{نظرا الى اهمية الاطفال بوصفهم قوة العمل ودافعي الضرائب في المستقبل، الى جانب اشياء اخرى، يمكننا القول بأن من المقبول ان يكون هناك قدر من الدعم على مستوى الجماعة للدواء كخدمة}.. الدكتور هوراشيو ليفي لاتيز (1) الخصخصة بين فقدان الخبرة واستيعاب الخريج: ظل الصراع لتقييم المقدرات ما بين اكتساب الخبرات الطويلة والاجازات العلمية الحديثة - مجال تنافر وشد وجذب، خاصة بعد جيوش العاطلين من الخريجين نتيجة ما سمي بثورة التعليم (العالي)...!! ومن المفارقة انتشار وقيام المؤسسات الجديدة والعديدة في مجال الحقل الصحي، فمن المفارقة ايضا ان نجد في بعض المؤسسات ال (VIP) من حيث الخدمات المسحة الاجنبية للعمالة (من الفراش، الى محضر العملية) وربما الاخصائي..!! علما بأن كل الدول من حول السودان تعمل بالتميز على استيعاب ابنائها في الوظائف (بحق المواطنة).. وكل على قدر ادراكه وطاقته (فالسعودية تسعود) و (الكويت تكوت) وهكذا، ولا ننسى ان الخبرة السودانية والكادر الفني السوداني - مشهود لهما من حيث الكفاءة وحسن التدريب، فيا بخت من عرف (د.عامر مرسال)..!! - كان لها القدح المعلى، في بناء النهضة العمرانية في الخليج العربي والبنيات التحتية في كل المجالات ، فإذا كان من ساهم في بناء الدول الاجنبية هو العامل السوداني، فحري بنا ان لا نشكك في خبراته - لنلغي خبرته في الوظيفة بهدف افساح المجال لما سمي بمشروع الخصخصة، او حتى استيعاب الخريجين..!! علما بأننا لا نشاهد طفرة في الاستيعاب للخريجين ، بقدرما نشاهد تشريدا للعمالة والخبرة السودانية، وتوفير الفرص بتجييش العمالة الاجنبية ، وخاصة من خريجي النمور الآسيوية، والمفارقة ايضا، ان الخبرة الآسيوية هي حقا مشهود لها في مجال (التجارة) الالكترونية، وتوظيف الجهود الفنية (سلعيا) من (الجهد اليدوي) والى (أعلى مستويات الجهد الذهني)، ولكن كل ذلك، مرهون الى سياسات الاقتصاد الحر ومشروع مثلث عبدالرحيم حمدي الاستثماري الاقصائي، وكيف في استطاعته استنزاف المقدرات المادية والبشرية (للهيئة) او المؤسسة التي شرعت في تطبيق ذلك النظام، من دون ما عائد ايجابي ملموس بل المزيد من التعويق لدولاب العمل، وخير نموذج ما تعارف عليه ببرنامج ال (ERP) في فشل تطبيقه مقارنة (بقيمته العالية) - كتجربة حديثة في الهيئات الحكومية و(خاصة الخدمية غير الربحية منها) - بل في بعض الهيئات كان وما زال مثار تندر ووجها كريها لشكل ممارسات (الفساد الاداري والمالي). حيث الصرف البذخي، وتعويق انسياب العمل عبر اعادة الهيكلة للهرم الاداري او الدورة المستندية، والتي كانت وما زالت تعكس حقيقة التجربة والخبرة السودانية المتراكمة وبراعة الموهبة السودانية في حسن الاداء ، ولكن الشئ المؤسف ان كل ذلك الافق من الابداع الفني اصبح اليوم مرهونا للصراع ما بين (ضياع الخبرة) او (توظيف الخريج)!! وفي كلا الحالتين اصبحت الوظيفة عبارة عن (منة وأذى) في ايادي بعض شذاذ الآفاق، ممن يفصلونها (على كيفهم).. فتارة تحت شعار (الولاء قبل الاداء) وهذا هو أس البلاء!! وتارة (الصغير قبل الكبير)..! وتارة اخرى يتم تكسير اللوائح والقوانين (بتكسير الثلج)!! في الخدمة المدنية المجمع عليها ما قبل السودنة - وكل ذلك بهدف وضع الطغاة في قمة هرم الهيكل (المالي الاداري) وليس من الضرورة نجاح او فشل (الكادر المنظم) بقدر افساح المجال (للجان الاستخصاص) لممارسة دورها، طالما انه قد توفر المسوغ القانوني للاجراء، والذي يؤكد للمسؤولين في رئاسة الدولة، ان هذه (الهيئة) او المؤسسة قد دخلت في ال (ZOON) ويمكن ان توصف بالفشل، فيجب