بدا الامام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي أكثر هدوءً، وإن غلبت عليه نبرة الحزن على حال الوطن الذي قال انه اصبح مستباحاً دولياً وان اتفاقياته كلها دولية، ودعا المهدي الى ضرورة التوافق علي حد أدنى بين القوى السياسية في القضايا الوطنية، واستعرض في المنبر الدوري للاتحاد العام للصحافيين السودانيين أمس برنامجه الانتخابي المكون من عشر نقاط أساسية. وقال المهدي ان برنامجه السياسي بوضوح تام هو تصفية الشمولية ونعني بها فصل الحزب عن الدولة، وتحجيم الأمن بحيث لا تكون له صلاحيات الاعتقال والمصادرة بل يحلل المعلومات ويجمعها، وان تكون النقابات حرة ونزيهة، واحترام السلطات الدستورية على اساس انها تحقق مبادئ المشاركة، المساءلة، الشفافية وسيادة حكم القانون. واقتصادياً قال المهدي الآن يحصل انفجار غير مبرر في الصرف بعد ايرادات البترول وأضاف «افترضوا انهم صاروا كويت افريقية لذلك تكوتوا» وقال حدثت زيادة في الصرف «30» ألف مرة، بسبب الترهل الاداري، وقال ان صرف الولايات قفز من نصف مليار دينار الى «101» مليار دينار بزيادة في الصرف الاداري بلغت «18000» بدون صرف حقيقي، ووصفه بانه صرف اداري لا مبرر له، وقال ان الصرف على الأمن الآن في العام «2000- 2008م» تضاعف «7» مرات كان يجب ان لا يتضاعف بعد تحقيق السلام، حيث قفز من «300» مليون دولار الى «2,14» مليار دولار» وقال «هذا شحم لازم ينزل» ودعا الى ضرورة توجيه هذه الموارد الى الزراعة والصناعة وتوظيف أموال البترول في الموارد المتجددة. ووصف المهدي النسب الحالية للميزانية بأنها «مريضة» لان ميزانية «2008» الصرف على القطاع العسكري «60,6%» والقطاع السيادي الذي وصفه بقطاع العطالة «10%» والزراعة «8,6%» والصناعة «7%» وقال نلاحظ ان السودان الذي لم يكن فيه بترول كان التعليم مجانياً والصحة مجانياً والمواد تدعم، واضاف ان الصرف الكبير على التضخم احدث انفجاراً أدى لضرائب غير معقولة لتمويل هذا الكادر لذا صارت الدولة دولة جباية لذا لابد من ان نسترد دولة الرعاية. وقال مع خصخصة المؤسسات زادت نسبة الفقر، وزادت قاعدة الفقر والعطالة والمشاكل الاجتماعية، واصبح الايدز بشكل وبائي والمخدرات واللقطاء، وقال ان العنف مرتبط بتدني الاخلاق والمعيشة واصبح هناك خطر كبير على الاسرة والمجتمع. وفي محور الاسلمة قال المهدي نحن غير موافقين على ما أسموه التجربة الاسلامية في السودان، لكن إدخال التشريعات في القانون المدني والجنائي يحتاج لإجتهادات حتى لا تكون ناقصة، واضاف لابد ان نراعي ان العاصمة، وان القوانين المطبقة على القطر كله تكون خالية من أي محتوي ديني، وان القوانين التي تطبق على التابعين لدين لابد ان تكون بهذا الدين، وقال ان الاسلمة لابد ان تكون واضحة ولا تناقض بينها والحرية والعدالة والمساواة، واضاف «للاسف تجربة الانقاذ فيها هذا التناقض الذي شوه سمعة الاسلام». وقال المهدي انه مع اتفاقية السلام ولكنها جعلت الانفصال جاذباً وذلك بتقسيم البلاد على اساس ديني مما خلق استقطاباً منذ البداية، وان اعطاء الجنوب «50%» من بترول الجنوب كان يجب ان تكون ال«50%» من الثروة القومية، وبسبب سياسات النظام وردود الفعل مع اللوبيات الغربية نشأت عداوة دفعت الولاياتالمتحدة لمصادقة الجنوب ومعاداة الشمال، وان اعوام السلام الخمس الماضية بدلاً من ان تكون للتوافق كانت حرباً باردة وهذا سيؤدي لانفصال عدائي، واذا قامت حرب ستكون بين دولتين وبدعم اقليمي ودولي وستكون مدمرة.