أطفال زغب صغار، وعواجيز أنهكهم الدهر، وأجساد بالية مرهقة، هدتها الايام، والكدح في سبيل «لقمة العيش». جاءوا من أطراف السودان المختلفة.. فإمتلأت بهم الخرطوم وضاقت ذرعاً، جاءوا لها طمعاً في كرمها علها توفر لهم ما يفقدونه «حياة نصف كريمة». فلم تستقبلهم بالورود ولكنها بأنيابها وطواحينها التي لاترحم . فانخرطوا في أعمال هامشية تكاد بقدرة قادر تقوى على توفير ما يسدون به رمقهم ويطفئ ظمأهم للقمة عيش هانئة دون كبير طموح في انصلاح الحال.. قناعة منهم بأن الظروف التي يقبعون تحتها لا تبشر بما هو أجمل، فاكتفت الغالبية بالعيش البائس الذي لا يتواءم والحياة الإنسانية الكريمة التي يفترض على الدولة بسطها وبذلها لرعيتها وليت أن الحال الذي حاولنا الحكي عنه يمكن تعميمه على جميع النازحين إلى الخرطوم فهؤلاء رغم بؤس حالهم إلا أنهم كفوا الحكومة شرهم، وقنعوا من خيرا فيها، فاعتمدوا على أنفسهم ومحاولاتهم ومجاهداتهم الفردية فهناك فئة لم تستطع الصمود أمام أمواج الفقر والعوز التي تتلاطمهم يمنة ويسرى فاطلقوا العنان لزغبهم الصغار ينبشون وجه الأرض بحثا عن لقمة العيش في براميل النفايات في شوارع الخرطوم، في ظل غياب الراعي الأول «الوالدان» والراعي الأكبر لهم ولوالديهم معا «الحكومة». مشهد ثان: على جنبات كل الطرق الرئيسة والفرعية ترى جموع من الشباب وهم يلتفون على أحدي ستات الشاي، استهلاكاً للوقت وتغير من جو المنزل، والتسامر مع الاصدقاء .. فأصبحت ست الشاي في اي مكان واي زمان ...مهنة ست الشاي موضوع ما ان ينتهي الا ويعود مرة اخرى على سطح الاحداث الاجتماعية والمناقشات ما بين الناس. نساء خرجن في البحث عن لقمة شريفة تساعدهن في مقابلة شظف العيش وتلبية طلبات الاطفال مما يعولن . لعبور هذا الطريق الوعر «لقمة العيش» الا ان الطريق تعترضه مجموعة من الاشواك والعراقيل فما بين نظرات المجتمع السلبية وحملات المحلية المستمرة تظل عملية تحقيق الآمال في مهب الريح. مشاهد متفرقة: * ممسكة بجهاز الموبايل وتتحدث بصوت خافت وتتحس الشاحن حتى لا ينقطع الاتصال من بعد صلاة التروايح الى قرب صلاة الفجر. * اهذا الحفل الساهر والصاخب والعشاء الفاخر لسد المال والخطوبه فقط؟ اهذا يعنى ان حفل الزفاف لم يأت بعد؟ * هي تخاطب الشاب الجالس يمينها وتمد له إحدى سماعات الاذن ليضعها في اذنه اليسري ويتجاوب معها بذات الحماس ليستمعا معا للاغنية.. قال شنو حتى يكون الاحساس واحد. خاتمة : «اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن والكسل والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال» [email protected]