وصف مهتمون العلاقات العربية الألمانية بالمتطورة في جانبها الاقتصادي، وبالضعف في جانبها السياسي، نتيجة المواقف التاريخية التي تبنتها ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، بالاضافة الى مواقفها المتعاطفة مع السياسات الاسرائيلية الامر الذي احدث فجوة بينها والعرب في كثير من المواقف الدولية، مشيراً في ندوة حول «طبيعة العلاقات الثقافية بين المانيا والعالم العربي» التي نظمها المركز الثقافي الالماني بالخرطوم، الى وجود مشتركات بين ألمانيا والعالم العربي يمكن ان تطور لصالح الشعوب، كما انها يمكن ان تنعكس ايجابا على العلاقات العربية الالمانية التي كثيرا ما تتقاطع بسبب مواقف المانيا الداعمه للقرار الامريكي والاسرائيلي. المتحدثون في الندوة استعرضوا طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الشعوب العربية والألمانية وتبيان العناصر المشتركة والاختلافات التي تحملها الثقافة الالمانية عن العربية، كما أوضحوا طبيعة الدور الذي يلعبه مركز «جوته» في دعم مسيرة العلاقات السودانية الألمانية من خلال أنشطته وفعالياته التي تحاول ان تربط الشعبين الالماني والسوداني من خلال برامج التفاعل المشترك بين الدولتين. في مستهل الندوة تحدث احمد حسو، الخبير الاعلامي بألمانيا «زائر للسودان» ومحرر مجلة «فكر وفن» عن طبيعة العلاقات بين ألمانيا والعالم العربي من خلال تجربته بالعمل في المانيا، واشار الى انها ليست لها وجود سياسي كبير، بالرغم من الوجود الاقتصادي الكبير للمنتجات الالمانية بالوطن العربي ومعرفته بمنتجاته الجيدة، وارجع ذلك للصورة النمطية في ذهنية المجتمع العربي بأن الألمان عنصريون، والعكس يرى الالمان بان العرب يضطهدون النساء ويجهلون كثيراً من القضايا الانسانية، مشيرا الى ان هذه الصورة الذهنية ترسخت عند الطرفين، ولكنها بدأت تنحسر تدريجياً بعد فتح الحوار بين الطرفين ممثلاً في البعثات الدبلوماسية، التبادل الثقافي والاجتماعي من خلال الفعاليات المتبادلة والمشتركة بين العالم العربي والمانيا، خاصة في القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية. وذكر ان علاقته من خلال تواجده في المانيا بدأت تتحسن تدريجياً عندما طلب منه الانضمام الى مجلة «فكر وفن 2001) والعمل بها محرراً، حينما بدأت تصدر اعدادا تناقش قضايا المجتمعات العربية والاسلامية بعد احداث الحادي عشر من ديسمبر، والتي ساهمت في ازالة كثير من المفاهيم الخاطئة لدى الالمان عن الشعوب العربية والاسلامية، واضاف حسو «في اعدادنا القادمة سنتناول عدداً من القضايا المتعلقة بالثورات العربية التي اجتاحت الانظمة السياسية في العالم العربي واحدثت موجة من التغيير فيه. من جهتها قالت الدكتوره بلقيس بدري، مديرة معهد دراسات التنوع بجامعة الاحفاد، ان العلاقات بين الشعبين السوداني والالماني موجودة منذ القدم، واشارت في ذلك الى تجربة البعثات السودانية في المانيا التي ساهمت في تعريف الألمان بالثقافة السودانية من خلال تبادل الرؤى والافكار من خلال هذه البعثات، مشيرة الى ان السودان عرف الصناعات الالمانية منذ زمن بعيد، كما ساهمت البعثات الدراسية للطلاب السودانيين في ألمانيا في تطوير العلاقات والتعريف بها من خلال حالات التزاوج التي تمت بين الطلاب السودانيين والالمانيات، مما ادى الى وجود حميمية بين المجتمعين. وقالت هناك ضعف لدى كثير من السودانيين في معرفة الثقافة الالمانية، وقالت بامكانية تطبيق تجربة الحكم الالماني في السودان، مشيرة الى وجود قواسم مشتركة بين الشعبين مثل، (العرف، الاخلاق، المسامحة). وقالت المجتمع السوداني به صفة العنصرية التي تتشابه الى حد ما بالشعب الالماني، واضافت «اذا ظل الوضع على حاله العنصري فلا وحدة ولاتعايش سلمي في السودان، واشارة الى انها اسست معهد الجندر وقضايا التميز والنوع بالاحفاد حتى نعرف العالم عن المرأة السودانية بانها ليست مضطهدة، كما توجد مجموعات لها حريتها في التعبير والمشاركة في كثير من قضايا بلدانهم ودعت الى ضرورة وجود حوار عبر الاعلام والصحفيين والمثقفين بالبلدان حتى يبعدوا الاتهامات الاجتماعية، ومعرفة الحقيقة. من ناحيته قال فيصل محمد صالح، ان العلاقات العربية الالمانية بين الجانبين قائمة على مستويين مع وجود اشكالات مثل الفوارق بين المجتمعين، خاصة اثر الحرب العالمية الثانية، ونظرة العرب لتعاطف الالمان مع اسرائيل في كثير من القضايا العربية المطروحة في المجتمع الغربي نظير ان تغفر جرائم الهلوكوست التي ارتكبتها النازية، مما جعل العلاقات تتأثر أكثر فأكثر وموقف ألمانيا في الاتحاد الاوربي وانحيازها للموقف الامريكي في اتخاذ القرارات من القضايا العربية في مجلس الامن الدولي، وايضا احداث 11سبتمبر كان لها دور بارز في تضخيم الصورة النمطية عن المجتمع العربي (الإسلامي) وتسمية المسلمين بالمتطرفين دينيا (إرهابيين) دون الاشارة الى ان المسألة يمكن ان تكون افعالاً للمجموعات دون الاخرى وفق مفاهيمهم الدينية. واشار ايضا الى موقع السودان بالنسبة للعالم الغربي يقع «شرق، غرب، شمال، افريقيا» وقال ان موقع السودان له دور في تصنيفه بالنسبة للالمان واشار الى مشكلة السياحة في السودان مع توفر مقوماتها، واضاف «من الصعب الاستثمار بها لخلق علاقات، وتساءل: اذا كان السودان يحاسب في لبس البنطال فكيف يقبل لبس السواح الاجانب» ودعا الى بناء دولة متعددة الهويات حتى تستوعب الآخر المختلف والتعايش معه واحترام حقوق الآخرين . ومن ناحيته اشار الدكتوراحمد الصادق، نائب مدير معهد سلتي للغات، الى اشكالات التواصل المختلفة للعالم وتأثير الاستعمار على الثقافات على الرغم من ان المانيا ليست لها اي سابقة استعمارية بالوطن العربي، الامر الذي يجعلها تقوم بدور المبادر من المجتمع الغربي بالنسبة للعرب وطرح قبول اهتمام الآخر بالمحيط من حوله. وشهدت الامسية مجموعة من المداخلات حول دور الاعلام في تصنيع هوية وهمية للآخر، مشيرين الى ان صعوبة اللغة الألمانية وعدم مقدرة العرب على ترجمتها، ودور السياحة في خلق علاقات أفضل.