قد يستغرب الكثيرون من هذا العنوان ولكن للحقيقة والانصاف هذا ما تحمله تاريخنا نحن أبناء النوبة من دلائل ثابتة. فإن التاريخ ما هو الا نتيجة بحث وعاء وجهد معرفي يهتم بأحوال الناس والمجتمعات والحضارات ولا تشكل هوية أمة الا بحضور صور ماضيها ورموز تاريخها في ذاكرتها القومية الموحدة وقد ينقسم التاريخ إلى قسمين. ٭ تاريخ الذاكرة الجماعية. ٭ وتاريخ المؤرخون. فإن تاريخ الذاكرة الجماعية قد يبدو كأسطورة أو خيال غير اساسي مشوه يخالط الازمان فيه. اما تاريخ المؤرخون او الباحثين هو تصحيح لتاريخ التقليدي المغلوط او بمعنى اصح هو تدوينه أو تسجيله ليستقر في شكل وثائق دفعا للنسيان. فبرغم من كلمات تاريخ «ليس له اصل واضح حيث يظن بعض الباحثون إنها اتت من كلمة يونانية تعنى «ارخاوس» «وارخي» اللتان تعنيان القديمة والبداية. ٭ نعود إلى عنوان الموضوع هجرة ابناء النوبة إلى المكسيك إنقطاع بعض السلالات او الجذور من اجدادنا هناك ففي سنة 1860م تم تجنيد ابناء النوبة «500» فرد في جيش الاورطة المصرية. فقد طالب نابليون الثالث ببرقية عاجلة بحضور هذا الجيش إلى فرنسا وفي سنة 1863م أبحرت الباخرة الفرنسية «لايسين» من ميناء الاسكندرية متجهة إلى ميناء طولون إلى فرنسا من ابناء النوبة الذين كانوا في هذه الباخرة نذكر منهم كوكو سودان كباشي بخيت خميس كودي الفيل سعير الجيس مرسال سودان نور كومي إنجليز حبيب الله كوكو سندله وجفول وبروج عبد الله حتى وصلت الى ميناء طولون بفرنسا وعرف في أغسطس 1865م أن هناك «500» نوبي على متن هذه السفينة متوجه الى المكسيك. وقد ارسل برقية لقنصل عام الولاياتالمتحدةالامريكية بذلك في الاسكندرية بأن هذه القوات مهمتها إستبدال القوات الموجودة في المكسيك وقد استخدم ابناء النوبة في هذه الحرب وقد ابلت هذه القوات بلاءً حسنا حيث اشتركوا في«48» معركة أظهر خلالها مهارات واضحة في القتال والثبات والشجاعة وشاهد ليها المرشال الفرنسي (FORY ) بقوله إن هؤلاء ليس من الجنود بل من قوت الاسود. لقد جلت الحرب ولكن لم يعود هؤلاء الابطال الى جبال النوبة فإن النوبة لهم تاريخ عميق ممتد لم يجد يد الباحث والمؤرخين لصياغة تاريخهم النضالي على مرور الازمان فان عالمنا المعاصر يشهد علو الامم التي استطاعت ان تصيغ تاريخها الماضي والحاضر لحاضرها ومستقبلها إلى الأجيال القادمة في شكل سطور من سطور العمل الايجابي المفيد. ولا بد أن نقدس تاريخ أجدادنا ونذكر منه حتى ولو كان قليل..!