وجدت الطريقة الهاشمية الميرغنية التي يتزعمها شيخ الإذاعيين المتخصصين في البرامج الخدمية والمجتمعية المباشرة مع المواطنين الاستاذ الاذاعي هاشم ميرغني وجدت انتشارا واسعا وانضمت اليها مجموعة كبيرة من الاحباب والمريدين يشكرون صاحبها آناء الليل واطراف النهار. واستطاع هاشم ميرغني ان يقدم رسالته الاعلامية الهادفة بصورة ميسرة وسهلة الهضم للمواطن البسيط ويقوم بتوصيل المعلومة المفهومة للمستمعين بيت بيت ودار دار وشبر شبر وزنقة زنقة . (ه ) هاشم ميرغني عشق الاذاعة والعمل الطوعي والسفر والترحال مبكرا حيث انتقل من مسقط رأسه قرية حجر العسل بولاية نهر النيل التي درس بها الابتدائية الى مدرسة بحري الحكومية الوسطى ثم مدارس الكلية القبطية وجمال عبد الناصر وتخرج في كلية الآداب قسم الاجتماع بجامعة القاهرة وتعلم من اساتذته وزملائه في التعليم المصري المرونة في التعامل وسرعة البديهة وخفة الدم والخيال الواسع وكسب الصداقات عبر الابتسامات ورواية القصص الطريفة والمواقف المضحكة واشاعة الفرح والسرور بين الناس، ثم انتقل الى حوش الاذاعة السودانية في 1974 وتلقى تدريبا مكثفا واجاز صوته الخبير محمد خوجلي صالحين وتدرب على يد الاساتذه عباس بانقا ويس معني وفهمي بدوي وعبد الوهاب محمد صالح ووجد امامه الكبار علم الدين حامد وعبد الرحمن احمد وطاف باقسام الاذاعة المختلفة من تنسيق وتقديم وتسجيل واخراج وظل كغيره من المتدربين وقتها مستمعا لشهور داخل الاستديوهات ثم منح فرصة ليقول هنا ام درمان والتقديم والتعقيب وقراءة نشرات الاخبار بالتدريج من الثانية عشر الا ربعا مساء ثم العاشرة صباحا والثامنة مساء المحلية والتاسعة والنصف والثالثة عصرا . (أ) أثارت الرسالة الاذاعية التي اطلقها معمر القذافي في الثمانينيات الفتن والنعرات القبلية بالسودان حيث كانت موجهة للمستمعين في غرب البلاد ولها مراسلون فارسلت الاذاعة السودانية فريقاً اذاعياً برئاسة ذو النون بشرى ضم هاشم ميرغني لافتتاح محطة نيالا التي قدمت خدمات جليلة للوطن وربطت ابناء القبائل المختلفة وتصدت لهجمات كتائب القذافي التي كانت تبث السموم عبر الاثير بسبب علاقة القذافي السيئة مع النظام الحاكم . واشتهر هاشم ميرغني بتقديم برامج المنوعات الخفيفة في السادسة مساء والتى تستمع الى شكاوي ومداخلات المواطنين ومن اشهرها حلقة عن الطائرة التي ضربت حمار كلتوم ست اللبن ووجدت قبولا ورواجا ورجع بعدها للخرطوم ثم عاد الى اذاعة نيالا مديرا للبرامج ثم مديرا لها وانتقل الى محطة الابيض التى ادارها عقب فترة رئاسة ابراهيم البزعي ثم انتقل هاشم شمالا واسس اذاعة عطبرة واسس لاحقا اذاعة حلفا القديمة والى الوسط مديرا لبرامج اذاعة مدني ثم شرقا مديرا لاذاعة بورتسودان وساهم هاشم بخبراته وحسن تعامله وادارته المتفردة في دفع مسيرة الاذاعات الولائية التي نجحت في تقريب المسافات بين ابناء السودان وكانت برمجتها تعد على حسب طبيعة سكان الولاية ونجحت في دعم حملات التطعيم ضد امراض الطفولة وكانت تنضم الى البرنامج العام لتقديم نشرات الاخبار الرئيسية وكان انشاءؤها اولا كمحطات تقوية ثم تحولت الى اذاعات مكتملة ظلت احدى ممسكات الوحدة الوطنية. (ش ) شعر هاشم ميرغنى خلال مشاركته في ادارة الاذاعات الولائية باهمية العمل الموجه للانسان البسيط في القرى والارياف وقرر ان يزور كل المناطق السودانية النائية وغير المعروفة ليتعرف على اسباب تسميتها والقبائل التي تسكنها واهم حرفهم وعاداتهم وتقاليدهم في الافراح والاتراح وتراثهم المحلي وعكس كل مايدور في الشرق والغرب والجنوب والشمال والوسط للمستمع عبر اثير هنا ام درمان، فكانت تجربته في سهرة (رياض البوادي) التي تبث في الحادية عشر مساء كل يوم اثنين بالاذاعة وقدم حلقات متنوعة ومثيرة وحافلة بالغرائب والعجائب وتعرف على ثقافات ولهجات القبائل النيلية الدينكا والشلك والنوير وغيرهم، ووقف على حاضر ومستقبل قبائل شرق السودان في كسلا والقضارف والبحر الاحمر وقدم بطريقته المعهودة في السهل الممتنع افضل السهرات الاذاعية وصارت سهرة رياض البوادي مرجعا مهما ووجه المدير العام للاذاعة بحفظها وارشفتها وعدم مسح اي شريط منها . (م ) مارس هاشم ميرغني هوايته المحببة في الجلوس الى البسطاء في الاسواق والاستماع اليهم واستنطاقهم ومعرفة طرق تفكيرهم ووسائلهم في كسب العيش الحلال وذلك من خلال فقرته المسموعة جدا الاستديو المتحرك التي يتم اذاعتها على الهواء مباشرة عبر اثير الاذاعة السودانية يوميا خلال برنامج الصفحة الاولى. وبرع هاشم ميرغني بطريقته المحببة للضيوف والمستمعين في نقل ايقاع الحياة اليومي حيث ظل يقدم يوميا ضيفا بطريقة عشوائية من السوق يوضح للمستمعين كيفية تسويق تجارته عبر حوار مباشر وصريح بلغة دارجية عادية ودون تكلف او تلوين وتبدأ الاستضافة بشراب الشاي او الجبنة لكسر حاجز الخوف والرهبة لدى الباعة ثم الحديث حسب نوع السلعة حيث تناول عبر الاستديو مناطق انتاج الطماطم واسعارها الحقيقية التى تصل للمستهلك وظل الاستديو يجلس الى بائعات الشاي والكسرة او اصحاب دكاكين للتوابل وغيرهم ثم ينتقل الى مقابلة المسؤولين وان كانت احيانا تحتاج الى وقت طويل وبروتوكولات تعيق سير الاستديو ويلجأ هاشم ميرغني في تحريكه للاستديو الى بعض القفشات التى تجمل الاستديو ومن الطرائف التي يذكرها انه كان يتحدث على الهواء مباشرة مع احد مواطني مدينة الانقاذ والتفت اليه ولم يجده وظل يتحدث لوحده الى ان عاد المواطن الذي دخل الى المنزل واحضر له كباية ماء بارد وواصل حديثه للاستديو المتحرك عبر برنامج الصفحة الأولى بالإذاعة القومية .