دوما كانت للمقابر قدسية وجلال من طبيعة الموت، لكنها الآن تعاني من وحشة وظلمة ناتجة عن انقطاع التيار الكهربائي وليس بعطل طارئ، لكن بسبب تجاري، وعلمتنا الهيئة القومية للكهرباء ان من لم يدفع لن تنير منزله، لكن لم نعتقد يوما ان المقابر لها نفس القانون. قال لنا ماجد ميرغني: عندما ذهبنا الى مقابر البكري لندفن المرحومة خالتنا في منتصف الليل، وجدنا المقابر يلفها الظلام، ولم نكن مستعدين لهذا الوضع، ولكن بجهود المشيعين الذين رافقونا استطعنا اتمام الدفن والحمد لله علي كل شيء. ويوضح لنا ميرغني يونس أحد المشيعين، انهم عند وصولهم المقابر في الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، كانت المقابر مظلمة، وحاول البعض شراء الكهرباء لكن غفير المقبرة اوضح لنا ان متأخرات الكهرباء تبلغ حوالي 2000 جنيه، واضطررننا الى استخدام اضواء الموبايلات، بينما استخدم بعض سائقي الامجاد كشافات سياراتهم من بعيد،ويردف ميرغني: وعند محاولتنا الخروج صعب علينا الامر بسبب الظلام وتعرج المسارات بين الخروج، واستنفدنا زمنا طويلا في الخروج. وتوجهنا الى كمال مصطفى ابشر عضو لجنة انارة مقابر البكري واحمد شرفي، وتحدث الينا عن مشروع انارة المقابر، وقال منذ سنوات لاحظنا ان المقابر مظلمة، وكثيرا ما نجد الدفن يتم باضواء الموبايلات، وقمنا بالاتصال بمجموعة من رجال الاعمال والتجار، وأسفرت جهودنا عن تبرع احد التجار بانارة المقابر، وبمساعدة الوزير جودة الله عثمان تمكنا من انارة مقابر البكري واحمد شرفي بتكلفة 84000 جنيه، وكانت عملية الانارة تتم بصمت، ولم نقم احتفالات كما يفعل البعض. ويتابع كمال حديثه: وبذلك اصبحت الانارة مكتملة، وحاولت بعض الجهات ادعاء ان الانارة من انجازاتها، وكنا نتعجب من هذه التصريحات ولم نعلق عليها. وصمت كمال لحظات وبنبرة حزينة قال: حتي منظمة حسن الخاتمة ادعت في ميزانيتها انها انارت المقابر بمليون وسبعمائة الف جنيه، وذلك لم يكن حقيقة ويوضح كمال أسباب توقف الانارة عن المقابر حاليا، ويقول ايجار العداد شهريا يبلغ 200 جنيه من غير الاستهلاك الفعلي، وسعر الكيلواط نحاسب به بالسعر التجاري، وكنا في البداية نتشارك مجموعة من الخيرين وندفع ما نستطيع ونشتري كهرباء لانارة المقابر حسب امكانياتنا لمدة 5 ايام، لكن ظروفنا المالية الحالية اصبحت لا تسمح لنا بأكثر من ذلك. ويستكمل كمال حديثه معنا قائلا: كهربة المقابر مهمة جدا، وكثيرا ما اصيب كبار السن بجروح في الارجل بشواهد القبور الحديدية، ومعظم هؤلاء من مرضى السكري، كما يتعرضون للسقوط عند حواف القبور، ومعظم من يرتدي «جلابية» تتمزق ملابسهم بشواهد القبور ، فهذه هي المعاناة التي تواجه الناس يوميا في المقابر. والعالم اليوم يتحدث عن المسؤولية الاجتماعية للشركات تجاه مواطنيها، بيد ان وزارة الكهرباء والسدود ومن بعدها ابنتها هيئة توزيع الكهرباء، تخلت عن مسؤوليتها الاجتماعية، وصارت لا تفرق بين حي وميت .