« لن ندع السودان يتحول الي صومال اخري وسنعمل علي جعله بعيدا عن مسار الثورات التي اجتاحت المنطقة العربية في تونس ومصر وليبيا يجب ان لا تتكرر في الخرطوم »، الحديث بين القوسين منسوب الي وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في حديثها امام مجلس الشيوخ الامريكي والذي كان يناقش قضايا التحول والتغيير التي ضربت المنطقة والبحث عن دور مؤثر للدولة الكبري في العالم حسب ما قالت وزيرة خارجيتها مع الذي يحدث في تونس ومصر مع ضرورة اليقظة لتحركات المناطق الاخري ومن ضمنها السودان باعتباره علي المحك قبل ان تضيف ان المناطق تشوبها المخاطر الان بالرغم من امتلاكها لثورات هائلة وتحديدا الطاقة التي تحرك الولاياتالمتحدة في المنطقة، وقالت انها ستقدم دعما مؤثرا للخرطوم من بطريقة ايجابية وهو ما يعني ان تحولا ايجابيا يمضي في علاقات الجانبين يمكن النظر اليه من خلال الذي بين السطور ولكنه تحول يطرح مجموعة من التساؤلات تتعلق وطبيعة المسار في الخرطوم نفسها ومكوناتها السياسية الداخلية ولصراع الحكومة والمعارضة في تبني النماذج العربية التي اعلن عنها مرارا وهو ما يعني ان امريكا اختارت اتجاهها ومعسكرها في ظل الصراع السوداني في الشمال متخذة موقف الحكومة وهو امر يبدو منطقيا من خلال تحليل السياسة الخارجية الامريكية في المنطقة والتي تهدف بشكل اساسي لتحقيق مصالحها في المنطقة وفي السودان علي وجه الدقة، الا ان الامر بدوره يطرح تساؤلا حول مبررات الموقف الامريكي وما هو الجديد الان ، موقف بحسب كثيرين يتواكب والخطة العامة الامريكية في المنطقة والتي تسعي لضمان الاستقرار الذي يحافظ علي مصلحتها بالمنطقة والتي يجب ان يكون استقرار السودان واحدا من اولوياتها خصوصا في ظل اوضاعها الراهنة وفي ظل تواجد السودان في شبكة النزاعات كلها سواء علي مستوي القرن الافريقي او البحيرات او اقليم غرب دارفور بجسب وجهة نظر المحلل السياسي والخبير في مجال النزاعات في القارة الدكتور الطيب حاج عطية، الذي يقول ان تفاقم الاوضاع في السودان سيجر كل المنطقة الي حالة من الفوضي لن تستطيع الولاياتالمتحدةالامريكية السيطرة عليها الان وستشكل عائقا امام انسياب المصالح الامريكية في المنطقة والانطلاق من خلال محور المصلحة بدا واضحا في التعاطي مع نماذج التغيير العربية السابقة . امريكا لا تريد تغييرا في السودان بحسب الذي جاء في البيان ، ولكن لماذا؟، حملنا السؤال لاستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية الخبير في العلاقات العربية الامريكية البروفيسور صلاح الدومة والذي بدا متشككا في الخطوة نفسها، وقال ان الحديث عند الامريكان يحمل اكثر من مدلول واحد، مشيرا الا ان رسم العلاقات وفقا لما يحقق المصلحة يجعل منها صانعة للاحداث اكثر منها منتظرة لتداعياتها وحتي الاحداث التي تحدث يتم توجيهها لخدمة المصلحة الامريكية، وقال ان الحديث الذي تم تداوله هو مجرد رسالة موجهة الي جهة معينة وهي المؤتمر الوطني قبل ان يضيف ان الولاياتالمتحدة لم تعبر عن كل الذي لديها، واضاف ان عملية التغيير يمكن حدوثها في السودان الذي تزداد فيه درجات المعاناة علي المستويات كافة خصوصا في ظل انفصال الجنوب وعدم وضوح الرؤية في كثير من المناطق الاخري وعلي رأسها دارفور، مضيفا ان ايجاد حل لها بشكل مرضي لكثير من الاطراف من شأنه ان يقطع الطريق علي اعادة انتاج مشروع صومالي جديد في العالم وهو الامر الذي يتطلب التعاطي مع العوامل الداخلية فهي الاكثر تأثيرا. وفي جانب اخر، يحلل الدومة الموقف الامريكي من خلال نقطة اخري تتعلق بالعلاقات الامريكية والحكومة السودانية الذي يقول ان عوامل كثيرة تدعو لتقارب الطرفين وعلي رأس هذه العوامل الامر الذي يتعلق بانها استحقاقات اتفاق السلام الشامل بعد الانفصال باعتباره انجاز يحسب للولايات المتحدة ولن تتنازل عن الوصول به لاخر مراحله، وان وجود الحكومة الحالية هو ضمان لتنفيذ هذا الاتفاق، وفي نفس الوقت هو ضمان لاستمرارية تنفيذ معظم المشاريع الامريكية، مضيفا ان ثمة اختلاف بين الذي يخرج