ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تذويب ما علق بالنفوس يتطلب إبعاد اجندة الطرف الثالث
عرض كتاب.. العلاقات بين الرزيقات ودينكا ملوال (2 - 3)
نشر في الصحافة يوم 02 - 10 - 2010

رغم ان صاحب هذا الكتاب استهله بامنيته ان يكون (هدى لبنيان وحدوي قوي يساعد في وحدة السودان بأكمله)، الا اننا في (الصحافة) ننشره ليكون عاصما من قواصم انفصال الجنوب الوشيك، وذلك للترابط بين ما يتناوله الكتاب وارتفاع الاصوات المحذرة من ايلولة منطقة جنوب دارفور حيث يتداخل الرزيقات ودينكا ملوال لأن تصير بؤرة أخرى للنزاع شبيهة بمنطقة ابيي، فالبحث المقدم لنيل درجة الماجستير في التاريخ الإجتماعي من جامعة أم درمان الإسلامية في عام 2007 عن (العلاقات بين الرزيقات ودينكا ملوال) يتناول تفاصيل هذه العلاقة في بعديها الاجتماعي والجغرافي بعمق تتيحه المعرفة والمعايشة للمؤلف محمد عيسى عليو ابن المنطقة ورئيس هيئة شورى قبيلة الرزيقات.
ومثلما قدم الكاتب كتابه في ثلاثة فصول فاننا نلخصه في ثلاث حلقات نعرض في الأولى قبائل الرزيقات وكيفية استقرارهم في منطقتهم الحالية مع التركيز على أقسام القبيلة وإدارتها، والمشاكل التي تعيشها. كما نعرض للردود على المزاعم التي اتهمت القبيلة ببعض الممارسات الخاطئة، وفي الثانية نتناول مراحل استقرار قبائل جنوب السودان مع التركيز على قبيلة الدينكا وبالأخص دينكا ملوال، والمشاكل التي وقعت بين الرزيقات والدينكا، والقيم الاجتماعية عند دينكا ملوال والرزيقات. وفي الثالثة نعرض للحديث عن قيم التمازج في القبائل السودانية، واشارات المؤلف إلى التمازج في دارفور، مع التركيز على التمازج والانصهار أحيانا عند الدينكا والرزيقات.
عرض: التقي محمد عثمان
في الفصل الثاني (الدينكا القبيلة والمجتمع) يعرفنا المؤلف على أقسام قبيلة الدينكا الرئيسية وهي:
1. دينكا ريك و يسكنون منطقة التونج ببحر الغزال وأهم سلاطينهم مادوت مدوين فريك والد الدكتور توبي مادوت? والسلطان أروب والد نائب رئيس الجمهورية السابق جورج كنقور أروب ومن أبناء هذه القبيلة السياسيين البارزين وليم دينق من قادة حزب سانو.
2. دينكا أقار ويعيشون في منطقة رمبيك ومن أبنائهم بروفسور موسس مشار نائب سابق لرئيس الجمهورية.
3. دينكا نقوك .
4. دينكا أتوت ويسكنون منطقة يرل.
5. دينكا قوت ويسكنون منطقة شوبيت.
6. دينكا بور ويسكنون منطقة بور ومن أشهر قادتها الراحل دكتور جون قرنق وأروك طون أروك، ومن أبنائها عبد الله دينق نيال وهو من المسلمين النشطين تقلد عدة مناصب عليا في بداية حكومة الإنقاذ.
7. دينكا أبيلنق ومنطقتهم الرنك.
8. دينكا تج ومنطقتهم قوقريال ومن أهم أبناء هذا الفخذ علي الإطلاق كاربينو كوانين أول من أطلق الرصاصة الأولي لتمرد 1983م وهو الذي توج جون قرنق رئيساً للحركة الشعبية ومن سخرية القدر أن مات برصاصة حركته التي أسسها ومن أبناء هذه القبيلة الوزير السابق بونا ملوال.
