حزمة من القضايا الشائكة فتحت بشكل مباشر امام حضور غفير من المهاجرات اللاتي اتين من كل انحاء العالم للمشاركة في هذا المؤتمر وطرح قضايا بنات جنسهن، ولم يقتصرالنقاش في ملتقى المرأة المهاجرة حول ما يختص بالهجرة فقط ، وانما امتد لتبادل الرؤى لما يدور داخل البلاد وما يحدث من تغيرات للسودان بعد الانفصال ، حيث دار حديث حول الجمهورية الثانية ودور المرأة في المشاركة في كل مستويات الحياة المدنية ، وايضا قضايا التعليم والهوية لابناء المهاجرين خاصة اولئك الذين يعيشون في الدول الاروبية والغربية ، وقدمت من الاوراق التي فصلت هذه القضايا باستفاضة. وكان الحديث عن السياسة سيد الموقف ، حيث ناقشت الورقة الاولى بعنوان التمكين السياسي والاجتماعي للمرأة ومشاركتها في الحياة العامة، اعدتها وقدمتها البرلمانية ليلى احمد سعيد ، موضحة فيها ان قضايا المرأة تحتل موقعا متقدما في الاستراتيجية ربع القرنية التي تهدف الى تحقيق اهداف الالفية الثالثة، في مجال تمكين المرأة وتحسين اوضاعها عبر مجموعة من الاستراتيجيات والسياسات القومية التي تشارك في انفاذها الاجهزة التشريعية والتنفيذية والمراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدني كافة عبر تنسيق وتوزيع محكم للادوار. واشارت الورقة الى ان المرأة تمثل نسبة 7.48% حسب التعداد الاخير ، واستعرضت وثيقة الحقوق المضمنة في دستور السودان الانتقالي للعام 2005 «المادة 32» التي تنص على ان تكفل الدولة للرجال والنساء الحق المتساوي في التمتع في كل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية بما فيها الحق في الاجر المتساوي والمزايا الوظيفية الاخرى، وتعزز الدولة حقوق المرأة من خلال التمييز الايجابي ، وتعمل على محاربة العادات والتقاليد الضارة التي تقلل من كرامة المرأة ووضعيتها ، كما توفر الرعاية الصحية للامومة والطفولة والحوامل ، وتحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي صادق عليها السودان ، كما وضحت الورقة السياسة القومية لتمكين المرأة ومن اهم محاور هذه السياسة ، المحاور والتحديات ، و الموجهات والمرتكزات بجانب الاهداف الكلية ، ووسائل وآليات التمكين ، وبينت الاستراتيجيات القطاعية في مجال تعليم البنات واستراتيجية للامومة الآمنة والصحة الانجابية. واستعرضت الورقة الاستراتيجية الوطنية ومن ابرز ملامحها تعزيز المساواة بين الجنسين بتأكيد دور المرأة وتمكينها في الحياة العامة ، وكذلك استعرضت بعض البروتوكولات التي تضمنت الاهتمام بقضايا المرأة من بينها مشروع قانون التصديق على الاتفاقية العربية رقم «5» بشأن المرأة العاملة للعام 2010 ، والاتفاقية العربية بشأن التوجيه والتدريب المهني ، للعام 2010 ، والاتفاقية العربية رقم «14» للعام 1981 بشأن العامل العربي في التأمينات الاجتماعية عند تنقله في الاقطار العربية 2010 ، الاتفاقية العربية للعام 1977 بشأن السلا مه والصحة المهنية ، الاتفاقية العربية رقم «15» لسنة 1983 بشأن تحديد وحماية الاجور 2010 ، بالاضافة الى مشروع قانون التصديق على الاتفاقية رقم «17» لسنه 1993 بشأن تأهيل وتشغيل المعوقين تعديل 2010، كما اشارت الورقة الى ضرورة اعتماد سياسة قومية لتمكين المرأة وتجذير مشاركتها في اوجه التنمية المستدامة كافة والعمل على سد فجوات النوع وتطوير شراكة وطنية بين مؤسساتها وتنظيمات المجتمع المدني والاهلي لتهيئة الظروف للارتقاء بأوضاعها ، كما تناولت الورقة التحديات التي تواجه المرأة من بينها ارتفاع معدل وفيات الامهات وانخفاض العمر المتوقع عند الميلاد، وضعف الوعي الغذائي والبيئي بالاضافة الى ضعف الوعي باسباب الامراض المنقولة بواسطة الجنس ، شيوع ظاهرة ختان الاناث ، وفي مجال التعليم شرحت الورقة زيادة نسبة الامية الابجدية والتقنية وتدني المستوى التقني والمهاري لعناصر عملية التعليم ، وسعة الفجوة التعليمية خاصة في المناطق الريفية وزيادة نسب التسرب ، وفي جانب التمكين السياسي وصفت الورقة ضعف الوعي السياسي وسط النساء