الغسال ...ذهب مع الريح الخرطوم : هويدا المكى يعتبر الغسال من ذوي الادوار الحيوية في المجتمعات الحضرية قبل الالفية الثالثة واذا كان الترزي في المجتمعات القروية في كثير من الاحيان يقوم بدور الرقيب على الفريق وهو الذي يقوم بتلقين الميت الشهادتين عند الاحتضار بحكم تواجده المستمر فان الغسال هو عريف الحي في المدينة ، وبرغم نظرة البعض لمهنة الغسال باعتبارها مهنة هامشية لاتكفى لمقابلة منصرفات الحياة الا انها ظلت مثل العديد من تكابد اسباب البقاء .(الصحا فة) جلست لعدد من الغسالين للوقوف على اوضاع المهنة وقابليتها لمواكبة تطورات العصر. عبدالقادر عبد الله من ابناء الدمازين قدم للعاصمة قبل عشرين عاما .. كان عند قدومه فى ريعان شبابه يحمل كل شحنات الامل والطموحات من اجل الحصول على وظيفه يتبارى بعائدها عند العوده الى الديار وهو يحمل لامه كل ما ظلت تحلم به لتفاخر به نسوة البلدة .لكن هذا الحلم لم يستمر كثيرا عندما اصطدم بالواقع ، عندما دخلت الى عبدالقادر وجدته منهمكا فى الغسيل وحوله كوم من الملابس فى الانتظار وبعد التحيه قام بترحيبى بكل بشاشه واشار لى بالجلوس فى مقعده الوحيد ،وقال عبدالقادر انه من الدمازين وجاء الى الخرطوم من اجل العمل ،واشتغل في ايامه الاولى فى شركة للزيوت ببحرى وتم فصله من الشركة وبعدها حاول ان يجد اى وظيفة لكن فشل ،وعندما اغلقت ابواب الوظيفة فى وجهه ماكان لديه اى خيار غير ان يعمل غسالا ليعول اطفاله الذين شارفوا على المدارس ،واضاف عبد القادر ( ان مهنة الغسيل والمكوة صعبة جدا وليس اي زول بقدر يجيدها خاصة مكوة الثوب السودانى والجلابيه ،وعلى الرغم من صعوبتها لاتكفى العائدات والدخل اليومى بسيط للغاية واحيانا لا نحصل على شىء واتعامل بحساب القطعة غسيل ب(30) قرشا والمكوه (40) قرشا للقطعة، ولدى اربعة من الاطفال وهم يدرسون بمراحل مختلفة ولهم طلبات كثيرة اضافة الى المعيشة الصعبة ، (المعاملة مع الزبائن مريحة جدا وتعودنا على بعضنا من سبعة اعوام وحتى اذا بدرت منهم اى اساءة بتحملها لان اكل عيشى فى اياديهم ،واكثر الشكاوى من ثياب الموظفات ) ، ومن المواقف المحرجة عندما نتعرض الى سرقة ملابس بعض الزبائن لا يسألون لكن فى كثير منهم يتمسك بالغرامة وهذه مشكلة بالنسبة لنا مع وضعنا المادى ، اما استخدام مكوة الفحم غير مكلفه لذلك لم نلجأ الى مكواة الكهرباء .ومن الاشياء التى اثرت سلبيا على المهنة ظاهرة الشغالات الحبشيات وغيرهن بالمنازل ازدادت بصورة كبيرة وقديما كانت الشغاله توجد فى بيوت محدده فى العاصمة لكن اصبحن فى متناول اليد اضافة الى اغتناء الغسالات الكهربائيه التى ساعدت على سهولة الغسيل ،ويؤكد عبدالقادر ان مهنة الغسال لاتندثر ابدا بل مهنة تتحدى الزمن . قالت الغساله حسنه ان ظروف الحياة ووفاة الزوج الذى خلف لها ثلاث من البنات وولد دفعها لممارسة المهنة بحكم انها غير متعلمة ، وقالت بدأت الغسيل بالمنازل من العام 1999م عندما قررت العمل حتى تجنب اطفالها الحاجة وهم فى سن صغيرة ،ومضت حسنه قائله (كانت لدى جاره تعطف علينا منذ حياة زوجى لان وضعنا كان بسيطاً للغايه حتى انه لايكفى جميع احتياجاتنا ، فاشارت لى بغسيل الملابس بالحى وهى احد الزبائن وستتفق مع بعض نساء الحي يكونن زبونات ومن هنا بدأت المسيرة حتى اتسعت دائرة الزبائن غير ان لجوء الاسر الكبيرة للغسالات الاجنبيات بات يهددنا رغم ايماننا بان الرزق من السماء لكن هنالك ملامح جفاف في المهنة