9. دينكا أون شان ويسكنون منطقة قوقريال ومن أبناء هذه القبيلة الفريق سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الحمهورية الحالي.
10. دينكا ألياب ويسكنون منطقة يرل ومن أبنائها الأسقف قبريال رورج وزير الدولة السابق بوزارة الخارجية.
11. دينكا شمال بحر الغزال ويتفرعون إلي هجير ودينكا ملوال ودينكا فليبنق ودينكا بليت وهم يتاخمون حدود الرزيقات الشمالية وهم المستهدفون في هذا الكتاب. ومن أشهر سلاطينهم رنج الوال بمريال باي وتربطه علاقة صداقة مع الناظر محمود موسي مادبو، ومن سلاطينهم السلطان الروب كوات ومنطقته السكة حديد ويشاركه في هذه المنطقة السلطان عبد الباقي أبيي أكول وعاصمته مضول وهو من السلاطين الجنوبيين المسلمين. ومن أبناء هذه القبيلة السياسيين المعروفين ألدو أجو أكول. ويعد الدينكا من القبائل الزنجية الكبيرة التي تقطن السودان الجنوبي، شواطئهم تتفاوت في الانحدار من مكان لأخر وهي أكثر ارتفاعاً من بلاد الشلك وبلادهم بها جزر كثيرة لعبت دوراً في حمايتهم من الأعداء .
ويشير المؤلف الى ان السلطة عند الدينكا تنقسم إلى الآتي: زعيم الحربة المقدسة وهو الأب الروحي وبان موت زعيم الماشية وقائد الحرب، وبان راب وهو زعيم الطقوس السحرية والمسئول عن طرد الطيور التي تهاجم الزرع، وبان دي راك وهو خبير صيد الأسماك.وهناك طبقات المعالجين وطبقة المهتمين بتربية الماعز.
موقع مناطق دينكا ملوال:
تقع منطقتهم بين خطي عرض 10-8.5 شمال وخطي طول 26.5-28.5 شرق وتنقسم قبائل دينكا ملوال إلي ست زعامات أساسية وهي التي تشكل محور الجوار مع الرزيقات بما يسببه هذا الجوار من سلب وإيجاب وهم:
1- السلطان أكونج رنج اللوال منطقته مريال ياي.
2- السلطان أدور أروب منطقته قوق مشار.
3- السلطان أشين أشي منطقته أنقوري.
4- السلطان بول دينق فينق ومنطقته دوليت.
5- السلطان مطوك دبيين وول ومنطقته أرباط وأطوطو.
6- السلطان أبرام البينو أكوت ومنطقته نيام ليل.
هؤلاء كلهم عاصمتهم الكبري أويل تقع في خط السكة حديد بين بابنوسة وواو. وعموماً فإن منطقة دينكا ملوال بصفة عامة تقع بين نهري اللول ونهر كير (بحر العرب) وملوال في لغتهم تعني الأحمر والقبائل الجنوبية الأخرى تسميهم بالغرباء. وهذا مدعاة للبحث عن أصول دينكا ملوال فلربما تكون لهم علاقة دم مع العناصر العربية أكثر من القبائل النيلية الأخري. وبهذا التقسيم الطبيعي الذي أوجدهم بين النهرين فالذين في الشمال تسموا بقائدهم ملوال أكوت تونق والذين في الإتجاه الجنوبي من نهر اللول سموا بقائدهم ملوال جارنق Malwal Jarngang.
