب الوطني الاتحادي نفسه مجبرا للتراجع عن مبدأ وحدة وادي النيل لصالح مبدأ تحقيق الاستقلال وفوز الجناح الاخر وهو الجناح الاستقلالي وهو جناح المعارضة انذاك الذي كان يقوده حزب الامة في زمن مضي. يعود الان الحزب الاتحادي الديمقراطي للدفاع عن انجازه بالاستقلال بعد مضي اكثر من نصف قرن من الزمان يعود مولانا محمد عثمان الميرغني للامساك برأيه البحث عن الوحدة وللقيام بدوره في واقع علي درجة عالية من التعقيد والتشابك والتداخل ويجعل عملية نجاحه في اداء هذا الدور هي عملية في محك واختبار تفاصيل الاحداث التي تمور بها الساحة السياسية السودانية، وفي ظل اقتراب مواعيد الاستفتاء مما يجعل الرجل في سباق مع الزمن قبل ان يكون في سباق مع عملية خلق حالة من التقارب مابين وجهات النظر المتناقضة في العملية مابين الرؤي الداخلية ومابين توجهات القوي الخارجية حول حق تقرير المصير السوداني وتوجهات الناخبين من مواطني الاقليم والتي ستحدد مستقبل الوطن ما بعد يناير. الرجل وحزبه سيجدون انفسهم امام تحدٍ تاريخي يتعلق بالحفاظ علي كيان الوطن من التشرذم وهو ما يعني ضرورة السعي لتقريب وجهات النظر المختلفة مابين الفرقاء في الوطن الواحد وبالرغم من ان الرجل لم يبت بعد في قبوله او رفضه لعرض الحزب الحاكم الا انه في المقابل فان الرجل ما فتئ يعيد علي الاسماع ضرورة سعيهم للمحافظة علي الوحدة وانها ستظل خيارا لا تراجع ولا نكوص عنه ابدا مهما كلفهم الامر الا انه وبحسب مراقبين فان الحديث عن الوحدة فقط لا يحققها وان الامر يحتاج لمجهود وعمل علي المستوي الميداني مابين الجماهير وعلي المستوي السياسي مابين مكونات المجتمع السياسي وبشكل اساسي شركاء نيفاشا والمسؤولين عن الاستفتاء وهم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية باعتبارهم الاكبر تأثيرا علي الوقائع وان كانت كفة الحركة تظل هي الاعلي في ما يتعلق بالاستفتاء لسيطرتها علي الجنوب وعليه فان اي دور ايجابي في عملية الوحدة يمر عبر بوابتها بمافيه دور الحزب الاتحادي الديمقراطي والذي يرتبط مع الحركة الشعبية بتحالف سابق انتهي بعملية التوقيع علي اتفاقية نيفاشا خصوصا بعد تراجع او انهيار دور التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يرأسه مولانا الميرغني ويتولي باقان اموم لسان حال الانفصاليين الان امانته العامة ، وهو مايعني ان ثمة صعوبة تقابل مسألة الالتقاء والتقارب مابين النقيضين الوحدوي والانفصالي كما ان التحالف الذي ورث التجمع الوطني وهو تحالف جوبا «قوي جوبا » فتبدو في مشاركة مولانا اقل مقارنة بمشاركة الترابي والمهدي وهو ما يقلل من عملية الدور الذي يمكن ان يلعبه في عملية دفع الحركة لتبني خيار الوحدة، في المقابل فان لمولانا تأثيرات في اتجاهات اخري وتتعلق تحديدا بعلاقته الايجابية مع دول الجوار خصوصا مصر وارتريا واثيوبيا وهي العلاقات التي يمكن ان يستثمرها في دعم خيار الوحدة في السودان كما ان علاقته السابقة والشخصية بقيادة الحركة ممثلة في الدكتور قرنق من شأنها ان تسهم ايجابيا في الامر الا ان الدكتور محمد حمدنا عبد الحافظ استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين يري موقفا مختلفا ويري ان اختيار مولانا بالرغم من اختلاف الرجل عن الاخرين حيث انه لا ينتمي للمؤتمر الوطني وهو ما يصفه حمدنا بالاختلاف القليل الذي لن تكون له تأثيرات مستندا في الامر لحديث نائب حكومة الجنوب للصحف اليوم والذي قال فيه اذا تم في هذه الشهور تحويل جوبا الى دبي فانه لن يغير في الامر شيئا وهو امر يرتبط بالجوانب المادية وبالتنمية فان مجرد اختيار شخص سيكون له نفس الامر ويرى حمدنا الله ان المسألة تتعلق بتنظيم علاقات الشمال والجنوب ووضع حلول لملفات شائكة مابين الجانبين اكثر من ارتباطها باشخاص، ويرى حمدنا الله ان المؤتمر الوطني راهن في اختياره لمولانا على العلاقات التاريخية مابين الجانبين الا ان هذه العلاقات تراجعت بمجرد توقيع اتفاقية نيفاشا، وقال ان طبيعة العلاقة الشخصية التي كانت تجمع مولانا بقرنق تراجعت الآن في عهد الفريق سلفاكير ميارديت ولم تعد كما كانت سابقا وهو امر يقلل من عملية التأثير في مجال تحقيق الوحدة. وتساءل حمدنا الله حول قدرة مولانا على التأثير في الناخب الجنوبي وجعله داعما لخيار الوحدة وزاد ان الخطوة يمكن ان تصب ايجابيا في دعم مسألة الوفاق الوطني حول خيار الوحدة بالشمال واضاف حمدنا الله ان المسألة لا تعدو ان تكون عملية تغييرفي الاشخاص لا اكثر ولا اقل مضيفا ان المواطن والناخب الجنوبي يحتاج الآن الى عملية تغيير التعاطي مع القضايا اكثر من تغيير الاسماء والاشخاص الداعين لفكرة الوحدة . من جانبه يرى رئيس حزب الحقيقة الفدرالي فضل شعيب ان اختيار مولانا محمد عثمان الميرغني امر ينصب في صالح الوحدة من اتجاه عام مشيرا إلى أن الرجل يتميز بقبول وسط قيادات الحركة ويمكن ان يستغل هذا الجانب في دفع هذا الاتجاه. وقال انهم يدعمون اي عمل من شأنه اعلاء شأن الوحدة وبما فيها توجهات المؤتمر الوطني قبل ان يتساءل هل المؤتمر الوطني يدعم الوحدة ويعمل من اجلها ؟وقال ان طريق الوحدة يمر عبر اتفاق سياسي ما بين قيادات المؤتمر الوطني والحركة الشعبية اكثر من مروره عبر اختيار مولانا رئيسا لهيئة دعم الوحدة، وقال ان مولانا اذا ما وظف عمله مع قيادات الحركة فإنه سينجح في لعب دور ايجابي يصب في صالح الوحدة الوطنية الا ان امراً آخر جدير بتناوله في هذا الجانب وهو الامر المتعلق بالدعوة التي قدمتها قوى المعارضة للمؤتمر الوطني لحض أمر المجتمع الجامع والذي سيناقش قضية الوحدة والذي رفضه المؤتمر الوطني وهو امرا سيلقي بظلاله على مجمل الحراك المستقبلي في السودان استباقا لعملية الاستفتاء وسعيا من اجل الوحدة التي يرفع الجميع شعارها في الاتجاه الشمالي من الوطن بينما يتمسك اهل الشطر الجنوبي برؤية اخرى هي الانفصال ورئاسة مولانا لهيئة دعم الوحدة هي خطوة تستهدف التقليل من حدة دعاوي الانفصال وتحويلها في الاتجاه الآخر وهو امر يحتاج لعمل دءوب ومستمر يبدأ وينتهي بالحركة الشعبية، فهل ينجح حزب مولانا في الحفاظ على انجاز الاستقلال الذي قدمه الازهري مثل صحن الصيني بلا شق ولا طق ام ان الشقوق التي ضربت جسد الحزب ستنتقل عدواها للوطن الكبير.