خاصة الريفيات وتدني نسبة مشاركة المرأة في الاجهزة التشريعية والتنفيذية، وضعف الوعي القانوني لدى النساء وضعف مشاركة المرأة في صناعة التشريعات والقوانين وطنياً واقليميا، وكانت هناك اشارت واضحة في محور الخدمات والتنمية الاجتماعية. واوصت الورقة بمراجعة موقف تنفيذ السياسة القومية لتمكين المرأة في كل محاورها سلبا وايجابا وذلك بغرض التقويم والاصلاح بالتركيز على الاستراتيجيات القطاعية في مجال الصحة والتعليم ، وتقوية دور منظمات المجتمع المدني الطوعية والوطنية باعتبارها شريكا اصيلا في مشروعات تنمية المرأة واستدامتها ، بجانب تقويم وتقييم الخطط القومية الخاصه بتنمية المرأة وتمكينها وترتيب اولوياتها لتواكب المستجدات على ارض الواقع «ما بعد الانفصال»، اشراك المرأة بكل فعالياتها في مجال تعديل الدستور والقوانين الخاصة بقضاياها، ومراجعة النظم والسياسات التمويلية في مجال التمويل الاصغر ومعالجة المعوقات الخاصة بمشكلات التنسيق بين الاجهزة الممولة وتسهيل موضوع الضمانات لرعاية المحتاجين، بالاضافة الى الاهتمام بقضايا المرأة المهاجرة سياسيا واجتماعيا ومعالجة السلبيات والمعوقات التي تعوق اداءها وتحسين وضعها، واخيراً الالتزام بالدستور والمواثيق الوطنية بشأن رعاية الاسرة وحمايتها واستقرارها لتحقيق رسالتها تجاه افرادها ومجتمعها . وحملت الورقة الثانية عنوان المرأة وادوات التعبير عن الهوية السودانية ، اعدتها وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي اميرة الفاضل ، استعرضت الورقة عددا من الاستراتيجيات والسياسات اولها الاستراتيجية القومية التي حددت اهدافها في منح اولوية متقدمه لتنمية المرأة وتلبية احتياجتها ، دعم القطاع النسائي وتعبئة طاقاته كمورد بشري كام في تحقيق استراتيجية النهضة القومية الشاملة، بجانب الارتقاء بوظيفة المرأة في المجتمع وتأصيلها وتبني سياسات تتفق واهمية هذا الدور واثره في ترقية الحاضر وبناء المستقبل ، ووضع آفاق جديدة للمرأة ومساعدتها لتكون عاملا فاعلا في التغيير السياسي والاجتماعي والسياسي، وايضا استراتيجية قطاع المرأة ربع القرنية 2003 2027 م التي تناولت اهمية المرأة في الاسرة والقضاء على الامية وسط النساء والالتزام بما نصت عليه اهداف الالفية في هذا المجال ، وتفعيل واستكمال التشريعات التي تصون حقوق الانسان للمرأة وحمايتها من الانتهاك والتعدي ، بجانب عدد من النقاط التي نصت على تبني كل ما يحمي المرأة ويساهم في تقدمها في الحياة العامة. ومن بين الخطط التي تضمنتها الورقة ، الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة السودانية التي لم تختلف عن مثيلاتها من الاستراتيجيات التي استعرضتها الورقة ، وايضاً السياسة القومية للسكان «محور المرأة والعدل بين النوعين» ومن مبادئها ان الاسرة نواة المجتمع وتستحق الدعم والرعاية للقيام بواجبها ، والعدالة بين النوعين ركيزة جوهرية في تحقيق اهداف برامج السكان والتنمية ، وايضا السياسة القومية لتمكين المرأة التي تضمنت محاور السيلسة في مجالات التعليم ، التخفيف من حدة الفقر ، الصحة، الفكر والثقافة ، تنمية الموارد البشرية، البيئة ، الاعلام ، حقوق الانسان ، المشاركة السياسية واتخاذ القرار ، الشراكة ومؤسسات المجتمع المدني ، السلام ورفض النزاعات ، واخيراً التواصل الخارجي ، وفي مجال الدستور والتشريعات ناقشت الورقة المرأة والدستور وحقوق الطفل ، بجانب مفهوم الهجرة ودوافعها ، وتقنين الهجرة والتشريعات الخاصة بها على مستوى القانون السوداني وعلى مستويات العمل العربية والمعنى الاصلاحي للهويات ، ومفهوم الهوية الثقافية السودانية ، ومن اهم ما طرحته الورقة قضايا الهجرة السودانية للعمل بالخارج ، التي نتج عنها الكثير من المشكلات التي يتعرض لها المهاجرون رغم ما يتحقق من مكاسب مادية او فرص عمل قد لا يجدونها في اوطانهم فباتوا يتعرضون للنظرة الدونية والمتاجرة بارزاقهم ، من خلال انهاء عقود عملهم او طردهم او تسفيرهم اجباريا، وايضا قضايا الاندماج