ظللنا دائماً نحتفي بكل انجاز يحققه أيه كاتب سوداني، دون النظر إلى اتجاهاته، أو ميوله، وكل شيء ما عدا ما يتعلق بمواهبه وقدراته على الإضافة والتجديد في الحقول التى اختارها. وقد كانت جائزة «البابطين» للشعر التي نالها الشاعر محيي الدين فارس عن مجمل إنتاجه الشعري إنجازاً غير مسبوق، طربنا له واعتبرناه انتصاراً لشعراء السودان وإضافة إلى الجائزة المرموقة. ولم يكن انحيازنا لأدبائنا لأنهم من السودان، فهذا الانحياز أمر ممقوت خاصة في مجال الثقافة، بل إن المثقفين في غالبيتهم يتمتعون بروح «رياضية» قل أن توجد في ميادين الرياضة نفسها التي امتلأت بالتعصب والتطرف والعنف والهوس الذي كاد أن يفسد علاقات شعوبنا ببعضها. وقد جاءت من قبل مسابقة أمير الشعراء، والتي تابعها الجمهور العربي في العالم كله. فقد أصبح القول الشائع من المحيط إلى الخليج غريباً، في زمن غاب فيه ملايين العرب من أوطانهم وانتشروا في بقاع العالم، واستطاعت الفضائيات أن تجمعهم على صعيد واحد وقد جاءت البوكر العربية هذا العام لتضع الروائي أمير تاج السر ضمن الستة الأوائل في البوكر بروايته «صائد اليرقان» التي يكتنف عنها الأستاذ عز الدين ميرغني في هذا العدد، وكنا قبل عامين تقريباً قد نوهنا بالقفرة النوعية التي حققها الروائي أمير تاج السر عبر روايته «مهر الصباح ثم توترات القبطي»، واليوم انضمت لمسيرته رواية «صائد اليرقات». والفوز بالجوائز ليس غاية في حد ذاته، ولكنه يصبح من المحفزات للكتاب. وفي يقيني ان البوكر العريقة، وجائزة الرواية العربية التى فاز بها الروائي إبراهيم الكوني وجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي، كلها تصب في هدف واحد، هو تحفيز الكتاب، ولفت الانتباه للكتابة السردية والنقدية المتعلقة بالسرد القصصي والروائي. ولعل جائزة الطيب صالح تحقق هذا الهدف، وتحقق ما كان يصبو إليه الروائي الكبير الراحل من اقامة علاقات ثقافية راسخة بين السودان ومحيطه الاقليمي والعالم. وأن السودان قدره أن يكون متصلاً بالآخرين منذ عهد حضارة مروي مروراً بكل العهود التي مرت عليه.