العلاقات بين الدينكا والرزيقات
قامت بعض المناوشات الفرعية ما بين بعض بطون الرزيقات وبطون من الدينكا ولكنها لم تكن مناوشات شاملة كحروب الرزيقات مع الفور وأن حروب الرزيقات والدينكا لم تكن للسيطرة أو اغتصاب الأرض وإنما بسبب الانتفاع المؤقت منها. ومن الحروب التي وقعت بين بعض أطراف من الدينكا والرزيقات معركة الصمدة والمقلمة في القرنين الثامن والتاسع عشر الميلاديين ولكن في القرن العشرين وقعت معركة دسوسة عام 1913. والتي استغل فيها الدينكا انشغال الرزيقات بحروب الفور فهاجموا الحدود الجنوبية للرزيقات منطقة بحر العرب. ثم وقعت بعد ذلك بفترة طويلة معركة الطرور أبو شوك عام 1944م، ثم معركة سفاها عام 1976م، ومعركة بقيلة ضواحي بحر العرب حول منطقة سفاها عام 1986م. هذه المعركة بالذات تدخلت فيها قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان، ثم قاد الراحل كاربينو كوانين معركة أخرى ضد بعض بطون الرزيقات عام 1998م.
ورغم هذه الحروب السالفة الذكر إلا أن الغالب الأعم هو الجيرة الجيّدة بين الرزيقات والدينكا والتي تتصف بحسن الجوار والوقوف مع الصديق وقت النكبات، فإذا استثنينا استغلال الدينكا لظرف الرزيقات الحربي ضد الفور وقيامهم بمعركة دسوسة عام 1913م. نجد أن الدينكا دائماً كانوا يوفرون ملجأ آمناً للرزيقات في حربهم ضد الفور، كانت كل العلاقة تخضع للأعراف بين القبيلتين والتي تنفذها تماماً الإدارات الأهلية بحذافيرها. كما أن العلاقة الشخصية لآل مادبو مع سلاطين الدينكا كالسلطان رنج الوال المميزة كانت دافعاً قوياً لاستقرار الأمن بين القبيلتين. صحيح أن هناك اختلاف في وجهات النظر في أحقية قطاع بحر العرب والانتفاع منه، وهذه كانت سببا لبعض المناوشات الحربية ولكن الإنجليز عقدوا لذلك عدة اتفاقات منها اتفاقية عام 1918م والثانية عام 1924م والتي لم تلبِ رغبات الدينكا ولكنها عدلت في اتفاق عام 1936م حيث نظمت الاستفادة الموسمية حول منطقة بحر العرب للقبيلتين بفترات موسمية محددة هذه التعديلات أرضت جميع الأطراف وأمنت على أن حدود الرزيقات جنوب بحر العرب 14ميل .
ما عدا ذلك كانت علاقة الرزيقات والدينكا طيبة للغاية تم التزاوج والانصهار وتبادلت المنافع والهدايا فيما بينهما، بعض من أفراد الدينكا دخلوا قبيلة الرزيقات ودخلوا في الدين الإسلامي، كما أن هناك رزيقات ذابوا في المجتمع الدينكاوي بل كادوا أن يكونوا من ملتهم وظلوا يعيشون مع الدينكا هناك في ديارهم . بل أن الرزيقات عندما تضرب ديارهم موجات الجفاف يزحفون إلى مناطق الدينكا الغنية بالمياه ويظلون في حماية سلاطينهم وهكذا الدينكا عندما يزرعون أراضيهم مبكراً عند هطول الأمطار في شهري أبريل ومايو وينتهون من نظافتها تماماً في شهري يونيو ويوليو ييممون شطر دار الرزيقات ليساعدوا أهلهم الرزيقات في زراعتهم الموسمية سواء بالأجرة أو بالمشاركة وهكذا دواليك.