الاجتماعي وهذه تتعلق بهوية الاندماج في البلدان لما لها من عادات وانماط ثقافية مختلفة قد تكون جامدة وقد تكون مرنة منفتحة ويزداد الامر تعقيدا في دول اوروبا واميركا حيث الاختلاف في الاعراف والتقاليد والثقافات ما يؤدي الى عدم التجانس الاجتماعي ويؤثر على محو الهوية الثقافية والقومية وان طبيعة القوانين المدنية فيها غير مهيأة لرعاية مجموعات ذات خلفية دينية وثقافية. وشرحت الورقة ما تعانيه الاسر من مشكلات ابرزها الزواج بالاجانب الذي تنتج منه مشكلات جمة وينعكس ذلك على الابناء، وكذلك مشكلات الابناء وضياع ثقافتهم خاصة لدى الجيل الثاني والثالث من ابناء المهاجرين واصبحوا مهمشين لا يتمتعون بمزايا الوطن المستقبل وحقهم في التعليم والعمل، وايضا قضايا المرأة زيادة حالات طلاق المرأة المهاجرة ، وقضايا التعليم العام واهمها ضعف التمويل ، ارتفاع الرسوم الدراسية في بعض المدارس ، والحاجة للكادر التعليمي المؤهل في بعض المدارس السودانية وشروط التحاقه بها . واوصت الورقة ، بالعمل على ايجاد تنظيمات وجمعيات المرأة في بلاد المهجر للعمل على تحسين اوضاعهن وللحفاظ على القيم والثوابت ، العمل على حماية المرأة المهاجرة وتحسين ظروف اقامتها وعملها وحفظ حقوقها في بلدان الاستقبال ، وعلى الحكومات في الدول العربية خاصه اتخاذ مواقف ايجابية لحفظ حقوق الجاليات العربية في بلدان المهجر تفاديا لما تتعرض له المرأة من ازمات كثيرة ، بجانب عقد لقاءات دورية عن ايجابيات وسلبيات الهجرة باستغلال المنابر كافة ، وضع برامج اعلامية تعزز الروابط الاسرية ، بالاضافة الى إحياء التراث الثقافي السوداني بكل ما يتضمنه من تباينات في اللغات واغان ومنتجات وادوات سودانية ، الحفاظ على الخصوصية والهوية السودانية والعادات والقيم الاخلاقية والعادات الاجتماعية الموجبة، ومد جسور التواصل الانساني والثقافات وسط الاجيال التي نشأت حديثا ، تفعيل دور المرأة في العمل الطوعي والاستفادة من الخبرات السودانية المهاجرة ودعم المواهب السودانية بالخارج ، واخيرا انشاء ودعم المدارس السودانية في الدول الاجنبية التي تسمح قوانينها بذلك لتثبيت قيم الدين واللغة والتربية الوطنية . وقدمت الاستاذة امينة زينب احمد الطيب ورقة بعنوان الملامح السياسية والثقافية للجمهورية الثانية ، وبدأت بملامح التحول السياسي التي طرحت تطوير نظم الحكم وآليات لتحقيق العدالة وسيادة حكم القانون بجانب الاتفاق على اطار وطني محدد وتوحيد الصف من اجل المحافظة على البلاد ومواجهة التحديات ببناء اجندة موحدة يلتقي حولها اهل السودان ، وتطوير العمل الحزبي والمشاركة الحزبية الواسعة في الحكومة القادمة لقفل بؤر النزاع وتحقيق قدر كاف من الرضا وازالة الغبن لتحقيق الاستقرار السياسي ، وكذلك ملامح التحول الاقتصادي التي كانت من ابرزها هيكلة الاقتصاد بالتركيز على موارد اكثر استقرارا كالزراعة والثروة الحيوانية بدلا عن التركيز على البترول، وايضا احداث النهضة في مجال الصناعة، وتعزيز دور الانتاج الوطني لتحقيق الوفرة، الاسراع في استكمال البرنامج الاسعافي الثلاثي الذي تعده الدولة الموجه نحو زيادة ايرادات الدولة ، بالاضافة الى تعزيز سياسات التمويل الاصغر ومعالجة المشكلات المتعلقة بهذا الجانب ، وايضا ملامح التحول الاجتماعي التي طرحت تحقيق الوحدة بتعزيز عناصر القوة المتمثلة في التنوع تطوير وتفعيل آليات فض النزاع ، العمل على حسن ادارة التنوع الثقافي والاجتماعي من اجل تعزيز الهوية السودانية والتركيز على التنمية الاجتماعية ، واخيرا عرضت الورقة المحور الخارجي الذي رأت انه يجب ان تحكمه مصالح الدولة اولا مع مراعاة الانتماءات العربية الاسلامية ، تحسين علاقات الجوار خاصة مع دولة جنوب السودان الوليدة بجانب تعزيز المصالح الاقتصادية لما تحدثه من تمتين للعلاقات السياسية بين الدول كالعلاقة مع الصين مثلا، وضرورة تطوير العلاقات مع دول العالم الغربي، وتعزيز الدبلوماسية بكل اشكالها السياسية والبرلمانية والاقتصادية والثقافية والشعبية.