٭ كان فرعون قمة إنتاج فقه الانحراف.. ٭ كيف ذلك؟!.. ٭ نقول .... ٭ في الظاهر أنّ الباطل هو الذي يطارد الحق.. ٭ والحقيقة تخالف ذلك.. ٭ والدليل على ما نقول يكمن في نتيجة المطاردة.. ٭ من انتصر على من؟!.. ٭ فالباطل مهما طالت أيامه وكثر جنده واشتد ساعده فهو مُطارد.. ٭ والذي يطارده هو الله.. ٭ ولا بقاء لشيء يطارده الله.. ٭ «بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغه فِإذَا هُو زَاهِق».. - سورة الأنبياء-.. ٭ والباطل طارئ لا أصالة فيه.. ٭ أمّا الحق فهو أصيل في الوجود.. ٭ فالمجرمون من قوم نوح وهود وصالح وشعيب وفرعون كانوا في خندق الباطل.. ٭ فماذا كانت عاقبة المفسدين الذين ملأوا القلوب رعباً، والنفوس دهشة، وخرّبوا الديار، ونهبوا الأموال، وسفكوا الدماء، واستعبدوا العباد، وأذلوا الرقاب ؟!!.. ٭ لقد أمهلهم الله في عتوّهم حتى إذا بلغوا أوج قدرتهم، واستووا على أريكة شوكتهم، وغرّتهم الدنيا بزينتها، واجتذبتهم الشهوات إلى خلاعتها، واشتغلوا بملاهي الحياة والعيش.. ٭ حتى إذا بلغوا ذلك كله جاءتهم الضربة القاصمة فلم تبق منهم إلا أسماء، ولم تتبق من هيمنتهم إلا أحاديث.. ٭ وفرعون قصة من قصص الجبابرة .. ٭ وقد توفّر له من أسباب القوة الكثير .. ٭ وتوفر كذلك مع الأسباب هذه من الشذوذ والانحراف الكثير.. ٭ فكان نتاج ذلك أن علا فرعون في الأرض.. ٭ «إنّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ وجَعَلَ أهْلَهَا شِيَعَاً يَستَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُم ».. - سورة القصص- ٭ يقول المفسرون: العلو في الأرض كناية عن التجبر والاستكبار .. ٭ أي أنّه تفوّق فيها ببسط السلطة على الناس،وإنفاذ القدرة فيهم، وجعل أهلها شيعاً وفرقاً مختلفة لا تجتمع كلمتهم على شيء .. ٭ وبذلك - يقول المفسرون - ضعف عامة قوّتهم على المقاومة دون قوته.. ٭ وفي عالم الاختلاف أسرف فرعون، وتجاوز الحد في الظلم والتعذيب .. ٭ ولقد وصفه القرآن بأنّه «كَانَ عَالِياً مِن المُسرِفِين» - سورة الدخان -.. ٭ وأنّه «طَغَى» .. - سورة طه - ٭ وأنّه «أَضَلّ قَوْمَه ومَا هَدَى» - سورة طه -.. ٭ وأنّه «ذُو الأَوْتَادِ» - سورة الفجر-.. ٭ وفرعون هذا الذي استكبر في الأرض كان هو المصدر الوحيد للتشريع .. ٭ فقد أعلن على قومه بيانه المهم «أَنَا رَبُّكُم الأَعْلَى»» - سورة النازعات» -.. ٭ « وقَالَ فِرْعَوْن يا أَيُّها المَلأُ ما عَلِمْتُ لِكُم مِن إِلهٍ غَيْرِي» - سورة القصص-.. ٭ ووفقاً لهذا البيان «قَاَلَ فِرْعَون ما أُرِيكُم إِلا مَا أَرَى ومَا أَهْدِيكُم إِلا سَبِيلَ الرّشَادِ » - سورة غافر -.. ٭ ولما كانت للفرعونية وجوه تعود إلى أصل واحد .. ٭ وبما أن فرعون موسى هو التجسيد الحي للشذوذ الذي دونه آباؤه في عالم الانحراف.. ٭ وبما أنّه هو المقدمة للذين جاءوا من بعده وجلسوا على كراسي الظلم والإسراف والتجبّر.. ٭ بما أنّ الأمر كذلك فإنّ الله جعل فرعون وقومه أئمة يدعون إلى النار.. ٭ «وجَعَلْناهُم أئِمَةً يَدْعُونَ إلى النّارِ ويَوْمَ القِيَامَةِ لا يُنْصَرُون »..- سورة القصص-.. ٭ «وأَتْبَعْنَاهُم في هَذِه الدُّنْيَا لَعْنَةً ويَوْمَ القِيامَةِ هُم مِن المَقْبُوحِين».. - سورة -القصص.. ٭ يقول المفسرون: معنى جعلهم أئمة يدعون إلى النار أي تصييرهم سابقين في الضلال يقتدي بهم اللاحقون .. ٭ وممن كان يُعين فرعون في انحرافه هامان صاحب الجند، وقارون صاحب المال.. ٭ «وقَارُونَ وفِرْعَوْنَ وهَامَانَ ولَقَدْ جَاءَهُم مُوسَى بالبَيِّنَاتِ فاسْتَكْبَرُوا في الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِين » .. - سورة العنكبوت -.. ٭ ثم يقصّ علينا الحق كيف كانت نهاية هؤلاء ومن سبقهم من المستكبرين .. ٭ «فَكُلاً أخَذْنَا بِذَنْبِه فَمِنْهُم مَن أرْسَلْنَا عَليْهِ حَاصِباً ومِنْهُم مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ومِنْهُم من خَسَفْنَا بِه الأَرْضَ ومِنْهُم مَنْ أَغْرَقْنَا ومَا كَانَ اللهُ لِيَظلمَهُم ولَكِنْ كَانُوا أنْفُسهم ظَالمِين».. - سورة العنكبوت»-... ٭ وهكذا انتهت «قصة ّّّ!!» فرعون.. ٭ وهذا الذي قصصناه هو بتصرف من كتاب «الانحرافات الكبرى» .. ٭ هو كتاب يحكي عن قصص «المنحرفين!!».