بحلول السابع عشر من يناير موعد انتهاء اخر استحقاقات نيفاشا واعلان نتيجة الاستفتاء سيفقد السودان 30% من المساحة الجغرافية ونفس الرقم من عدد السكان وهو امر صار محسوما في ظل ترجيح اختيار الجنوبيين للانفصال وتكوين دولتهم الجديدة حاسمين امرهم، الا انه في المقابل فان نسبة ال70% المتبقية من السودان القديم ستظل في حالة شد وجذب ما بين الفرقاء السياسيين في سودان ما بعد الانفصال صراع بدت نذره تلوح في الافق من اجل رفع المعارضة لشعارات التغيير المتماشي مع الذي حدث في الجنوب باجراء اصلاحات دستورية واقامة حكومة انتقالية او« اسقاط النظام » العبارة الاكثر تداولا الان في اروقة المعارضة والمستبعدة من قبل الطرف الاخر المؤتمر الوطني ، قوي الاجماع الوطني او قوي جوبا تتقارب الخطوات بينها بقدر درجة تباعدها حول رؤيتها في التعاطي مع واقع سودان ما بعد الانشطار او الانفصال وفي التعامل مع المؤتمر الوطني في ظل الاوضاع السائدة او تلك التي ستسود في مقبل الايام وان كانت تتفق علي ضرورة وجود صيغة دستورية جديدة في البلاد تختلف حول آلية الوصول اليها وتحقيقها وما يدل علي ذلك ان يوم الاربعاء كان من المفروض ان يكون هو الميقات الزماني لعقد مؤتمر السودان الشامل الذي كان قد اعلن عنه مسبقا الا انه اجل الي وقت لاحق دون الخوض في مبررات التأجيل وتم الاستعاضة عنه بندوة سياسية كان مسرحها دار حزب الامة بامدرمان حضرها معظم قادة الاحزاب السياسية تقدمهم الامام الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي ومبارك الفاضل وسليمان حامد وفاروق ابو عيسي رئيس التحالف وياسر عرمان ومحمد ضياء الدين حزب البعث العربي الاشتراكي وجمال ادريس رئيس الحزب الوحدوي الناصري ومحمد كيمو من الحزب القومي السوداني الذين تبادلوا الحديث في المنصة واعداد كبيرة من المواطنين ومن منسوبي القوي السياسية في ظل ارتفاع اصوات الهتافات المنادية باسقاط النظام هتافات تعلو تارة وتهبط تارة اخري الا ان ثمة اتفاق مابين الجميع فان المؤتمر الوطني يتحمل وزر الانفصال وغياب الديمقراطية وارتفاع الاسعار وتفاقم أزمة دارفور. اول المتحدثين كان هو رئيس قوي الاجماع الوطني فاروق ابوعيسي الذي حمل المؤتمر الوطني مسؤولية تردي الاوضاع في السودان واكد علي استعداد قوي المعارضة يسندها الشعب لاسقاطه وتحرير الوطن من هذه العصابة، واعتبر اتجاه الجنوبيين نحو الانفصال بانه اتجاه عقلاني للهروب من جحيم هذه الحكومة بالرغم من مرارة هذا الاختيار، وحذر ابوعيسي من العودة بعجلة الزمن للوراء في اشارة لحديث القضارف والاعتداء علي الانصار في الاسبوع الماضي وزيادة الاسعار، وقال انهم يطالبون الحكومة بتحمل مسؤوليتها والموافقة علي عقد المؤتمر الدستوري باعتباره خارطة الطريق للخروج من هذه الأزمة والا فان لهم خطوات اخري سيتخذونها حيال هذا الواقع هي العمل علي اسقاط هذا النظام ،وهو الامر الذي يمتلكون ادواته الان وفي اتم الاستعداد من اجل تصفية النظام واقتلاعه من جذوره، وندعوه لان يرفع يده عن هذا الوطن الان قبل ان يختم حديثه بانهم سيمنحون الحكومة مهلة بعد الانفصال . محمد ضياء الدين الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي حدد آليات حزبه في ضرورة اسقاط النظام عبر المواجهة المباشرة قبل ان يطرح تساؤلا حول مدي قدرة القوي السياسية علي انجاز هذا الامر في الوقت الحالي وهو امر رهين بمراجعة تجربة التحالفات السياسية منذ التجمع الوطني الديمقراطي