لوسائل الاعلام وبين خفايا العمل الدبلوماسي التي تتخذ شكلا مختلفا تماما. حديث الدومة اكد علي ان العلاقات بين الجانبين تمضي بسلاسة من اجل اكمال ما تبقي من اتفاقية السلام وهو ما بدا واضحا من خلال صحف امس والتي حملت في عناوينها الرئيسة ما عرف بمقترح حل امريكي لقضية أبيي باعتبارها واحدة من اهم القضايا العالقة بعد انفصال الجنوب، قبل ان تصف الحكومة الموقف الامريكي بانه يمضي في الاتجاه الصحيح ، وان الحكومة السودانية تمضي من اجل تنفيذ التزاماتها التي قطعتها علي المجتمع الدولي. واعتبر وزير الخارجية علي كرتي في تصريحات، موقف كلينتون خطوة ايجابية في الطريق الصحيح، مطالبا الادارة الأميركية باستكمال الخطوات التي بدأتها في شأن مراجعة ورفع اسم السودان من لائحة الدولة الراعية للارهاب، مؤكدا أن السودان مطمئن لموقفه، مشيرا الى تقارير الخارجية حول مكافحة الارهاب التي أكدت براءته من أي مزاعم وتهم في هذا الشأن. ودعا كرتي ادارة الرئيس باراك أوباما الى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد وتسريع جهودها مع المجتمع الدولي لاسقاط ديون السودان الخارجية وتطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن حسب الوعد الذي قطعته خلال التفاهمات والمحادثات الثنائية بين البلدين ، وهو تأكيد علي ان خطوة جديدة وصفحة تم فتحها بين الجانبين الا ان فتح هذه الصفحة في المقابل اغلق الاقواس علي صفحات اخري ربما اولها هي صفحة المعارضة في الشمال والتي تطرح فكرة التغيير كآلية اساسيبة، تغيير يستهدف اسقاط النظام الذي تسعي الولاياتالمتحدة للحفاظ عليه مما يعني ان تشابكا في المواقف قد برز الي السطح المحتقن، ويري كثير من المراقبين للشأن السياسي السوداني ان الخطوة الامريكية الاخيرة والتصريحات تعبر عن اتجاه السياسة الامريكية وعن قراءتها للواقع السوداني وفقا لما هو ماثل حيث يري الكثير منهم ان عملية الخروج للشارع واسقاط النظام في تلك المرحلة هو اتجاه نحو الفوضي الخلاقة وان عملية تكرار النماذج التونسية المصرية واستنساخها في السودان امر يحتوي علي كثير من المخاطر الانية والمستقبلية علي البلاد، كما ان الولاياتالمتحدة نفسها خطت خطوات واسعة استطاعت من خلالها الضغط علي النظام واعادة بناء هيكل العلاقة، وهي ليست علي استعداد من اجل الانطلاق من نقطة الصفر خصوصا وانها تنظر للسودان من خلال موقعه الاستراتيجي في المنطقة ليساهم في عملية الاستمرار في الاستراتيجيات المعلنة للولايات المتحدة. وفي نفس الاتجاه، فان الدكتور عوض أحمد سليمان استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين،يحلل الدعوة الامريكية المتعلقة بابعاد الصوملة واللا تغيير في السودان من خلال قوله ان كثيرا من الاحداث تبدلت في المنطقة وفي السودان بالتحديد، ويشير ايضا الا ان تغيير النظام الان في ظل سيادة الاوضاع وعدم السيطرة علي السلاح سيفتح الباب امام الفوضي في البلاد كلها وهو امر سيفتح الباب واسعا امام القاعدة للتدخل في المنطقة وستستفيد من البيئة السائدة وهو ما يعني ان حالة من عدم الاستقرار والصراع ستضرب كل المنطقة والتي تمثل بعدا استراتيجيا للولايات المتحدة، فان حالة العنف لن تكون محصورة فقط في الشمال بل ستتجاوزه الي الجنوب المحتقن اصلا عندها سيشتعل كل شرق افريقيا ومنطقة البحيرات وهو ما يفسر الدعوة الان الرغبة الامريكية في عدم اجراء تغيير، مشيرا لان الامر لا علاقة له بفلسفة الديمقراطية وتحولاتها وانما يرتبط بشكل اساسي بعملية المصلحة الامريكية ،واضاف ان النظام الحالي وبرغم هناته يمثل ضامنا لاستقرار وهو الامر الذي قد لا يتوفر لبديله والذي يحتاج لزمن طويل من اجل اعادة الامور لنصابها بالرغم من انه يحصر فكرة التغيير بانها ستكون رغبة شعبية لا يمكن لامريكا او غيرها السيطرة عليها او علي تداعياتها ان رغب الشعب في ذلك . حديث امريكي وترحيب حكومي سوداني يقول انه لا صوملة ولا تغيير في السودان برغبة امريكية تعلن انها ترغب في الاستقرار وتستبطن اشياء اخري لم يأت اوان الكشف عنها بعد .