مصير مجهول يكتنف مستقبلهم وذلك بعد ان وجدوا أنفسهم ما بين واقع الرحيل جنوباً في ظل توترات أمنية واقعة ومحتملة وما بين البقاء في فلك المجهول على دكة الانتظار في الشمال وما بين الخيارين اخذوا يبحثون عن حل وسط... فهم أكثر من 15 ألف فرد من أستاذ جامعي وطالب وموظف وعامل شمالي في جامعات الجنوب أقاموا عمادتها عندما وفدت للشمال وفقاً لظروف الحرب وقتها.. يأملون الآن ان يصدر بشأنهم قرار يحفظ لهم حقوقهم الاكاديمية والعلمية والمادية خاصة بعد ان اصدر وزير التعليم العالي والبحث العلمي لحكومة الجنوب مسبقاً قراره القاضي بترحيل أصول الجامعات وأساتذة وطلاب وعمال وموظفي أبناء الجنوب وأسرهم للجنوب.. بعدها ظل الشماليون في وضع ترقب يتوقعون بين الفينة والأخرى ان يصدر قرار بشأنهم ، ولكن طال الانتظار.. ولما استشعر نفر منهم حجم القضية شكلوا لجنة تضم عددا من منسوبي جامعة جوبا وجامعة بحر الغزال وجامعة أعالي النيل مشكلين لجنة عليا لمتابعة أوضاع الشماليين في الجامعات الجنوبية فطرقت أبواب كل الجهات المعنية بالأمر من وزير التعليم العالي والوزير بالانابة وطالبت بعقد اجتماع مع السيد موسس مشار واجتماع آخر مع نائب رئيس الجمهورية وآخر مع السيد بكري حسن صالح.. حاملة مطالبها في ايجاد حلول من خلال التدخل السياسي للنظر في قضايا الشماليين. وكانت مجموعة من ممثلي اللجنة زاروا «الصحافة» وطرحوا قضيتهم قائلين بأنه ومنذ شهور مضت تكونت لجنة من قبل خريجي جامعة جوبا ومن ثم ضمت لاحقاً ممثلين من أساتذة الجامعات الثلاث وممثلين للطلاب والخريجين وتكونت لجان أكاديمية وادارية ومالية ولشؤون الطلاب ولجنة اعلام لطرح القضية التي كان ضحيتها 12 ألف طالب شمالي وأكثر من 900 أستاذ ، واضافوا بأن الحديث عن اضرار واقعة حتى بأبناء الجنوب اذا ما سارت الاوضاع بدون اتفاق محدد لأنهم سيتضررون في مسيرتهم التعليمية.. وتحدث ممثل جامعة بحر الغزال الدكتور أشرف محمد السيد سكران بأن نقابات الجامعات الثلاث قدمت مذكرات لوزير التعليم العالي ولكن لم يحدد حتى الآن موعداً للجلوس معه ولما لم تكن وجهة نظر الوزارة واضحة تجاه قضيتنا وضعنا مقترحات لحلول موضوعية لأجلنا فاقترحت اللجنة انشاء جامعة جديدة في مقر جامعة جوبا بالخرطوم بحري لحفظ حقوق الشماليين في جامعات الجنوب... خاصة واننا اصبحنا أمام معضلة ما بعد الفصل السياسي.. وبرر السبب الذي دعاهم لاقتراح انشاء الجامعة بموقف الوزارة الصامت حيالهم وانها لم تبعث حتى بتطمينات للأساتذة أو الطلاب أو لكليهما وكأن شيئا لم يحدث وحتى الآن لم يقابلنا الوزير فالأيام تمضي والاحداث تتحرك خاصة مع الوضع الاكاديمي غير المستقر فجامعة أعالي النيل لم يكتمل فيها الفصل الدراسي وتبقى منه أسبوعان بينما تبقى لطلاب جامعة جوبا الجلوس لامتحانات الدور الثاني والتي بحسب التقويم الدراسي ستنطلق في الثاني عشر من فبراير القادم. وربط ممثل جامعة أعالي النيل بين ما دار من اشتباكات وسط الطلاب في الأسبوع الماضي داخل حرم الجامعة نتيجة لاختلاف وجهات النظر بين الطلاب في كلية الطب عندما طالب بعضهم بأن تبقى الكلية في الشمال وطالب آخرون بترحيلها جنوباً ومن أركان للنقاش اشتد الجدال وتمدد الأمر إلى اشتباكات فضتها الشرطة ولعل الخوف من حدوث توتر أمني هو ما يجعلنا نبحث عن ضمانات أمنية إذا ما طالبتنا ادارت الجامعات بالذهاب للجنوب.. وعندها لم ينس د. أشرف سكران الاشارة إلى الطريقة التي تم بها ترحيل كلية بحر الغزال فقال عندها وحتى نحن كأساتذة لم نكن ندري زمن