* التسول أو سؤال الناس لذي الحاجة كانت حالات نادرة في مجتمعنا السوداني بل كان الناس عندنا يخشون أن « يمدوا أيديهم أو يمدوا القرعة « سائلين الناس « شيئاً لله «.. حياءً منهم، وكثيرون من الفقراء والمساكين (يَحْسَبُهُمْ الجْاَهِلُ أَغْنِيَاَءَ مِنْ التَّعَفُّفِ لَاَ يَسْأَلُوُنَ النَّاسَ إِلحْاَفَاً ) صدق الله العظيم. * فالتسوّل اليوم أصبح ظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد أركان البناء الاجتماعي للمجتمع لأنه تحول إلى حرفة ومهنة يحترفها كثيرٌ من المتسولين ويمارسونها بقدرات عالية وفنون وأساليب متعددة والأخطر من ذلك أن التسول بات أقرب إلى الجريمة الاجتماعية المنظمة وقادتها وروادها معظمهم وافدون أجانب يستخدمون العديد من الأطفال والنساء لممارسة هذه المهنة وفق اتفاقات معينة بنظام «الكوميشن « أي النسبة من الإيراد اليومي الذي يحصل عليه المتسول! * يدير شبكات المتسولين من النساء الأطفال والشيوخ عدد من الوافدين الأجانب من دول إفريقية مجاورة بصورة دقيقة ومحكمة حيث يمتلك بعض هؤلاء الوافدين وسائل حركة «بكاسي» فيضربون مواعيد محددة للمذكورين من المتسولين يحددون لهم الزمان والمكان ثم يأخذونهم في هذه البكاسي جماعات أو زرافات ويقومون بتوزيعهم في الصباح على مراكز ثقل المواطنين مثل إشارات المرور والتقاطعات والاسواق وفي بعض الاحياء التي يقطنها أثرياء ثم يعودون مساءً ليجمعوهم مرة أخرى في مراكز تجمع محدودة ثم يحصلوا على الايرادات اليومية منهم فيعطوهم ما فيه النصيب ثم « يفكونهم عكس الهواء «! * فبعضهم له مأوى وبعضهم بلا مأوى ينام على الطرقات والشوارع ليبدأ حياته صباح كل يوم بالركوب على البكاسي إياها رافعاً كفيه: «يا محسنين لله» !! * نحن بلد رفعنا راية التكافل الاجتماعي ونعمل بنظام الزكاة الاسلامي ولدينا ديوان زكاة في كل ولاية وصندوق تكافل في كل ولاية، وحياتنا الاجتماعية تبدو عليها المظاهر الإسلامية في كل شئ في التراحم والتوادد والتعاضد والتكاتف والوقوف عند المحن والإحن والملمات صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، فلماذا نسمح لهذه الظواهر السالبة بأن تنتشر في حياتنا خاصة وأن مهندسي هذا التسول المنظم هم وافدون أجانب فمثلما نحارب الجريمة المنظمة لأنها تهدد الأمن والسلم الاجتماعي ينبغي علينا أن نحارب التسول المنظم لأنه ليس من شيمنا ولا قيمنا ولأنه يهدد أمننا الاجتماعي ويصوِّر بلدنا للزائرين أو الأجانب المقيمين بأنها بلد متسولين ونحن لسنا كذلك.. * وقد قال شاعر العرب: سألنا فأعطيتم وعدنا فعدتمو ومن يُكثر التِّسآل يوماً سيُحرم * والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ما معناه: ( لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم).