٭ الدقينات جمع دقينة والدقينة في عربي أهل السودان وربما أمصار أخرى من بينها الشقيقة مصر هى اللحية في العربية الفصحى وليست الذقن التي هى الموضع من الوجه الذي ينبت عليه شعر اللحية، واذا كان المراد هو الشعر فالافصح أن تقول لحية وليس ذقناً كما هو شائع حتى عند المشايخ الذين يطلقون لحاهم ويحفون شواربهم كما ذهب الى ذلك بالامس أحدهم وهو الدكتور عبد الحي يوسف الداعية السلفي المعروف والذي يبدو أنه لم يتحسس لحيته قبل أن ينطلق في هجوم كاسح على من أسماهم أصحاب (الدقينات) ناسياً أنه صاحب (دقينة) مثلهم أيضاً، ولكن ربما لم ينسَ الرجل (دقينته) عند هجومه على أرباب الدقينات الأخرى وإنما أراد ان يقول إن (دقينة لدقينة تفرق) ما يُفهم منه أنه وأصحابه من ذوي الدقينات الذين إجتمعوا على مائدة ومنبر ما يسمى بمنبر السلام العادل الاول من أمس، أنهم يملكون دقينات ذات رمزيات ودلالات إيمانية صادقة وخالصة لوجه الله والوطن، ومن عداهم ممن هاجمهم ذوو دقينات ضلالية لم يستنبتوها إلا لدنيا يصيبونها بممارسة التضليل والخداع على الناس أو كما قال الشيخ الذي لم تحتمله حتى الارض التي شهدت نمو وتصاعد التيار السلفي أو لم يحتملها هو لا فرق، فغادرها غير آسفٍ عليها أو غير مأسوفٍ عليه ولا فرق أيضاً الى بلده السودان الذي وجد فيه متسعاً ومراغماً كثيراً كالذي يجده من يهاجر في سبيل الله، وعموماً ورغم عمومية حديث الشيخ عبد الحي الذي لن يعدم هو الآخر من يعايره بدقينته كما فعل بالآخرين، فإن الفساد والانحراف الذي قال إنه إنتشر بالبلاد وهذا ما نوافقه عليه، قد إنتشر في عهد أصحاب الدقينات الذين عرّض بهم من حيث أراد الدفاع عنهم لجهة أن هذا الفساد الذي إنتشر لم ينتشر إلا في زمن إنتشار النفاق وكثرة إستنبات الدقينات التي برع الشعب السوداني في السخرية منها فسمى بعضها (من أجل أبنائي) وبعضها ( دعوني أعيش) وهلمجرا من دقينات انتشرت في عهد ما بعد الفتح حتى إستحقت قول الشاعر العربي (الا ليت اللحى كانت حشيشاً فتعلفها خيول المسلمين)، ثم مضى الكذب والنفاق والفساد والانحراف على رأي الشيخ عبد الحي أشواطاً بعيدة مع مضي سنوات الحكم الشمولي القابض فزادت الدقينات تعشعشاً والكروش تكرّشاً والاوداج إنتفاخا الى أن باء بهم غضب الله فأنزل عليهم جيوش الانجليز من يوناميس ويوناميد لتعود الى الاذهان ذكرى الاستعمار الثنائي ومواقف أصحاب الدقينات المخذية آنذاك والتي استفزت المناضل الجسور مدثر البوشي فقال فيهم ( يا هند قولي أو أجيزي، رجال الشرع صارت كالمعيز، الا ليت اللحى صارت حشيشاً فتعلفها خيول الانجليز).. إننا لا ننازع في حق أصحاب الدقينات من مختلف الاشكال والاطوال، من كان منهم في صف الدكتور عبد الحي يوسف أو من كان في الصف الآخر الذي هاجمه، أن يؤيدوا ويناصروا من يشاءوا من المرشحين من على أى منبر عام سوى منابر المساجد التي إختصها الله وخصصها لتكون مكاناً للعبادة وليس الدعاية ومكاناً للدعاء وليس للجاج والجدل، ومنابراً جامعة لما يجمع على الجادة وليست أبواقاً خاصة لما يزرع الفتن ويغذي الخلافات، فهى للمسلمين كافة وليست لهذا الحزب أو ذاك، ولهذا لا يقبل أي مسلم عاقل ومعتدل وسوي في إسلامه أن تكون المساجد بؤراً تنطلق منها نذر الفتن المنتنة التي قد لا تبقي ولا تذر، وليضحك أبو دقن على (أبو دقينة) حتى يستلقي على قفاه وليهاجم من يهاجم حتى تبرز نواجذه وليناصر من يناصر كما شاء فقط بعيداً عن باحات المساجد ومنابرها..