تقليص العمالة فيها ثم من بعد البحث عن خيارات الاستخصاص - (شركة مساهمة خاصة)، ام (شركة حكومية) ذات اسهم متعددة - وتمليكها بالاسهم لبعض الجهات، ففي كل الاحوال المحصلة النهائية - (خصخصة .. خصخصة) ليبدأ بعد ذلك تشريد العمالة والفقدان للدور المناط به ان تقوم به تلكم الهيئة..!! ولحظتها تكون الوظيفة - قد ضاعت على صاحب الخبرة اولا وعلى الخريج المسكين ثانيا. ليأتي صاحب الكرسي والجاه والمال ليتحكم بكل العنجهية في حياة الانسان السوداني، وفي كل الاحوال الضائع هو محمد أحمد الانسان البسيط في دولة السودان بعد البترول والانفتاح على أسواق القطط السمان. (2) المنظور الجديد لسوق العمل (الوظيفة): من السذاجة بمكان ان يقف الفرد ضد معطيات التاريخ الحديث من حيث التطوير - وتلك هي سنة الحياة، ولكن يبقى السؤال كيف ذلك؟! عبر التدرج في السلم في الوظيفة خطوة خطوة؟! ام عبر القفز بالزانة؟! والاجابة بالضرورة: بالتدرج ولنأخذ النماذج .. (جامعة الخرطوم) كمؤسسة عريقة - فمنذ انشائها ككلية تذكارية لغردون باشا، ومن ثم تدرجها وتطورها الطبيعي في مجال التعليم النظامي، من مدرسة ابتدائية لرفد الخدمة المدنية بالافندية، والتعليم بالمدرسين - الى ان وصلت في مجال التأهيل الاكاديمي والفني لرفد الخدمة بالاداريين والاطباء والمهندسين بل والفنيين في كل المجالات يوم ان صارت كلية الخرطوم الجامعية - وهي في تدرجها ذلك كانت بحق وحقيقة (جميلة ومستحيلة) - بمعنى شمولها المعرفي للتجربة والعلم لذا استطاعت ان تمد المجتمع (بأميز الخريجين) - وهذا ما يفتقده مجتمع اليوم بالرغم من ادعاء (ثورة التعليم). ودونما تشكيك في الامانة العلمية ودورها الايجابي في نهضة الشعوب، لابد من وضع موازنة ومعايير علمية بمساهمة دراسات المختصين - (لمراجعة) اين يكمن الخلل؟! ليخرج بشكل جديد وعلمي لمفهوم الوظيفة والاستيعاب فيها بكيفية دونما اغفال للخبرة - وهنا المسؤولية لم تعد قاصرة على الدولة، بقدرما هي مسؤولية تكاملية اطرافها (المنزل - المدرسة) وسياسة التعليم المحك الاساسي لها (التربية - وحسن الخلق) فالتربية هي التي تكسب الطالب والعامل الثقة في النفس - فمتى ما توفر سلاح التربية فبالضرورة يكون الفرد قد امسك بالقلم حقيقة لمحاربة الامية في جهل (التعليم والتعلم) وتصبح كل وظيفة مهما كان وضعها في تدرج التقييم وسلمه (المادي والمعنوي) كبرت او صغرت، فهي مجال تقدير واهتمام الجميع - والسؤال ايضا ما هو المعني بالتصرف في مرافق القطاع العام؟! وما هو الهدف من استخصاص الوظائف سواء كان ذلك (بالإلغاء) للوظيفة او حتى ما سمي (بالصالح العام) - وهل الدولة غير معنية باستصحاب الخبرة (العمرية الطويلة)، وحقها في التراكم المعرفي لمدها لقيمة العمل بشكله الفني ، والذي اذا استطاع ان يختزل ذاك التراكم في شخص الشاب الخريج يكون ايضا قد جنى على ذهنية الشاب الناشط والذي لا تقف الوظيفة بنوع التخصص عقبة امام نجاحه في الحياة، يبقى اذا فقدنا الخبرة بالتشريد نكون قد فقدنا العلمية بفقدان الثقة - وفتحنا الابواب للجهلاء من الذين يدعون انهم قد اتوا بما لم يأتِ به الاوائل، والوظيفة بالنسبة لهم ملك حر من غيرما مؤهلات اياً ما كان نوعها، ام اذا طورنا مفهوم الوظيفة وفتحنا المجال واسعا لاكتساب الخبرات للشباب من غيرما حساسية ومفاضلات غير عادلة، نكون بذلك قد اصطدنا (عصفورين بحجر واحد) - (عامل الخبرة) و(الخريج الناشط) في كل المجالات، لتصبح بذلك العلاقة ما بين الوظيفة ومن يشغلها علاقة كيفية لا علاقة محسوبية، ام العطالة فسوف تظل عطالة بشكلها المقنن - وبالضرورة هي المرفوضة عند الكل وهي المحتاجة للمشاريع والدراسة في الجدوى، لكيفية المعالجة - قبل توفير الوظيفة للخريج او تشريد الخبرات.. ام اذا كان الهاجس هو (توظيف جيوش العاطلين) على حساب (الناشطين) من ابناء الدولة والاداء الجيد المتعارف عليه تاريخيا - فإننا بذلك نقول قد فقدنا (بلح العراق) ولم نجن عنب الشام... (3) يبقى ما العمل؟! ما الحل؟!! في اواخر عقد الستينات ايام (هوشة حركات التحرر الوطني) قامت العديد من الانقلابات العسكرية، باسم الثورة الاشتراكية (علمية - قومية - شعبية ..إلخ) وكلها تدعي الديمقراطية وتأكل من كتف الحرية!! بعضها (احمر اللون وبعضها اخضر مباشر) وكل في حقيقتها تحمل بذور الشمولية وما يؤكد ذلك ان كل تلك الانظمة كانت نهايتها نسخة مكررة وان تأخرت هبات شعوبها!! فدونكم ما انتهت اليه حركة جعفر نميري مايو 1969م، و(ناصرية مبارك 1952م بثورة 25 يناير 2011م)، والدور اليوم يطول ملك ملوك افريقيا في ليبيا الفتية، والسكة واصلة وان طال الزمن او قصر ولا استثناء طالما ان ارادة الشعوب لا تعرف المستحيل..!! (-) ونقول ايام الاشتراكية - كانت مشاريع المصادرة للرأسمالية الوطنية والشركات الاجنبية وغير الاجنبية - فتلك اكبر كارثة حلت بالاقتصاد السوداني!! واكبر سلبية باسم الثورة قادت الى تفكيك بنيات المجتمع السوداني التحتية لحظة ان تم (التطهير التنظيمي) العقائدي باسم (محاربة الرجعية) فتم النهب المقنن (لقروش) واملاك دائرة المهدي ودائرة الميرغني - وابو العلا ومصانع النسيج والمزارع.. وكل الانشطة التجارية - فكان ان انتهى السودان كدولة وشعب رهينة الى الديون الخارجية واصبح السودان تحت رحمة منظمات الاغاثات والمجاعة، واليوم في ظل دولة (الثورة الثيوقراطية الاسلاموية) يعيد التاريخ نفسه باسم (الاستخصاص) عبر ما سمي بالغاء الوظائف او التطبيق التعسفي لما سمي بالصالح العام - لذا نكون قد اعدنا انتاج الوظيفة بتفريغها من مضمونها التكافلي وتعريفها التاريخي لمن يستحق ان يشغلها ، ينعكس دورها السلبي، على دولاب الخدمة المدنية وحياة المجتمع السوداني السمحة والرعاية الاجتماعية التي عبر عنها الشاعر محمد الحسن سالم (حميد) حينما قال:- (اية الدنيا غير لمة ناس في خير او ساعة حزن)..؟! ولكن اليوم مع حجم النظر الذي بلغ اكثر من ال (90%) حسب احصائية الشفافية الدولية، قد (اصبحت الدنيا في السودان كلها عدم) (فلا دمع مفرح ولا دمع مبكي).. ٭ لذا لابد من اعادة النظر فيما تبقى من ريع تكافلي يتمثل في بقاء (الهيئة العامة للامدادات الطبية) اي توفير بعض الدواء المجاني للفقراء في السودان...!! ثم نرجو .. ونرجو ان لا تصبح الامدادات الطبية ضمن ضحايا الاستخصاص (حتى ولو صدر القرار بذلك) فلا مستحيل تحت الشمس (فلا مطلق الا الله سبحانه وتعالى)...!! وعلى اللجنة المعنية (بالاستخصاص) ان تخاف الله سبحانه وتعالى في أسرها اولا وفقراء ومساكين الشعب السوداني ثانيا وثالثا واخيرا، وتؤكد للمسؤولين ان (الدواء).. خط احمر ولا بديل للامدادات الطبية إلا الامدادات الطبية، والعافية من رب العالمين لذا لا ينبغي ان يصبح الدواء سلعة ربحية في يد التجار بقدرما هي خدمة من مسؤولية الدولة. هامش:- الامل ما زال في الله سبحانه وتعالى - وفي قرار سيادي من رأس الدولة وراعيها الرئيس عمر حسن أحمد البشير، مستجيبا لنداء المرضى في المستشفيات الحكومية) (للعلاج المجاني.... ) وكما تم حسم الصراع في وزارة الصحة - لابد من استثناء خصخصة الامدادات الطبية. حتى تكتمل الصورة الزاهية لمحاربة الفساد والمفسدين عبر المفوضية..