عندما قامت الأحداث في الجنوب في 18/08/1955م، وزحفت في أوائل عام 1964م إلى منطقة دينكا ملوال وأغلقت راحت مناطق مريال باي وقوق مشار وضايقت السلطان رنج الوال هاجر هذا السلطان ودخل في كنف ناظر الرزيقات حيث أكرم وفادته وأمنه في ماله وأهله وبني له بيوتاً كثيرة من القصب على حساب الرزيقات وكان بعضاً من الرزيقات يحتكمون لمحكمة السلطان رنج الوال في الضعين بجوار محكمة الناظر محمود موسى مادبو الذي كان يلقبه الدينكا بأبو الخير مطر فكان في جوده نحوهم يصفونه كأنه مطر ينزل عليهم. ومن كرمه أن منح الدينكا قطعة أرض خاصة به لتكون كنيسة لهم يتعبدون فيها وظلت هذه المنحة إلى يومنا هذا، لم يفعل الرزيقات. هذا المعروف إلا رداً لجميل الدينكا الذين وقفوا معهم أثناء محنهم أمام سلاطين الفور.
السلطان وال دور جوك دفع ابنته لصديقه الناظر مادبو علي زعيم الرزيقات، كما أن السلطان الروب بيونق أهدى ابنته لصديقه الناظر على الجلة زعيم المسيرية، والسلطان جوان مريال أهدى ابنته للإمام المهدى.
صراع المصالح:
رغم الرابطة القوية بين الرزيقات ودينكا ملوال من خلال خلق الصداقات بين الزعامات بين القبيلتين. إلا أن المصالح كانت دائماً تسبب كثيراً من الاحتكاكات بينهما خاصة اذا إرتبطت هذه المصالح بشريان الحياة وهو الماء، فإن بحر كير (بحر العرب) أراد الله أن يقع هذا البحر في الحدود تماماً بين القبيلتين وهذا بدوره جلب صراعاً مريراً بين القبائل سواء بين الرزيقات والمسيرية الذين علي طرفه الجنوبي الشرقي وقد وقعت بينهم معارك عدة لاسيما في القرن السابع والثامن عشر الميلادي أو مابين الدينكا والرزيقات من جهة أخري. بسبب هذا النهر الذي وقع داخل منطقة الرزيقات حسب خارطة الحدود التي وضعها الإنجليز جعل الدينكا يتململون من الاعتراف بهذه الحدود لسبب واضح، وهو أنهم يريدون بحر كير يكون ضمن حدودهم لغناه بموارده الطبيعية في فصل الصيف فقد ذكر ضيو مطوك في كتابه الرزيقات والدينكا ودور الطرف الثالث أن الحدود التي وضعها الاستعمار لم يكن الدينكا طرفاً فيها ويقول إن علاقة الدينكا مع الحكومة الإنجليزية لم تكن طبيعية ويقول إن الإنجليز اعتبروا أن المنطقة الغنية بالحشائش هي الحدود بين الرزيقات والدينكا. وهذا غير صحيح، وهو يعني أن الإنجليز استهدفوا المرعى لبهائم الرزيقات حتى إذا كانت داخل حدود الدينكا لهذه الأسباب أصبحت منطقة بحر العرب منطقة شد وجذب منذ أيام الاستعمار الإنجليزي فكانت اتفاقية ساقيل برقس، واستوت 1918م أعطت الرزيقات حق الرعي أربعين ميلاً جنوب بحر العرب حيث رفضها الدينكا وبسببها دخل بعض قادة ملوال السجون وتم نفي البعض إلي بورتسودان. ثم قامت اتفاقية 1924م وسميت بإتفاقية فرو واتيلي وهي عبارة عن تعديل لاتفاقية عام 1918م وكانت هذه الاتفاقية قد نجمت عن عقد مؤتمر عقد في سفاها في 22/4/1924م ومن قرارات هذا المؤتمر حسم دور الرزيقات بأربعة عشر ميلاً جنوب بحر العرب (بحر كير) وأن يحتفظ الدينكا بأبقارهم جنوب بحر العرب، ولكن يمكن أن يصطادوا الأسماك فيه شريطة أن لا يذهب العرب لمنطقة ملوال لا للصيد، أو أي غرض آخر إلا لبيع الأنعام. ثم أردف المسئولون باتفاقية آخري 1935م وأيضاً منحت الرزيقات حقوقهم أربعة عشر ميلاً جنوب البحر ولكن كل هذه الاتفاقيات لم تمنع من وقوع الاحتكاكات بين