أحد الاذاعيين المرموقين قابلني وهو يشكو من عسر الحال بالاذاعة السودانية وقال لي بالحرف «أنتم تركزون على التلفزيون ولكن الاذاعة ليست أفضل حالاً من التلفزيون»، وناشدني هذا الاذاعي الذي أثق في كلامه ومصداقيته بالتصدي لما يدور في الاذاعة!! وطبعاً اتحفظ عن ذكر اسم هذا الاعلامي حتى لا يطاله العقاب العاجل لأن سياسة تكميم الأفواه هي المتبعة في الاذاعة. قبل فترة صرح الاستاذ معتصم فضل مدير الاذاعة لجريدة الرأي العام الغراء بأن الاذاعة لا توجد بها أية مشكلة مالية وان الأمور (تمام التمام) ولكن مجريات الأحوال في الاذاعة والوقائع تطرح السؤال المهم إذا كانت الاذاعة لا تعاني من أية مشكلة مالية اذن أين تذهب الأموال والصرف على البرامج أصبح متدنياً جداً وقد تقلصت حقوق العاملين كثيراً ومعلوم أن مرتب الموظف في الاذاعة محدود ، ولهذا كان الموظفون يعتمدون على نظام الانتاج. والآن تقلصت مساحات الانتاج وتدنت معها مستحقات العاملين، ولأن هذا النظام اساساً ابتكر لتحفيز العاملين وحثهم لتقديم أفضل طاقاتهم فان العمل به كان من أهم الأسباب التي قادت لتطوير العمل بالاذاعة، الآن أصبح نظام الانتاج طارداً ومنفراً بفعل العائد القليل الذي يناله العاملون ، ومن هنا بدأ التدهور البرامجي واصبحت برامج الاذاعة جامدة وغير قادرة على استقطاب المبدعين، فالبرامج تقليدية ومحنطة ولا تناسب العصر. ان الاذاعة الناجحة هي التي تطور نفسها وتواكب العصر بالبرامج الحيوية، ونجد اذاعة مثل البي بي سي ابتكرت (بي بي سي اكسترا) هي تلائم أذواق الجيل الجديد الذي يهرب من تقليدية البرامج والبون شاسع ما بين اذاعة (بي بي سي) واذاعة معتصم فضل!! والحديث عن الأخ معتصم فضل يحتاج إلى توضيح فالأخ معتصم من وجهة نظري من المخرجين المميزين عبر تاريخ الاذاعة الطويل فضلاً عن ذلك فهو رجل فاضل وذو خلق حسن وهذه شهادة في حق هذا الرجل ولكن كل ذلك لا يشفع له لأن يظل مديراً للاذاعة أبد الدهر والرجل ذهب للمعاش وتم التمديد له وانتهت فترة التمديد أيضاً فهل عقمت حواء السودان عن تقديم اعلامي يقود الاذاعة، أم ان الامر يمضي وفق الترضيات والعلاقات الشخصية والاستلطاف (مالكم كيف تحكمون) ليس من المصلحة المهنية ولا الوطنية أن يظل معتصم فضل مديراً للاذاعة ليأخذ فرصته وفرصة غيره، والمنطق يقول لو دامت لغيرك لما آلت إليك. وأبرز عيوب معتصم فضل الادارية هو تسليمه بكل ما يقوله المسؤولون الأعلى منه حتى لو كان الامر على حساب العاملين وربما أصبحت هذه ميزة عند بعض المسؤولين الذين لا يريدون من يخالفهم في الرأي فكان معتصم بالنسبة لهم اداريا نموذجيا ويخافون أن يأتي من يناقشهم ويحاورهم ويطالب بحقوق الناس وينتقد السياسات الاعلامية البالية، ان وجود مدير للاذاعة بعد أن أخذ كل الفرص يعد سابقة أولى في الاعلام العربي ولا يوجد شخص في الاعلام الاذاعي يستمر بعد المعاش ويتم التمديد له وتنتهي فترة التمديد ويستمر إلا معتصم فضل الرجل الذي نحترمه على الصعيد الشخصي ، ولكن عهدنا ألا نجامل في الشأن العام وهذه مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى. الاذاعة مثلها مثل التلفزيون تحتاج إلى التغيير وتحتاج إلى اصلاحات والاهتمام بوضع العاملين والتدريب وبناء القدرات.. الاذاعة سادتي (حالها لا يسر)!! [email protected]