حتي قوي جوبا من اجل تصحيح المسار، واضاف كمعارضة نحن مطالبين بان نكون صادقين مع انفسنا وبعيدين عن التعاطي الفردي مع المؤتمر الوطني تحت أي لافتة والا فان الامر لن يأتي بجديد خصوصا بعد الدعوة لقيام حكومة قومية وهي لاتعدو ان تكون سوي محاولة من النظام لاحتواء القوي السياسية في النظام اسوة بتجربة حكومة الوحدة الوطنية ، كمال عمر الامين السياسي للمؤتمر الشعبي بدأ حديثه بالرد علي ما اطلقه محمد ضياء الدين وقال انهم في المؤتمر الشعبي قد حسموا موقفهم من التعامل مع النظام وان السعي لاسقاطه صار هو الاستراتيجية الاولي والاخيرة للحزب والذي يلتقي مع قوي الاجماع في نفس التوجه الذي تفرضه ضرورات المرحلة قبل ان يشن هجوما عنيفا علي النظام ووصف اهله بممارسة التنطع الفكري والبعد عن الدين وانهم خصم علي المشروع الاسلامي، واضاف ان كل مبررات سقوط هذا النظام توفرت علي الارض وتنتظر فقط التحرك لانجازها قبل ان يقول اننا اكثر من نعلم عن هذا النظام وعن اهله وجهزنا استراتيجيات المواجهة قبل ان يسخر من الدعوة لخروج العقارب التي قال انهم يعلمون اين جحورها وسيقتلونها في الوقت المناسب، واكد علي ان قوي جوبا تسير وفقا للخطة المرسومة في التعامل مع النظام بترجيح كفة الاسقاط الا ان نفس التساؤلات التي كان قد طرحها متحدث البعث رددها رئيس الحزب الوحدوي الناصري الدكتور جمال ادريس هل الاتفاق علي اسقاط النظام هو المبدأ الذي اتفقت عليه كل القوي السياسية ام اننا سنفاجأ في الايام القادمة بجلوس بعض القوي في طاولته وانه قد اتصل بهذا الحزب وذاك قبل ان يضيف ان وحدة القوي السياسية حول هدف اسقاط النظام هي الترياق الوحيد لعودة الحقوق المسلوبة ولقطع الطريق امام تفتيت ما تبقي من الوطن وانجاز التحول الديمقراطي الحقيقي، وقال علي القوي السياسية الا تسعي من اجل ملء المقاعد التي خلت بذهاب الحركة الشعبية بقدر ما عليها الاستمساك بعروة الشعب فهو وحده القادر علي انجاز التغيير من تجاربه السابقة ولن ترهبه تهديدات النظام وشرطته ،وقال علي المعارضة تبني اسلوب تعرية النظام من خلال فتح ملفات فساد الاشخاص وما اكثرهم في منسوبي النظام وفي اتجاه اخر اتصل الاستاذ علي محمود حسنين من مقر اقامته في لندن واكد علي التزام الجبهة الوطنية بكل مقررات قوي جوبا الساعية لاسقاط النظام بعد الهتافات استلم المنصة القيادي بحزب الامة مبارك الفاضل الذي قال انه عاد لعرينه في حزب الامة من اجل قيادة سفينة النضال واعادة الحقوق الي اهلها، مشيرا الا ان حدث مثل انفصال الجنوب وما يفرزه من تداعيات يتطلب من الجميع وقفة تأمل يعاد فيها النظر في تركيبة الدولة السودانية والوضع الدستوري وهو تأكيد علي فشل النخبة السودانية، مشيرا الي ان السودان بانفصال الجنوب سيفقد الكثير مما يتطلب ضرورة التراضي علي مشروع وطني جديد يتشارك فيه الجميع دون اقصاء او ابعاد والا فان تجربة الجنوب ستتكرر في جهات اخري، واضاف الفاضل ان التعاطي مع السياسة السودانية وفق منهج «الكسر » سيقود لمزيد من المشاكل وان الحل الوحيد هو تبني النموذج القائم علي دولة المواطنة التعددية في الشمال ،وقال ان الحكومة تريد بدعوتها للحكومة القومية ان تمشطها بقملتها وهو ما لا ينبغي ان يكون، واضاف ان احترامهم لاتفاقية نيفاشا هو الذي جعلهم يصبرون علي اذي النظام حتي الان، مشيرا انه بذهاب الجنوب ستسقط الشرعية عنهم، مشيرا الا ان تعامل المعارضة في الفترة القادمة تحدده وبشكل اساسي