ظلت قضية الديون السودانية البالغة اكثر من 30 مليار دولار تشكل عقبة وهاجساً كبيرين للاقتصاد السودانى خاصة وانها تنقسم الى قسمين منها لدول نادى باريس اكبر دائنيها النمسا والمملكة المتحدة ثم دول تقع خارج نطاق دول نادى باريس اكبرها الكويت والسعودية والصين. ولاول مرة فى التاريخ تجد ديون السودان حيزا كبيرا فى مناقشات اجتماعات الربيع التى عقدت بواشطن التى ناقشت امر سداد متأخرات الديون واظهرت انها تحتاج الى استراتيجية من السودان وموقف نشط من حكومة السودان وإرادة من كافة الاطراف . وبالنظر الى الحراك الدولى فى مسألة الديون، نظمت وزارة المالية والاقتصاد الوطنى ورشة عمل تعليمية عن سداد المتأخرات وتسوية الديون الخارجية بالتعاون مع البنك الافريقى للتنمية بالوقوف على تجارب بعض الدول الافريقية التي استفادت من مبادرة الدول المثقلة بالديون «الهيبك» مثل غانا ومفهوم نيجيريا فى التعامل مع الهيبك وعرض من جمهورية ملاوى حول تجربتها وخبرات الهيئة البريطانية للتنمية لما وراء البحار بالاضافة الى تجربة البنك الافريقى للتنمية فى هذا المجال بالاضافة الى وضعية بعض الدول المشابهة للسودان فى الديون مثل سيراليون وزيمبابوى . وركزت الاجتماعات التى عقدت بالخرطوم امس على ضرورة وضع استراتيجية فنية لمعالجة الديون التى تم الاشتراط لها بوضع سياسة معينة قام السودان بتنفيذها وفقا لوعود المجتمع الدولى خاصة فيما يتعلق باحلال السلام وتنفيذ بنود اتفاقية نيفاشا والتوصل الى استفتاء سلمى يفضى الى نتيجة سلمية، بالاضافة الى ذلك فإن من ضمن شروط الاعفاء هو تحقيق استراتيجية محاربة الفقر التي قال عنها وزير المالية والاقتصاد الوطنى ان الامر يسير وفقا لخطة مبشرة، فى وقت يرى فيه الدكتور لوكا بيونق وزير رئاسة مجلس الوزراء ان استراتيجية مكافحة الفقر ترتبط بازالة التهميش وهو امر يجب ان يقنع المواطنين وليس الدائنين، وشدد على ضرورة إعمال استراتيجية نقنع بها انفسنا اولا قبل اقناع الآخرين. ويرى ممثل البنك الافريقى للتنمية ان موقف السودان متميز فى تاريخ البنك الافريقى خاصة وان مديره فى الستينيات كان سودانيا كما شغل منصب نائب المدير امرأة سودانية، مبينا ان الاجتماع يسعى الى تبادل الخبرات بين النظراء وليس لتحديد شروط تخفيف الديون، واكد انجاز الامر اذا توصل المجتمعون الى ان الاعفاء ممكن وليس مستحيلا، مشيرا الى ضرورة النظر الى حجم التحديات الصغرى والكبرى. وإلى ذلك يقول علي محمود وزير المالية والاقتصاد الوطنى إن السودان بذل جهودا لاحلال الامن والاستقرار عبر اتفاقية السلام وإعمال استفتاء ناجح والعمل على تقليل نسبة الفقر ومعالجة التحديات لتحقيق الرفاه والنمو، وقال: رغم ما حققناه فان قضية الدين تظل عالقة ولم يكن يتوقع من السودان وضعا جيدا دون الاستفادة من مبادرة الهيبك مبينا ان واضعى السياسات والقانونيين كل على علم بادارة الدين وآليات التعامل معه مؤكدا صعوبة المرحلة للوصول الى المبتغى، وقال: وفقا لاشادات الصندوق والبنك فإن السودان ظل يحافظ على سجل جيد يؤهله للاستفادة من الهيبك. وقال: هنالك خطوات عملت وتم الايفاء ببعض الشروط ولكن ذلك قد لا يؤدى الى تخفيف الديون. وقال نتوقع من خلال القرارات التى اتخذت ان تؤثر على الجنوب والشمال مشيرا الى وضع آليات لمعالجة التأثيرات ورغما عن الصعوبات سوف نتعامل مع الجنوب بفتح حدودنا من اجل حرية الحركة نحو الجنوب . ويشير الخبراء الى ان سداد المتأخرات يحتاج الى استراتيجية من السودان وموقف نشط وارادة من كل الاطراف كما يجب تقاسم الخبرات الافريقية لافضل الممارسات فى تخفيف الدين للتعامل مع النظراء عبر التركيز على مايراه النظراء الافارقة للتوصل الى عملية ناجحة لحل الديون مبينين ان الورشة تساعد السودان فى تحديد المناطق الرمادية وتدفع بالفنيين للاستفادة من الخبرات وتدفع بحجم