بعض أفراد القبيلتين فوقعت مشكلة 1944م وسميت بمعركة الطرور أبو شوك. ولكن قيادة القبيلتين ما فتئت تلعب دورها الإيجابي في حصر المشكلة في أضيق نطاق. ثم أعقبتها معركة البطحة عام 1975م وتقع هذه المنطقة في داخل حدود الدينكا وسبب المشكلة هو تعدي الرزيقات علي الغابة المحظورة مما جعل السلطان رنج الوال يوقع عليهم عقوبة قاسية الأمر الذي رفضه الرزيقات فتقدموا باستئناف لمحكمة واو فألغت المحكمة العقوبة فغضب السلطان رنج فاعتدي الدينكا علي الرزيقات إرضاءً للسلطان فمات اثني عشر رجلاً. لمعالجة هذه الحادثة عقد مؤتمر سفاها? (سماحة) في صيف 1976م وسماحة تتبع لحدود الرزيقات لكن السلطان رنج تلكأ في الاستمرار لحضور الجلسات زاعماً إنه ناظر ولكن الرزيقات لا ناظر لهم فقد حلّت إدارتهم منذ عام 1971م لذلك لا صنو له يتحدث معه من الرزيقات. ولما كان رنج يعرف الرزيقات جيداً انتقد الذين حضروا ليفاوضوه فنعتهم بمهنهم المتواضعة مما أوغر صدورهم. وهكذا فقد أجل المؤتمر ولكن صداماً مسلحا قد حصل بسبب إطلاق نار كثيف من القيادة الجنوبية في الجهة الجنوبية من بحر العرب بأوامر من القائد مكور أليج لانه تخوف من عروض الرزيقات أمام المؤتمر وهم علي صهوات جيادهم في منطقة مهد الجاموس. مات في هذه الحادثة نفر عزيز من الفريقين ما كان ليموتوا لولا فقدان الثقة بين الأطراف. وهنالك حوادث متفرقة أخري فقدت فيها أرواح عزيزة آخري من القبيلتين كصراع الجلكو - طمبرة التونج مريدي عام 1982م ثم حادث أريات عام 1984م الذي قتل فيه عشرة من أبناء الرزيقات التجار هناك، ثم حادث آخر في عام 1985م في نفس المنطقة حيث اعتدي بعض الرزيقات علي دكادك الدينكا انتقاماً لقتلاهم ثم قام بعض أبناء الدينكا في منطقة الشلكو بعد فترة قليلة من اعتداء الرزيقات بالاعتداء انتقاماً وثأراً لقتلاهم .
واستمرت الحوادث الدموية تتواصل فكان حادث نيام ليل حيث ذبح الدينكا مجموعة من أبناء الرزيقات التجار ومثَّلوا بجثثهم .
وبعد ذلك تدخلت الحركة الشعبية بقوة مع الدينكا وأمدتهم بالدعم اللوجستي كما يقول السلطان ضيو مطوك في كتابه الرزيقات والدينكا ودور الطرف الثالث. فإن الدينكا التحقوا بالحركة الشعبية وتم تدريب أبنائهم إلا أنه قال ولكن الحركة الشعبية ذهبت بعيداً بأبناء الدينكا إلي مواقع أخري ولم تتركهم يواجهون الرزيقات وعلي كل كان دعم الحركة الشعبية وآضحاً حيث تغيرت موازين القوى فكانت حادثة بقيلة 1986م والفنقو نوير 1987م ثم حادثة هجليجة 25 مارس 1987م وكانت الأضرار كبيرة علي الرزيقات في هذه المواقع الأخيرة وهذه الحادثة بالذات والتي سميت بحادثة الدبابة كان سببها الأساسي محاولة توغل الحركة الشعبية داخل حدود الرزيقات فيما بعد بحر العرب شمالاً لاختراق الحدود الجنوبية للشمال السوداني وهذه الحادثة أيضاً هي التي أشعلت الفتنة في الضعين والتي بسببها تم حرق بعض مواطني الدينكا في محطة القطار والتي سببت هجمة شرسة علي الرزيقات من الإعلام الغربي وبعض الكتاب السودانيين كالدكتورين بلدو وعشاري. استمرت المناوشات بين بعض أفراد الرزيقات وأفراد الدينكا سنين عددا فكان حادث مشروع أم عجاجة 1988م ثم حادث تلقونا 1997م وحادث نيام ليل 1998م . تلاحق هذه الأحداث المتتالية يؤكد أن ميزان القوى بدأ يتغير بعد دخول عنصر الحركة الشعبية العسكري.