تصرفات الحكومة فان انصاعت لقيام المؤتمر الدستوري فبها والا فان المعارضة ستجد نفسها مجبرة لمواجهة النظام ومن ثم اسقاطه، بدأ نائب الامين العام للحركة الشعبية ومسؤول قطاع الشمال ياسر عرمان مداخلته بانه قد فوجأ بان انفصال الجنوب لايستحق سرادق للعزاء ، واضاف انه يحتاج سرادق للعزاء نبدأ فيه التأمل في واقع الدولة السودانية التي بدأت تتجه نحو الانهيار بفعل السياسات الخائبة للمؤتمر الوطني طوال 20 عاما ومحاولته اعادة تجربة الفشل عبر سنوات اخري امر يتطلب حراكا سياسيا تقوده جماهير الشعب السوداني من اجل ايجاد صيغة للخلاص ، وقال انه في ظل هذه القوانين وهذه الحكومة لو اعطي حق تقرير المصير لمواطني مشروع الجزيرة لاختاروا الانفصال، ورفض عرمان الدعوة لتطبيق الشريعة الاسلامية موجها سؤاله نحو كمال عمر ياداب عايزين يطبقوا الشريعة وفي العشرين سنة الفاتت كانت شنو؟؟وقال انهم لايتخذون موقفا من الاسلام ولكن يرفضون تجزئته مستندا بحديث لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ،مشيرا لان الشريعة التي تطال المفسدين يجب البحث لها عن اسم اخر، وقال انهم يرفضون الحكومة القومية وفقا لمفهوم المؤتمر الوطني ويحتاجون لمشروع جديد يجد فيه الجميع انفسهم وهو ما سيسعون لانجازه و هو مالن يتم الا بتغيير سياسات المركز في الخرطوم وباستخدام كافة الوسائل وان ركز علي ان بالحوار واحترام الاخر يمكننا تحقيق ما نريد ان وافق اهل المؤتمر الوطني والا فان لكل حدث حديث، من جانبه دعا القيادي بالحزب الشيوعي سليمان حامد الي ضرورة النزول الي الجماهير ورأى ان الخطاب الفوقي لن يأتي بنتائج ملموسة ولن يحقق تغييرا ينشده الجميع،وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع الامام الصادق المهدي ليتحدث انابة عن حزب الامة تقدم عبد الرحمن الغالي للحديث باسم حزب الامة القومي ودار حديثه حول محور البيان الذي تحصلت الصحافة علي نسخة منه وكان يعترض علي بعض ما ورد في الصحف حول سعي الحزب لاسقاط النظام ، مؤكدا ان رؤية الحزب تنطلق من الحوار الموضوعي والنضال المدني من اجل تحقيق التحول الديمقراطي في البلاد مشيرا لان موقفهم المعلن لم يأت اوانه بعد وسبق ان حدد بعد السادس والعشرين من يناير مؤكدا في الوقت نفسه علي ضرورة قيام المؤتمر الدستوري لمناقشة قضايا البلاد وايجاد الحلول لها وفقا لاجماع كل السودانيين، واضاف ان الحكومة القومية تعني حكومة عريضة ببرنامج وطني حقيقي تتم فيه معالجة كل القضايا وتحديدا قضية دارفور وايجاد حل لعلاج ارتفاع الاسعار والتحول الديمقراطي وايجاد صيغة للتعايش السلمي مابين المكونات كافة وهو الامر الذي اعاد الجميع للتساؤلات التي طرحها متحدث الحزب الاتحادي الهيئة العامة هل تستجيب احزابنا لدعوة الحكومة القومية وهل تقبل باستيعابها في مكان الحركة الشعبية الذي شغر بالانفصال وهل تصدق دعوة الحكومة واطروحاتها وما مدي صدق تصريحات وزير الاعلام بتهافت الاحزاب الكبيرة علي المشاركة وهل الامر حقيقي قبل ان يجيب علي كل ذلك بالنفي ويقول بتماسك قوي الاجماع الوطني حول آلية اسقاط النظام وهي الاجابة التي فتحت تساؤلات اخري تتعلق بمدي قدرة هذه القوي علي تحريك الشارع باعتبارها آلية التغيير القادمة وما مدي قدرتها علي مقاومة اطروحات الحكومة ودعوتها للمشاركة وهي امور كلها تنتظر اجابات ولكن قبل كل ذلك تنتظر حالة اتفاق واجماع بين قوي الاجماع الوطني او تحالف جوبا بعد ذهاب جوبا في حال سبيلها .