على شرف اليوبيل الذهبي لكلية التربية جامعة الخرطوم اقام قسم التاريخ محاضرة بعنوان «المكتشفات الاثرية جنوبالخرطوم على النيل الابيض» قدمها البروفسير خضر آدم عيسى استاذ التاريخ القديم والآثار بالجامعة. أدار الندوة وقدم لها الدكتور أحمد الياس. استهل الدكتور مجتبى علي ابراهيم رئيس قسم التاريخ حديثه مرحباً بكل الضيوف خاصة الذين جاءوا من جامعات أخرى. جامعة الزعيم الازهري، جامعة شندي، جامعة البحر الأحمر. أما عميد الكلية د. جعفر محمد دياب بعد ترحيبه بالحضور، ابتدر حديثه بأن هذا المنبر سوف يعقد شهرياً وسوف توفر له ادارة الكلية كل التسهيلات والمعينات لأن في ذلك اثراء للحياة المعرفية ولأن للجامعات دورا خارج قاعات الدرس وذلك بامتدادها على المجتمع والتفاعل مع قضاياه والحفاظ على عاداته وتقاليده وتراثه الثقافي. كما ان علم التاريخ يتناول جميع جوانب الحياة البشرية. ابتدر د. خضر آدم عيسى بترحابه بكل الحضور وانه يشجع مثل هذه المحاضرات لما فيها من معرفة ومعلومات تهم المتخصصين وغير المتخصصين ويرى انه حتى العام 1997م كانت المسوحات المعرفية والاثرية يقوم بها الاجانب ولم توجد مسوحات اثرية معرفية سودانية بحتة. وبدأ هذا العمل منذ 1997م. البعثات الاثرية التي يقوم بها الاجانب مدتها دائماً قصيرة لأنها مرتبطة بمصالحهم، لقد رصدنا مجموعة من المناطق الاثرية في منطقة القطينة ومنطقة جبل اولياء فوجدنا مبنى كنيسة في القطينة ووجدنا في ضريح ود العركي ان الطوب يرجع إلى الفترة المروية. عند انحسار النيل يأتي الاهالي للبحث عن الذهب وبعد دراسته وجد انه يرجع إلى الفترة المروية ومملكة نبتة ووجدنا كذلك تماثيل صغيرة جداً، صليب من الذهب الخالص وفخار يرجع إلى الفترة المروية. في منطقة الكوة وجد السماكة مصوغات ذهبية مثل العقرب وكذلك مجموعة من القوايش وقمنا بدراسة هذه الآثار ووجدنا ان تاريخها يرجع إلى العام 1525م قبل الميلاد ولذلك لا ندري إلى أين امتدت الممالك السودانية القديمة ويمكننا القول في الوقت الراهن انها امتدت حتى الكوة ولكن قد تأتي دراسات أخرى تثبت امتدادها جنوباً. بدأ هذا المشروع بمسوحات منتظمة من الكلاكلة مروراً بالقطينة والجزيرة أبا ومازال المسح مستمرا. وفي منطقة جبل أولياء عثرنا على ما يزيد على 50 موقعا أثريا ، وفي منطقة القطينة عثرنا على فخار ملون لأول مرة وهو مشابه تماماً لما وجد في منطقة النقعة وكذلك عثرنا على أواني فخارية تشير إلى وجود الدولة المروية في تلك المناطق، وعزز ذلك الاواني الفخارية التي وجدت في مشروع سندس الزراعي وكذلك في منطقة ود جار النبي وجدنا مقبرة ترجع إلى العصر المروي والشخص المتوفي يلبس خاتما صغيرا من البرونز. حاولنا ان ننقذ ما يمكن انقاذه في جنوب الكلاكلة. فمشروع سندس والمشاريع الأخرى أكبر عوامل تدمير للآثار. ان ادارة مشروع سكر النيل الابيض على استعداد للقيام تلك الأعمال الاثرية وبدأنا المسح الاثري في منطقة النيل الأبيض في مناطق الهشابة - والسيال وأم حلاقيم التي توجد بها منطقة أثرية، وطلبنا من أساتذة الفولكلور جمع كل ما يقال من تلك المنطقة. قسمنا منطقة أم حلاقيم لمربعات حيث وجدنا مدفنا للشيخ ومعه عشرة من الشيوخ وهذا يعتبر من الامثلة المهمة جداً. وكذلك وجدنا جبانة بها شخص وبعض الأواني لاعتقاد الناس في الحياة الأخرى وكل الاشياء التي تساعده في المأكل والمشرب التي تساعده ليوم البعث وهنالك العديد من المواقع التي تم اكتشافها بها العديد من الادوات مثل السكسك وأدوات الزينة. ان علم الآثار يرتبط بالعلوم الأخرى فكل فترة تاريخية تتميز بنوع معين من الفخار وكل فترة تاريخية لها خصائصها ومميزاتها. ففي فترة العهد النوبي تهتم دائماً بفم الجرة بالاضافة لنوعية الديكور. في منطقة النيل الابيض هنالك ديكور غير موجود بمنطقة الشمالية وكذلك في مناطق خشم القربة والجزيرة وعرضت هذه النماذج على مختصين في فرنسا فاجمعوا على انه نوع فريد من الفخار. وواصلنا المسوحات خارج سكر النيل الابيض ومشروع كفرة قبالة الجزيرة أبا واكتشفنا مجموعة من المواقع جنوب الكوة كثرة الأواني المنزلية تدل على ان تلك المناطق كانت مسكونة وهنالك مشاكل محلية وهي ان الأهالي يستخدمون التراب لصناعة الطوب وهذه تنمية ولكن ينبغي ألا ندمر المواقع الاثرية لأنها ذاكرة الأمة. وكانت بالمحاضرة مجموعة من المداخلات أثرت المحاضرة كثيراً.