وقال المهدي ان سياسات الانقاذ في دارفور حولت الصراع الذي كان عبارة عن فجوة التنمية والخدمات والصراعات القبلية والنهب المسلح والصراع على الموارد الى الإثنية المسيسة والاحزاب المسلحة والمأساة الانسانية والتدويل، وقال ان مشكلة دارفور يمكن حلها في ثلاث شعب سيوافق عليها الجميع وهي فيما يتعلق بالاقليم الواحد او المشاركة في الرئاسة بالعودة لما كانت عليه عام 1989م، وقضية النازحين لابد من التعويض الفردي والجماعي، وفي السلطة والثروة الاقتداء بنموذج نيفاشا. وقال المهدي إن حزبه أحرص على الانتخابات لأن كل القوى الاخرى مشاركة في الحكومة، وقال حدثت اساليب فاسده ففي البند «70» أ- من قانون الانتخابات حدث تمييز في اعطاء الفرص المتساوية في الاجهزة الاعلامية، كما ان القانون ينص على ان تعمل المفوضية سقفاً على الصرف، ولكن نحن عملنا دراسة للصرف وجدنا ان المؤتمر الوطني بلغ صرفه «50» ضعف ما صرفته الاحزاب مجتمعة، كما يتحدث القانون في المادة «71» عن تمويل الحكومة للاحزاب ولايوجد من القوى السياسية غير المؤتمر الوطني الذي مول، وان المادة «73» تتحدث عن استقلال النفوذ والذي حدث استغلال نفوذ واضح كما حدث في تدشين الحملة باستاد المريخ والتبرع له بمليار جنيه. وقال ان تأجيل الانتخابات الذي تطالب به القوى السياسية من أجل اتاحة الفرصة لحل القضايا العالقة مثل التعداد السكاني الذي يرفضه الجنوب وإلحاق دارفور بالعملية السلمية. قال المهدي بان هناك طعناً مقدماً ضد المفوضية القومية للإنتخابات لفساد مالي وإداري، وأن هناك مقترحاً بتكوين لجنة مراجعة لأدائها من «6» شخصيات مستقله، اذا أثبتت تجاوزات سيترتب عليه قرار. وشدد المهدي على حدوث أساليب فاسده في العملية الانتخابية في عدم العدالة في توزيع فرص البث في الاجهزة الاعلامية بالتساوي، عدم ضبط المفوضية الصرف على الحملات الانتخابية، واضاف «ان ما صرفه المؤتمر الوطني يعادل «50» ضعف ما صرفته القوى السياسية مجتمعة». وقال إنهم يرفضون قرارات مؤسسة الرئاسة بزيادة مقاعد البرلمان للجنوب وجنوب كردفان وأبيي لانها ليست دستورية أو قانونية وبالتالي يجب البحث عن مخرج وفاقي لقضية التعداد السكاني واشراك دارفور في العملية الانتخابية. وحذر الإمام الصادق المهدي مما أسماه «بالتكفيريين الجدد» ووصفها بالظاهرة الجديدة والخطيرة، مثل «المجلس العلمي، وانصار السنة» الذين يصدرون بيانات تنص على أن التصويت لغير البشير كفر وكذلك التداول السلمي للسلطة، وأخرى بان الانتخابات فاسده ولكنهم يؤيدون ترشيح البشير، ويتحدثون بوضوح عن ان دعم ترشيح مسيحي أو آراؤه كفر، وقال المهدي ان ما يقوله هؤلاء الشيوخ ستترتب عليه بأن الشباب سيأخذوه وينفذوه. وقال المهدي ان اجراء الانتخابات بشكلها المعيب هذا سيجعل منها مدخلاً لتفتيت السودان، وعدم الاعتراف بهذه الانتخابات من القوى السياسية بهذه الطريقة سيضعف الدولة السودانية داخلياً، وسيعجل بإنفصال الجنوب بشكل عدائي، ويقفل الطريق لحل قضية دارفور، ليوظف ذلك في مشروع تمزيق السودان، وقال «ان حديث اليمين في الغرب عن فوز الرئيس بالانتخابات سواء كانت حرة او غيره، هو سيناريو مرسوم لتقسيم السودان، لأن فوز البشير يحقق تنفيذ ذلك السيناريو بتعجيل إنفصال الجنوب لدولة عدائية واعاقة التوصل للسلام في دارفور وإحداث التوتر في الشمال» واضاف المهدي «ان أعداء السودان لايبحثون عن أفضل من هذا والتسرب من عيوبنا» وشدد المهدي على اننا امام انتخابات اقرب لأن نكرر السيناريو الكيني، وفي تقرير المصير اقرب لأن نكرر السيناريو الأثيويبي الإريتري.