العمل الكبير فى تخفيف عبء الدين داعين الى اقامة فريق فنى داخل وزارة المالية والبنك المركزى لتبادل الخبرات مع نظرائهم . ولكن الدكتور صابر محمد الحسن محافظ البنك المركزى السابق قال: إن السودان كان يسعى الى معالجة الديون منذ وقت طويل ولقد وفر كل المتطلبات الفنية باستثناء استراتيجية مكافحة الفقر، واضاف: نسبة لاسباب سياسية لم يستفد السودان من مبادرة اعفاء الديون معتبرا ان قضية الديون فى ظل المنعطفات التاريخية وانفصال الجنوب تعتبر مختلفة مؤكدا ان القضية كبيرة واحدى القضايا الاقتصادية يتحتم على طرفى الاتفاقية التوصل لتفاهمات لانها مشكلة للدولتين بالنسبة للشمال تعد مشكلة فدون تخفيف الديون لن تتحقق الكثير من الاهداف وتصبح صعبة المنال اما للجنوب من الاهمية ايضا تخفيف الديون لانه مطلب لميلاد دولة لاترزح تحت الديون حتى لا تعانى مشكلة منذ ميلادها، ودعا الى ضرورة التعامل مع القضية بصورة بناءة . وقال: إن مناقشات قضايا ما بعد الاستفتاء ومنها الديون تم فيها تحقيق بعض التقدم مشيرا الى ان تجارب الدول الشبيهة بموقف السودان انقسمت الى قسمين منها قسمة الديون بين الدولتين والثانى هو ان الدولة الام تأخذ كل الديون الى ان تتمكن من الدفع. وقال: من الافضل للدولتين ان يركزا جهودهما فى تخفيف عبء الديون قبل النظر فى القسمة ايا كانت المعايير التى تستخدمها الامر الذى يشكل اعباء، مبينا ان الطرفين اتفقا على البحث عن حل. وقال: من خلال التفاوض اتفق الطرفان على الخيار الصفري ما يعنى ان على الدولة الام ان تحمل على عاتقها عبء الديون بشرطين وهو ان يتبنى الشمال والجنوب نظرة موحدة وبشرط اهمية تخفيف الديون مبينا ان كل القضايا العالقة الاخرى يمكن حلها عبر الجانبين فقط اما قضية الديون فانها تحتاج الى طرف ثالث من اجل الحل وهذه هى القاعدة لتقديم المساعدة واسهام المجتمع الدولى لاحداث وتسهيل تفاوض الطرفين والشرط الثانى هو الحصول على التزام قاطع من الجانبين للاستفادة من مبادرة الهيبك وبهذين الشرطين اتفق الطرفان على تبنى استراتيجية مشيرا الى اختلاف الدائنين ولكنهم اتفقوا على ان الطريق جيد. وقال: لانجاح المبادرات هنالك جهود على المستوى الفنى وضرورة التصالح مع الارقام مع الدائنين والاتفاق معهم. ويؤكد المناقشون على ضرورة تعزيز الجهود والاسراع بهذه العملية ثم توسيع دائرة النقاش مع الدائنين والتوصل الى خارطة طريق واضحة واتفاقية ثنائية مع الدائنين الرئيسيين الراغبين فى الاعفاء مشيرين الى انه حتى الآن توجد التزامات شفاهية، ودعوا الى اهمية الوصول الى الدائنين والاتفاق معهم فيما يتعلق بالمؤسسات ودفع المتأخرات قائلين ان حسن النية مطلوب مع الدائنين والدعم ايضا مطلوب نظرا لكبر حجم الديون خاصة اذا اردنا دفع المتأخرات. اما لوكا بيونق وزير رئاسة مجلس الوزراء فيقول: إن النقاش فى امر الديون هو امر وطنى لطرح التحديات، وقال: المهم فى الامر هو تقديم شكر للدائنين والاعتراف لهم بالفشل فى السداد، وقال لكنا ايضا يجب علينا التفكير فى الاسرة الدولية سواء كنا دولتين ام دولة واحدةو وقال: كما علينا التعلم من السودان الشمالى وتجاربه حتى نتحاشى الاخطاء والعمل على مؤازة الدائنين مؤكدا ان الديون تخص كل السودانيين، ودعا الى عدم ربط الامر بحزب سياسى. وقال: الامر سيعانى منه السودان الشمالى فى حال الانفصال وايضا الجنوب يؤثر على السودان لذا فلابد من العمل على قيام دولتين قابلتين للحياة خاصة فى ظل وجود كثير من الاشياء المشتركة مؤكدا العمل سويا للوصول الى الخيار الصفرى مشيرا الى علاقات الجنوب المتميزة التى يمكن ان تساهم فى الحل. وقال: ولكن من المهم الحديث عن التركة والتركيز على تخفيف عبء الديون مبينا ان استراتيجية تخفيف الفقر هى وسائل لتقليل التهميش فى السودان الامر الذى يعمل على اقناع المواطنين وليس الدائنين.