يبدو أن البنك المركزي سيكون فرس الرهان للخروج الأول في الفترة القادمة للخروج بالبلاد اقتصاديا إلى بر الأمان في ظل التحولات السياسية الكبرى التي تكتنفها التي على رأسها قضية الاستفتاء التي سترمي بتداعياتها وإفرازتها على السودان لا سيما في الجانب الاقتصادي الذي يعاني كثيرا في شتى المناحي لاسيما في ما يخص التخضم وارتفاع الأسعار وموجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق وتدني سعر صرف الجنيه السوداني في مقابل العملات الأخرى الأمر الذي قاد إلى ارتفاع قيمة فاتورة الواردات من إلى اليلاد من السلع الضرورية والكمالية التي يمثل الغذاء والآليات 42% منها حسب تقارير البنك المركزي وفوق ذلك تأثره بالأزمة المالية العالمية التي لم يتعاف منها الاقتصاد العالمي بعد من أعراضها . كل هذه الظروف حدت بالنك المركزي للبحث عن مصادر سيولة تصب في خانة تدعيم الخوزينة المركزية للدولة للهرب من دائرة عجز الموازنة التي صممت لتغطية تكاليف مشاريع محددة بيد أن التغيرات المحلية والتدجاعيات العالمية حادت بها عن الهدف المنشود فتقاصرت قامتها وكشفت عن ساقيها فوقفت حيرى في مفترق طرق التمويل للأجل هذا وجد البنك المركزي من باب أولى اللجوء إلى أحد مصادر التمويل لسد العاجز في الموازنة العامة فعمد إلى إصدار شهادات صرح المعروفة على سبيل الاستدانة من الجمهور والتي لا غضاضة في اللجوء إليها من حيث المبدأ حسب رأي بعض الخبراء الاقتصاديين بيد أنهم عابوا على المركزي استقلاله عن بقية سلسلة واضعي ومهندسي السيساة الاقتصادية الكلية للبلاد وأن إصدار الشهادات والسندات المالية سيكون عديم الجدوى ما لم يتبع ذلك سياسة اقتصادية كلية متكاملة تحمل في جوفها معالجات للتخضم وترياق لخفض ارتفاع الأسعار على أن يصحب ذلك سياسة تقشف عامة بكل مرافق الدولة بدءا من رأس الدولة وإنتهاء بأصغر عامل . ويقول البروفيسور عصام بوب إن تقرير البنك المركزي الذي أصدره مؤخرا توحي بانفصاله كسلطة من أعمدة الحكم عن باقي مؤسسات الدولة . وأن حديثه ومناشدته لتحريك القطاع الزراعي وإصدار سندات وأوراق مالية لدعم الاقتصاد غير واضحة حيث يبدو منفصلا عن ما يكتبه بالورق ويصرح به المسؤولون عن باقي السلطات الاقتصادية الأخرى التي على رأسها وزارة المالية والاقتصاد الوطني إذ غابت ملامح التعاون الذي كان وثيقا في السابق بين السلطات التي تخطط السياسات الكلية التي من بينها السلطات التي تخطط السياسات النقدية وقد انعدمت أواصر التعاون بينها بحسب رأي بوب جراء استقلال البنك المركزي حيث أصبح له وضع وسلطات متميزة بعيدا عن واضعي السياسات الاقتصادية الكلية . ويقول بوب إن إصدار شهادات وسندات مالية فكرة جيدة من حيث المبدأ غير أنه لا ينبغي أن يكون إصدارها بمعزل عن السياسات الاقتصادية الكلية التي تقتضي أولا خفض الإنفاق الحكومي واتباع حزمة من الإجراءات والسياسات التقشفية بحيث تبدا من رأس الدولة وتتنزل إلى بقية الأجهزة الحكومية وبعد تطبيقها يمكن اللجوء إلى إصدار السندات والأوراق المالية التي لا تعدو عن كونها استدانة من الجمهور لسد العجز في الموازنة العامة تحت ضمان كافي من قبل الدولة لاستعادة الأموال المستدانة إلى أصحابها تحت كل الظروف غير أن بوب يرى أنه تحت ظل الظروف الحالية التي تغلب عليها ظاهرة انعدام الثقة المتواصل تكون جدوى إصدار الأوراق والسندات المالية بدون إصلاح كلي للسياسات الاقتصادية وصفة منهكة توازي في وقعها ما حدث بالفاشر ومناطق أخرى من أسواق وهمية لجمع المال واشترط بوب لوجود سندات وأوراق مالية تصدرها الدولة اتباع سياسة كلية يكون بمقدروها خفض معدل التضخم وأن تضمن لمن يشترك في شراء الاوراق والسندات المالية الحفاظ على استرداد رأس ماله دون أن يفقد قيمته الحقيقة وقوته الشرائية مع مرور الزمن ويواصل بوب لأجل هذا يبقى المهم أن تسعى الدولة للحد من التضخم وأن تتخذ إجراءات عاجلة لدحر جيوش الكساد التي ضربت قبابها بالأسواق غير أنه رجع بقوله إن هذا لا يمكن حدوثه بالقرارات التي تصادر حق الموالطن في أرضه ولا بتطبيق قوانين تحرمه من حقه الأصيل لعيش حياة كريمة . من جانبه يقول الدكتور محمد الناير إن البنك المركزي يريد باصدار شهادات صرح تشجيع صغار المستثمرين والمدخرين للإقبال على الاكتتاب في صرح وألا يفتتنوا بأن تحقيق الربح مربوط بنواصي شهامة وأضاف أن إصدار شهادات صرح من شأنه تقليل حجم السيولة في أيدي الجمهور وبالتالي الأسواق عامة، الأمر الذي سيقود إلى خفض معدلات التضخم المتزايدة لا سيما في شهر رمضان الذي يزيد فيه الطلب على الملبوسات والسلع الاستهلاكية بصورة ملحوظة لأجل هذا من المتوقع أن تعمل صرح على خفض معدل التضخم علاوة على أن المركزي يرى الناير يود الاطمئنان بإصداره لصرح على أن المتوفر من السلع والخدمات كافي لمقابلة الطلب عليها وتمنى الناير ألا يكون اللجوء إلى صرح ليس لتمويل العجز الجاري إنما لعجز الموازنة كلية وان يوظف العائد منها في تمويل مشاريع تنموية ذات عائد وردود اقتصادي مستقبلا حتى يتم الإطمئنان على أن صرح أتت أكلها وأنها ذهبت لما خصصت له من مشاريع تنموية حقيقة لا سيما أن الاتجاه العام الذي تتبناه الدولة في سياساتها الكلية إحلال قدر كبير من الواردات بالإنتاج الداخلي زراعيا وصناعيا بعد توفير الدعم السياسي والتمويل اللازمين لتحقيق ذلكم الهدف .