رحيلها ولا بالجهة التي أصدرت قرار ترحيلها فبدون اخطار رؤساء الأقسام، حتى ان عميدة كلية الطب وقتها تركت «الجثث» المستخدمة في التشريح داخل الأحواض بعد أن سحبت منها المواد الحافظة ولولا التدخل السريع لنائب المدير لتمدد الأمر وقتها لمشكلة انسانية، هذا بالاضافة إلى أن ترك الشماليين في هذا الوضع خلق نوعا من عدم الثقة.. واشار ممثل جامعة جوبا إلى ان هناك كليات جنوبية لا تزال في الشمال تواجه المصير الغامض وان هناك كليات من المفترض أن تشرع في امتحانات الدور الثاني.. البدائل والملاحق ولكنها لن تستطيع اقامتها في هذا التوقيت الأمر الذي يمكن معالجته بتجميد الدراسة إلى حين توفيق الاوضاع وإلا ضاع العام الدراسي بأكمله ناهيك عن انه اذا ما طالبت ادارات الجامعات الاساتذة والطلاب بالذهاب للجنوب لاكمال العام الدراسي فلن تكون لهم الخيرة في أمرهم. أما الذهاب للجنوب أو فصل الاساتذة والعاملين بحسب قوانين الخدمة المدنية واعادة الطلاب لعامهم الدراسي بحسب قوانين الجامعات لذا نطالب بعطلة عاجلة إلى حين اتضاح الرؤية. وكانت اللجنة قد اشارت في خطابها لوزير التعليم العالي والذي اطلعت عليه «الصحافة» أشارت إلى التعريف بنفسها باعتبار انها لجنة ضمت أساتذة وطلاب وعاملين وخريجي جامعات الجنوب (جوبا - بحر الغزال - أعالي النيل) لمتابعة قضية هذه الجامعات ومنسوبيها من الشماليين في جامعات الجنوب، وكانت اللجنة قد كونت لجانا للنظر في الموضوعات الأكاديمية والادارية والمالية المختلفة ولجنة مختصة بدراسة اوضاع الطلاب. ومن ضمن المقترحات التي وضعتها اللجنة كان انشاء جامعة جديدة تضم الجامعات الثلاث في مقر جامعة جوبا بالخرطوم «بحري» على ان تسبقها ورش عمل تبحث كيفية التعامل مع عملية الدمج من توفيق بين كليات الجامعات الثلاث وبرامجها وحلَّ ما قد يطرأ من اشكالات أكاديمية وادارية للطلاب والعاملين وبناء تصور هيكلي واداري ومالي للجامعة. وفي مجموعة من المطالب طالبت اللجنة باصدار قرار عاجل بانشاء جامعة لتجميع ودمج المنسوبين الشماليين طلابا وأساتذة وموظفين وعمالا بجامعات جوبا وبحر الغزال وأعالي النيل ورومبيك، مع ضرورة اعطاء عطلة للجامعات الجنوبية إلى حين اعلان نتيجة الاستفتاء وترتيب أوضاع هذه الجامعات في الشمال مع تأمين صرف مرتبات جميع العاملين الشماليين بالجامعات الجنوبية وايقاف نقل أصول الجامعات المتحركة إلى حين البت في أمر إنشاء جامعة جديدة.. وكانت اللجنة قد أمنت على ضرورة تمثيلها من ضمن اللجان التي تنشأ لتبحث أمر الشماليين بهذه الجامعات، كما طالبت بضرورة الحصول على جميع السجلات والوثائق والملفات الاكاديمية والادارية والمالية للجامعات الثلاث. وفي مركز اللغات والترجمة بجامعة جوبا كان لنا حديث مع منسق الدراسات العليا الدكتور زين العابدين حسن محمود والذي تحدث إلينا كما أفاد باعتباره ممثلاً لخريجي جامعة جوبا والذي جاء حديثه مطابقاً لما نادى به اعضاء اللجنة العليا إلا من بعض اختلاف في التفاصيل لا المضامين فابتدر حديثه عن الوضع الحالي للشماليين بالجامعات الجنوبية ووصف الصورة الحالية بعدم الواضحة، فقال هناك أكثر من 950 أستاذا جامعيا وما بين ألف إلى 2 ألف موظف وعامل وما بين 10 ألف إلى 12 ألف طالب بخلاف أساتذة جامعة رومبيك فكل هؤلاء مصيرهم مجهول.. ولمعالجة الأمر يقول زين العابدين وضعنا عدة مقترحات منها توزيع الشماليين على جامعات الشمال إلا من أراد الذهاب للجنوب وكنا قد قدمنا مقترحا باسم خريجي جامعة جوبا وقدمنا مبادرة بها عدة مقترحات