ويخلص من كل هذه الحوادث إلي الآتي:
1. أن معظم هذه الحوادث وقعت في داخل حدود منطقة الدينكا.
2. أن دخول الرزيقات إلي هذه الحدود بدافع الاستفادة من خيرات الجنوب كالصيد والإتجار في الأخشاب أو تبادل المنافع مع المواطنين الدينكا إذ لا تتوفر للمواطنين الدينكا في هذه المواقع القصية المواد التمويلية كالسكر والشاي والملح فالرزيقات يغامرون بالدواب لبلوغ تلك المناطق فما أن تقع مشكلة في مكان ما إلا وكان الانتقام من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة الذين صادف تواجدهم بالقرب من أهل الثأر من الطرفين.
3. كل هذه المواقع التي وقعت فيها الأحداث تبعد بعيداً عن مكاتب الإدارات الأهلية والشرطة.
لذلك فأن الاستبيان الذي قدمه ضيو مطوك لقيادة القبيلتين طبيعي جداً أن ينتهي لتوصيات مفيدة إن عمل بها تقلل من هذه الاعتداءات التي تروح ضحيتها المئات من الأنفس السودانية والتوصيات هي :
1- إبعاد أجندة الطرف الثالث ويعني بذلك الحكومات في الشمال والجنوب والحركات المسلحة والمنظمات.
2- عدم إشعار الناس بأن المشكلة كأنها بين الشمال والجنوب.
3- فقدان التنمية وعدم فتح الطرق أسباب أساسية للمشاكل.
4- التطور السريع في الصراع لا بد من حسمه حتي لا يتفاقم الأمر.
5- إعادة المخطوفين من الطرفين أثناء الحروب.
وأشار إلى الحلول الآتية:
إنشاء جسم مشترك لحسم القضايا الخلافية.
تقديم الدراسات التنموية.
تفصيل دور المنظمات تفصيلاً إيجابياً.
عودة الخبرات السابقة للإدارة الأهلية وتأهيلها.
البحث عن بدائل للمراعي الضيقة وهي سبب المشاكل.
إحياء الأسواق الحدودية.
تفعيل دور التمازج بين المجتمعات وتذويب ما علق في النفوس.
ويشير الكاتب الى أن مناطق التماس لقبيلتي الدينكا والرزيقات قد تأثرت للغاية من جراء الحرب التي قادتها الحركة الشعبية من فقدان للأنفس، وضياع الثروة الحيوانية والاقتصادية بحكم أن معظم المعارك الحربية مع الجيش السوداني كانت مسارحها هذه المناطق، أضف الى ذلك تدمير العلاقات الاجتماعية السابقة بدافع تسييس وعسكرة أبناء هذه القبائل التماسية سواء من حكومات الشمال أو قيادات الحركة الشعبية، ويرى الكاتب أن المطلوب الآن من قيادات الدينكا وأبناء الرزيقات العمل على تعويض هذه الكوارث، وبذل الجهود لإعادة ذرع الثقة من جديد بين هذه المجتمعات، وإقرار نفرة مارشال تنموية لهذه المناطق حتى نستطيع تعويض ما فات.
{}{


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.