فور عودته من اجتماعات اديس الأخيرة ضمن وفد الحكومة في مفاوضاتها مع الحركة، وقبل أن يلتقط انفاسه استعداداً لمهمة جديدة فيما يتعلق بمفاوضات الدوحة، جلست (الصحافة) إلى وزير الدولة برئاسة الجمهورية ورئيس الوفد الحكومي بمفاوضات الدوحة دكتور امين حسن عمر، وقلّبت معه عدداً من الأوراق والملفات الساخنة التي تمور بها الساحة السياسية.. د. أمين أجاب بصراحته المعهودة على اسئلتنا، التي فاقت سخونتها سخونة ردوده الحادة في كثير من الأحيان، منافحاً عن موقف حزبه الحاكم تجاه العديد من القضايا الشائكة والمتشابكة، ما بين قضية دارفور ومفاوضاتها التي قاربت على الإنتهاء، وقضية أبيي التي وصلت المفاوضات فيها إلى طريق مسدود، برغم أن الرجل يثق في أن اللقاءات المباشرة بين الحركة والوطني، كفيلة بحل معظم الخلافات، طالما توفرت النوايا الصادقة.. وبعكس الكثيرين من المتخوفين والمشفقين، أبدى د. امين تفاؤله من تبعات عملية اجراء استفتاء الجنوب، ولم يرَ داعي للخوف، واصفاً أحداث الاثنين الأسود بأنها في نهاية الأمر لم تكن «كارثية» بذلك الشكل المرعب.. كما تطرق في حديثه معنا لموقف الحكومة الواضح تجاه حركات دارفور الرافضة للتفاوض، وأيضاً وضع حركة مناوي عقب انتهاء أجل ابوجا..مستصحباً الأحداث الأخيرة حول ايقاف راديو دبنقا المرتبط بقضية دارفور، قاطعاً بتقديم المتورطين في القضية للمحاكمة لتهديدهم الامن القومي للبلاد.. وتطرق الحوار للعديد من القضايا.. وهنا رصد كامل له.. { تعويل الحكومة على إستراتيجية حل دارفور أدت إلى عرقلة التفاوض في الدوحة خاصة وأنها أكدت على أهمية التحاور الداخلي الشئ الذي أبدت معظم الحركات الكثير من التحفظ عليه؟ -الخطوات تمضي متزامنة لكننا إتفقنا قبل ذلك في الإستراتيجية التي تعني تنظيم خطة الحكومة في كل الإتجاهات ولا تناقض من عمل حوار داخلي وحوار مع المجتمع الدولي، ولكن ذلك لا يمنعنا من التحاور مع الحركات المسلحة . وليس صحيحاً أن مفاوضات الدوحة لم تنتج شيئاً فقد إتفقنا على أكثر من ( 90%) من بنود التفاوض لكننا إتفقنا قبل ذلك لا نوقع إتفاق ثنائي وإتفقنا مع حركة التحرير والعدالة بعدم جدوى الإتفاق الثنائي وأنه يجب توقيع إتفاق يتواثق عليه كل أهل دارفور بما يحقق مطالبهم لذلك جعلنا الوثيقة مفتوحه ستطرح على أهالي دارفور في منابر مختلفه ، الوساطه من خلال خلاصات التشاور ستعد مسودة الإتفاق النهائي بعد أن تقيم الوساطه كل الجهود المبذوله في مسار التشاور والتفاوض والوثيقه ستكون مفتوحه لمن رغب في الإنضمام إليها . ولا يعني ذلك التوقف عن جهود التنميه والمصالحات القبليه في إنتظار توقيع الإتفاق النهائي منتصف دسيمبر القادم . وإذا جاءت حركات مسلحة ووضعت السلاح رغبةً منها في دخول تفاوض مع الحكومة سنتفاوض معها كما حدث في جبل مون . وهي جهود متسقه لا تحمل أي تناقض.سيتم التوقيع مع حركة التحرير والعدالة ، وإذا رغبت حركة العدل والمساواة في الإنضمام ف( خير وبركة ) وإذا لم ترغب فلن ينتظرها أحد . { مع أي فصيل من حركة التحرير والعدالة ستوقعون الإتفاق ، بعد الإنقسام الأخير في صفوف الحركة ؟ - لم نسمع بأن حركة التحرير والعدالة قد إنقسمت ، ماذا يعني خروج شخص أو شخصين من الحركة أو ثلاثة أصدقاء ، نحن نعرف مع من نتفاوض وندرك جيداً قيمة الموجودين في المنبر ومن لهم وزن على الأرض ، فليخرج من شاء ويصبح معارضاً سياسياً هذا لن يضيرنا في شئ . هناك تقاطعات إقليميه ومدى تجاوب السكان المحليين معها ، نحن دولة نتعامل بمسئوليه لا نهون الأمور حتى نتعدى الزعزعه التي قد تحدثها كما لا نهول منها بحيث تتعدى إستعداداتنا أكبر من التقدير السليم للأمور .فإن خرج محجوب حسين أو غيره لن يغير من الشخصيه الإعتباريه لحركة التحرير والعدالة التي وقعنا وسنوقع معها . ومن نزل من القطار « مع السلامة « { لكن ذكرت مضى التفاوض بدون الحركة ذات الوزن العسكري على الأرض أهكذا يكون الحل لمشكلة دارفور ؟ - في البداية نحن لم نقل أن العدل لا تملك الوزن العسكري على الأرض لكننا سنمضي من غيرها ولو كانت لها الجيوش المجيشه ، فمن غير الجائز أن نرهن السودان بيد حركة العدل . مثلما أن قوة حركة العدل العسكريه مبالغ فيها فالقوة تعني جنود وآليات وخطوط إمداد ، ماذا تمتلك العدل من كل ذلك .صحيح ان هناك قوة عسكريه تشكل إزعاجاً هنا وهناك ولكنها لا تستطيع أن تحدث أي تغيير في مجرى الأمور داخل دارفور أوخارجها .وسيتم التعامل معها بالحزم اللازم في حال إختارت طريقاً غير التفاوض لكننا ندعوها لإختيار طريق السلام الطريق الأول . { إذن الحكومة تعترف بأن العدل تحدث بلبلة أمنية في المنطقه ، وواضح أنها إختارت طريقاً ثاني غير التفاوض بعد الحوادث الأخيرة في منطقة « المجرور « وتعليقها التفاوض في الدوحة ؟ - فلتحدث حوادث ماهي المشكلة مع الحوادث العالم كلة يعيش مع المشاكل في الشيشان حوادث وفي كشمير ونيجريا ، كل الدول تتعايش مع المشاكل وطبيعة الدول تجعلها تتعرض لمشاكل أمنيه داخليه أو خارجيه أو قطاع طرق ونهب مسلح ، ومن قال إن حركة العدل إذا وقعت إتفاقاً لن تحدث خروقات أمنيه من مجموعات أخرى ، هذا أمر موجود ومحتمل الحدوث ، حتى على الصعيد الإقليمي موجود دولة أثيوبيا لديها مجموعات عسكريه تهدد الأمن في منطقه من المناطق لكننا لا نسمع هذه « الولولة « التي نسمعها في السودان ، لا أدري لماذا كل هذا الذعر . { ألا تجد مبرراً للذعر وحركة العدل والمساواة تقتحم أراضي جديدة في جنوب دارفور وشمال كردفان ؟ - أين دخلت ؟ هل دخلت مناطق وفرضت عليها سلطتها ونصبت أعلمتها وأزالت سلطان الدولة ، هي مجرد تيارات تتحرك من مكان لآخر أو عدد من السيارات تتحرك من وقت لآخر هل أصبحت عندها أراضي محررة وميدان تتحرك فيه كما تدعي .، وشكلت تحدياً حقيقياً للحكومة مثلما فعلت الحركة الشعبيه من قبل وإحتلت مناطق في الجنوب وأقامت عليها حكومة مدنية وفعلاً شكلّت وقتها تحدياً حقيقياً للحكومة وتعاملت معها بالجدية اللازمة . { لكن ثمة أبرياء قضوانحبهم نتيجة ذلك الفعل؟ - بالطبع يقضى أبرياء نحبهم في مثل تلك الحوادث مثلما يفعل أي مجرم يمتطي حصاناً أو سيارة ويحدث خللاً أمنياً يروح أبرياء ضحية ذلك الفعل ، ومع ذلك نحن نتعامل معهم وفق عمل الدولة التي لا تعمل معظم الوقت بالقوة القاهرة ، قد تفرض الضرورة في بعض الأوقات التعامل بالقوة الناعمه وإلاّ لماذا تأتي جهه للدولة وتقرر التفاوض معها قطعاً لعلمها بنفوذ الحكومة وسلطانها وإمتلاكها لقوة ناعمه تحسم وتغير بها مسارات الأموروإذا فشلت في ذلك تتعامل بالقوة القاهرة . { رشحت أنباء عن موافقة حركة العدل والمساواة العودة لمنبر الدوحة كيف تنظرون لأمر عودتهم ؟ - لا يعنينا في شئ ، هو مجرد حديث الغرض منه البقاء بصورة مستمرة على وسائل الإعلام نحن لا تهمنا أفكارهم ولا مشاعرهم .نحن موقفنا واضح لن نوقع مع أية حركة بعد منتصف ديسمبر القادم خارج السودان إذا عادوا للدوحة قبل ذلك التاريخ بغير شروط فمرحباً بهم . { ألا تتفق معي أن ما تبقى من وقت لا يكفي للتوصل لإتفاق حول عدد من القضايا العالقة؟ - إذا كانوا جادين عليهم العودة من غير شروط في إطار الإتفاق الموقع معهم ، سبق وأن وقعوا إتفاقاً في إنجمينا تعهدوا فيه بإستعدادهم توقيع إتفاق خلال خمسة عشر يوماً ما الذي جد الآن. { ثمة من يتهم المؤتمر الوطني أنه يقف وراء الإنقسام الأخير في حركة مناوي ؟ - نحن غير مسئولين عن إنقسامات الحركات ، فليتهم من يتهم ، نحن أيضاً لدينا عليهم إتهامات ، ثم هل التهم كافية لإقامة الأدله والبراهين .ليست لدينا مصلحه من إنقسام حركة مناوي ربما إذا أعلن خروجه من الدولة قد نضطر لا نحتاج لأن يكون هذا الأمر سراً بتشجيع كل شخص يخرج عليه ،ام وهو لا يزال ملتزماً بالإتفاق لا مصلحه لنا وليس لدينا « خيار وفقوس « في هذه الحركة العلاقة لا تقوم على الحب ما يجمعنا بها إتفاقية ينبغي الإلتزام بها . ما نعلمه أن مناوي تصرف بعض التصرفات أدت لإعتقاد بعض القيادات معه أن تصرفاته مضرة بهم وهذه ليست المرة الأولى في تاريخ السودان السياسي كما أن الحركات من دأبها الإنقسام لماذا نحتاج لجهد إضافي لجعلها تنقسم ، فهي خارج التفاوض تنقسم وبعد التفاوض تنقسم وهي عادة مستقرة عند هذه الحركات . { لكن الحكومة لم تلتزم بإكمال تنفيذ إتفاقية أبوجا ؟ - لم نلتزم لأن الحركة خرجت عن الإلتزام فهم ملزمون بتنفيذ بند الترتيبات الأمنيه لكنهم لم يفعلوا لذلك حرمناهم من فوائد الإتفاقية . ونحن غير منزعجين الآن من الإنقسام الذي حدث ، فنحن في النهاية دولة تدرك مع من تتعامل بحزم ومع من تتعامل تطيل البال والصبر بما يعتبره الآخرون ضعفاً . نحن ندبر أمورنا بما يرضي شعبنا الذي أعطانا الثقة . { إذاً كيف ستتعامل الحكومة مع حركة تحرير السودان جناح مناوي لإكمال الترتيبات الأمنيه خاصة وأن معظم قيادات الحركة إنشق ومناوي محتمي بعاصمة الجنوبجوبا ؟ -لا يهمنا إن وجد مناوي في جوبا أو في مدني الدولة لديها نقاطها العسكرية لتجميع القوات وعلى جميع أفراد الحركة التجمع في نقاط التجمع تلك في الوقت المعلن لذلك وهو لن نسترضي الخارجين عليه الجميع وقع وعليهم الإلتزام بالإتفاقيه إذا جاءوا موحدين أومقسمين إذا جاءنا جندي واحد في نقاط التجمع سنتعامل معه ، نحن لسنا مطالبين بفرض قيادة مناوي على حركته كما أننا لسنا مطالبين بدعم الخارجين عنه . { تشهد الساحة السياسية الداخلية زخماً وجهوداً دولية تبذل ومفاوضات تبدأ في اديس وتتواصل في الخرطوم لتنتقل إلى فيينا هل تجد الحكومة بداً لكل ذلك من أجل التوصل لحل للقضايا العالقه بين الشريكين أم هو مجرد جبر للخواطر ؟ -اللقاءات كانت مباشرة في كل الأحوال سواء في اديس او في مجلس الوزراء، صحيح كان هناك شهود دوليين عليها، المهم في الموضوع النوايا، إذا صدقت النوايا يمكن التوصل لحلول، لكن إذا ظلت الحركة تأتي وتتوقع فقط أن يتقدم المؤتمر الوطني نحوها وهي ثابتة في مكانها فهذا لن يحقق شيئاً. { الحركة الآن ربما تتفاوض من موقف قوة و... رد مقاطعاً بسرعة : من أين جاءتهم هذه القوة؟ { أقصد على الأقل القوة المعنوية، من خلال أنها تنادي بالانفصال وهو الأقرب إلى الحدوث الآن، بينما فشل الوطني في تحقيق الوحدة؟ - ومن قال إن الوحدة أهميتها للمؤتمر الوطني أكثر من أهميتها لأي حزب سياسي آخر؟ من قال إن الوحدة أهم للشمال أكثر من أهميتها للجنوب؟ من قال إن الوحدة جائزة سيعطيها الجنوب للشمال؟ انا في تقديري أن الوحدة في مصلحة الجنوب اكثر مما هي في مصلحة الشمال، والشمال في الوحدة هو في موقع الذي يعطي وليس الذي يأخذ، ولذلك لا نحتاج أن نسترضي أحداً للوحدة، ولا أن نسترضي شعبنا في جنوب السودان للوحدة، لأنه يعلم تماماً ان كانت مصلحته في الوحدة ام في غيرها.. لذلك اذا كانت الحركة الشعبية تتحدث بروح معنوية عالية كما تقولين، فلا بأس، ونحن نتمنى أن تستمر هذه الروح المعنوية العالية. { ألا يخشى المؤتمر الوطني من أن يهدد الانفصال استمراره في الحكم، بعد نهاية عمر حكومة الوحدة الوطنية؟ - من الذي هو مهدد اكثر في استمراره في الحكم، نحن ام الحركة الشعبية، بالدستور والقانون لن يتغير شئ، الحكومة ستظل موجودة والبرلمان سيظل موجوداً. في الجنوب الأمر مختلف، إذا حدث الانفصال ستنشأ دولة جديدة رئيسها لن يكون منتخباً، لأنه لم يكن رئيساً لدولة بل كان رئيساً لاقليم، ولا يمكن ان يتحول لرئيس دولة، بعكس البشير الذي تم انتخابه رئيساً للدولة، لذا فرئيس الجنوب يحتاج لانتخابات جديدة، وحكومة الجنوب تحتاج لانتخابات جديدة، والبرلمان أيضاً يحتاج لانتخابات جديدة، بالتالي هم من في المحك وليس نحن، ثم أننا لا نخاف من المحك الانتخابي لأننا جربناه ورأينا ثقة الشعب فينا.. الآن اذا حصل انفصال فهم سلطانهم على الناس مهدد، واذا كان الاعتماد على ثقة الناس مهم فعليهم أن يجربوا ذلك، واذا كانوا يعتقدون بأنهم سيقهرون الناس في الجنوب بواسطة الجيش الشعبي فليعلموا ان الجيش الشعبي في نهاية الأمر ليس جيشاً آيديولوجيا، هو جيش يعبر عن مصالح شرائح سكانية متعددة ومختلفة. { لكن الجيش الشعبي يطيع قيادته طاعة عمياء ؟ - من قال ذلك؟! فكم من مرة اصدر القائد أوامر باعتقال اشخاص جاءت جماعات من الجيش الشعبي وحررتهم، والجيش الشعبي نفسه معرّض لانقسامات من داخله، كيف يمكن أن يقال بأنه يستمع للقائد.. الآن هناك مجموعة من كبار قادة الجيش الشعبي في ولاية الوحدة خارجة عليهم، ومجموعة أخرى أيضاً خارجة في جونقلي، ومجموعة ثالثة متنمّرة على القائد، ومجموعة تتمرد على قرارات المكتب السياسي. ثم أن الجيش الشعبي في تكوينه هو أصلاً جيش قبائلي مبني ومؤسس من مجموعات قبلية مختلفة، واي خلاف قبلي سينعكس عليه، وهو لم ينشأ كجيش قومي أصلاً أو آيديولوجي، لو كانت الحركة الشعبية مثلاً حزباً سياسياً اشتراكياً وجيشها جيش أحمر، لقلنا إن الذي يجمع هؤلاء الناس آيديولوجيا معينة، لكن لا الحكومة ولا الجيش يقوم على آيديولوجيا، انما هو تجمّع التعبئة الاساسية فيه ضد الشمال بصورة عامة. ذهب الشمال سننظر اين ستذهب هذه الطاقات الخلافية، هل ستختفي، ام ستتوجه وجهات أخرى.