لمناقشة الأمر تم رفع تصور نهائي إلى الجهات العليا ممثلة في وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالجنوب البروفيسور خميس كجو وفي مرحلة لاحقة تنادينا مع بقية الجامعات الثلاث لتوحيد الخيار ، وتكونت اللجنة العليا لمتابعة اوضاع الشماليين في جامعات الجنوب وهدفنا منها معالجة قضية حوالي 15 ألف أسرة.. وخرجت اللجنة بتصور انشاء جامعة تجمع كل منسوبي الجامعات الثلاث في مؤسسة واحدة وهذا في اعتقادي أفضل الحلول وليس الأمثل فيها.. على ان تجمع الجامعة الجديدة كل الطاقم الشمالي بالجامعات الجنوبية ، ولمعالجة قضايا الطلاب كونت لجنة عليا ولجان مساعدة لجنة اكاديمية ومالية وادارية ولجنة لشؤون الطلاب ولجنة اعلام. وأضاف زين العابدين بأن هناك كثيرا من القضايا العالقة لكن لا يوجد شئ مؤكد إلى الآن وهناك اشكالات تحتاج لمعالجات قانونية واشكالات معالجاتها ادارية وأخرى مالية ستبقى حتى لو تم الدمج. وما يمكن معالجته بصورة نهائية من جملة القضايا هي قضايا الطلاب الاكاديمية لأن هؤلاء الطلاب وطالما تم قبولهم من قبل هذه الجامعات يجب أن تلتزم الجامعات حيالهم حتى تخريجهم منها.. ولحل هذه المشكلة يمكن توقيع اتفاق تعاون مشترك بين الجامعات في الجنوب وجامعة الشمال الجديدة حتى يتم تدريب أساتذة الجنوب الجدد من قبل أساتذة الشمال وتأهيلهم، وفي المقابل تُخريج طلاب الشمال بشهادات تلك الجامعات وهذا هو المخرج المنطقي الوحيد بعيداً عن اي توتر.. فاذا لم يتم معالجة أوضاعهم عندها سيكون الطلاب والاساتذة وافدين وأجانب أو مثلما ذكر الوزير فالطاقم الشمالي بالجامعات يمكن أن يساعد في حل قضايا التدريب في الجامعات الجنوبية وفي المقابل يتم منح الطلاب شهاداتهم من جامعاتهم الأم التي تم قبولهم منها بمنفعة مشتركة. ولكن تبقى قضية السجلات الاكاديمية والادارية الموجودة في مقر الجامعات في الجنوب من أكبر التعقيدات والتي يمكن معالجتها بالاحتفاظ بصورتين في الجنوب والشمال وتكون لجان لمدارسة هذا الامر ومعالجته، خاصة وان البنية التحتية والعلمية في الجنوب ضعيفة حتى بعد ترحيل المعامل خاصة في كلية الهندسة ولكن كليات الطب قد تكون أفضل ولكن يفتقر الجنوب للمستشفيات التعليمية وهذا ما ذكره عميد جامعة أعالي النيل عندما أبدى تخوفه من مصير كلية الطب وبالتالي من الممكن أن تكون كلية أعالي النيل نواة لكليات الطب الجنوبية بالشمال ولكن ما تحتاجه القضية هو ارادة سياسية لمعالجتها لأنها قضية اجتماعية وانسانية تمس مستقبل جميع الطلاب الشماليين والجنوبيين، ومع هذا فالادارة لم تشر إلى أي شئ سوى ما صدر من وزير التعليم العالي بحكومة الجنوب من قرار في بداية ديسمبر الماضي بترحيل الأساتذة والموظفين الجنوبيين وأسرهم للجنوب ولم يرد أي حديث عن أساتذة وطلاب الشمال. الأهم من كل ذلك ان الوضع الاكاديمي الآن متأزم للغاية فبعض الطلاب لم يكملوا عامهم الدراسي وبعضهم عليهم امتحانات دور ثاني مما يدعو لضرورة تعاون مشترك لمعالجة الأمر بسهولة ويسر.. كذلك فان الطلاب الجنوبيين هم متضررون من ترحيل الجامعة لأن أغلب أساتذتهم شماليون فمن الذي سيضع لهم المقررات والامتحانات ويعد النتائج وما نأمل فيه ارادة قوية من الحكومات والجهات السياسية لأن قرار انشاء الجامعة قرار سياسي وتوقيع اتفاقيات تعاون مشترك في مجال التعليم حتى تكون جسر تواصل في المجال الأكاديمي والثقافي. واختتم زين العابدين حديثه بالقول نبحث عن حلول موضوعية لمواصلة العملية التعليمية في الجنوب ومعالجة أوضاع طلاب الشمال.