٭ منذ الشهرالماضي وخلال هذا الشهر صدرت العديد من التصريحات غير السارة من بعض المسؤولين حول احوال البلاد الاقتصادية وما هو متوقع من سياسات واجراءات في موازنة عام 2102 القادمة..! ٭ فمثلاً بعض المسؤولين صرحوا حول احتمال سحب الدعم من المحروقات بحجة ان الدولة تدعمها وللاسف الشديد كانت مبرراتهم لذلك «فطيرة جداً» حيث بعضهم ذكر ان الدولة تدعم البنزين لعربات الاغنياء للفسحة في شوارع الخرطوم وخلافه من امثال هذا الكلام المثير للسخرية والدهشة لان الذي يقول مثل هذا الكلام عليه ان يعلم ان البنزين المستهلك بالسودان حسب الاحصائيات الرسمية يشكل حوالي «02%» عشرين في المائة من تكلفة فاتورة المحروقات وان حوالي «08%» ثمانين في المائة تستهلكه الدولة ممثلة في عربات الحكومة القومية وحكومات الولايات والقوات النظامية والهيئات والمؤسسات والمرافق العامة؟ اما الجازولين والذي يشكل اغلبية فاتورة المحروقات ومعه الفيرنس ووقود الطائرات فان الجازولين يذهب لقطاعي الزراعة والنقل والفيرنس للصناعة واي زيادات في اسعارهما سوف تؤدي فوراً لزيادة اسعار كل المنتجات الزراعية والصناعية وايضا زيادة تكلفة النقل وما احدثته زيادة الاسعار للمحروقات في ديسمبر من العام الماضي اشعلت كل الاسعار وزادت من معاناة اهل السودان رغم منحة ال «001» المائة جنيه للعاملين والمعاشيين؟!! كما ان زيادة اسعار المحروقات سوف تزيد من تكلفة صادرات البلاد للخارج التي تعلن الدولة يوميا انها تعمل لزيادة حصيلتها من العملات الاجنبية منها بعد ان فقدت عائدات صادرات البترول من الجنوب؟! زد على كل هذا ان معدلات التضخم الرسمية الشهرية منذ نهاية العام الماضي قفزت من رقم واحد لتصبح رقمين والآن اكثر من «12%» واحد وعشرين في المائة!! العميد «م» مهندس صلاح ابراهيم احمد وهو كاتب صحفي له العديد من المقالات باسلوب علمي دحض فيها بالارقام مقولة ان الدولة تدعم المحروقات واوضح بالارقام ارباح الدولة في البرميل الواحد من البترول حسب الاسعار العالمية..! كما ان معظم اهل السودان يشاهدون من خلال القنوات الفضائية يوميا اسعار البترول في العالم الحر والدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة الاميركية والتي يبلغ متوسط دخل الفرد فيها اكثر من 001 مائة مرة ضعف متوسط دخل الفرد بالسودان ويقارنون اسعار البترول المعلنة هنالك مع اسعاره بالسودان مع حساب سعر الدولار الاخير في السوق الحر وبالتالي يعرفون بالارقام انه لا يوجد دعم..؟! ٭ اما تصريحات بعض المسؤولين حول سحب الدعم من سلعة السكر بحجة ان اسعاره صارت فعليا غالية بالاسواق بحيث صارت فوق طاقة مستوري الحال من اهل السودان وبالتالي اصبح سلعة فقط لاستهلاك الاغنياء فاظنها تعليقات غير موفقة لانه ببساطة ليست هنالك مادة حلوة تدخل افواه اهل السودان واطفالهم سواء الشاي بالسكر ولا يمكن ان تكون هذه حجة لزيادة اسعاره بحجة دعمه الوهمي؟ واقول انه وهمي لانني قرأت العديد من التصريحات لبعض قيادات صناعة السكر بالبلاد توضح بالارقام ان تكلفة انتاج جوال السكر تسليم المصنع في حدود ثلث سعره المعلن رسميا وهو «251» مائة واثنين وخمسون الف جنيه، بالقديم وان الباقي الثلثين عبارة عن ضريبة قيمة مضافة ورسوم انتاج ورسوم اخرى واتاوات مفروضة للعديد من الجهات الاخرى؟! وايضا الذي يتابع اسعار السلع في القنوات الرسمية عالميا يصل لنفس هذه النتيجة بالرغم من الخلط في الاوزان للسكر وخلافه من الرطل الى الكيلو؟ وطبعا حكاية اعطاء بعض المصانع المحظوظة امتياز تعبئة السكر من جوالاته المعروفة تقليدياً زنة «05» خمسين كيلوجرام لعبوات اقل زاد من تكلفة السكر لاهل السودان بنسبة تزيد عن «01%» عشرة في المائة وانا شخصياً واكيد ايضاً معي بعض اهل السودان عندما يقرأون او يشاهدون الدعاية لترويج هذه العبوات نذكر جيدا ان واحدا منها قدم للمحاكمة امام احدى المحاكم العسكرية في الاشهر الاولى للانقاذ بسبب تخزينه للآلاف من جوالات السكر..؟! بالتالي فان حجة سحب الدعم من السكر بالارقام لا يدعمها منطق في الموازنة الجديدة ما دامت اسعاره الرسمية الحالية تشكل ثلاث مرات ضعف تكلفته تسليم ابواب المصانع؟! ٭ اما مقولة سحب الدعم عن الكهرباء فأيضا كما هو معلوم في كل العالم فان توليد الكهرباء من التوربينات المائية لا توجد به تكلفة تشغيل كما هو الحال في توليد الكهرباء بالمولدات بالجازولين والفيرنس وخلافهما. كما ان سعر الكهرباء الحالي بالسودان يعادل خمسة اضعاف سعرها في معظم الدول المجاورة لنا ورئيس الجمهورية في خطابه الاخير بمعرض الصناعة السودانية بارض المعارض وجه بتخفيض اسعار الكهرباء الحالية للمصانع؟! اذن لا يجوز ان يصدر عن مسؤول آخر بضرورة سحب الدعم عن الكهرباء في الموازنة القادمة لان هذا الدعم في المقام الاول لا وجود له بالارقام وهو دعم وهمي!! اما الحديث عن سحب الدعم عن الماء فاحسبه حديث عبارة عن نكتة ولا يحتاج لتعليق بالارقام..؟! ٭ زيادة ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية ورسوم الوارد على الواردات وزيادة رسوم المواصفات والموانيء ورسوم الانتاج هذه الزيادات وصلت لاقصاها خاصة بعد ان اوضحت بعض الدراسات ان الرسوم والاتاوات المحلية المتنوعة صارت تشكل حوالي «76%» في المتوسط من تكلفة معظم المنتجات الصناعية المحلية وان الثلث المتبقي من هذه التكلفة هو فعليا تكلفتها المتبقية لاصحاب المصانع؟ وبالتالي فإنني ارى ان السياسات المالية تجاه الضرائب غير المباشرة قد بلغت اقصاها واصبحت عائقا حقيقياً امام الانتاج المحلي خاصة في القطاع الصناعي الذي اصبح يعيش واقعا لا مثيل له في كل الدول المجاورة والمفترض ان ينافس في اسواقها مثل مناطق الكوميسا والسوق العربية الحرة والتي انضم لها السودان سياسيا ووقع على كافة اتفاقياتها بالاعفاءات الجمركية الصفرية ثم فشلنا في التطبيق بل ارتفعت بعض الاصوات منادية بالخروج منها في السنوات الاخيرة؟! وهذا الواقع الذي لا مثيل له في تلك الدول مثل شراء الكهرباء بالدفع المقدم وشراء الماء بالدفع المقدم ودفع العوائد المحلية بالمتر المربع ثم النفايات وخلافهم من المساهمات الشعبية للمحليات والولايات؟! نتيجة كل هذا وذاك ارتفاع معدلات التضخم لاكثر من «12%» واحد وعشرين في المائة مع ثبات الاجور والمرتبات في ظل زيادة تكلفة المنتجات الزراعية والصناعية وعدم مقدرتها بسبب ذلك من المنافسة خارجياً.. ٭ والذي يمر بالشوارع ومداخل الكباري يشاهد يوميا حجم المعاناة التي يواجهها سائقو العربات التجارية التي تحمل بضائع زراعية وصناعية والتي فعليا يتم ايقافها في الرحلة من بورتسودان للخرطوم حوالي «46» اربعة وستين مرة وداخل الخرطوم للخرطوم بحري او ام درمان حوالي «51» خمس عشرة مرة والعجيب يتم ايقاف هذه الشاحنات في مدخل الكباري ومخارجها مرة ثانية كما هو ملاحظ بشارع الغابة بالخرطوموبام درمان وايضا في كباري بري وشمبات في مداخلها ومخارجها وفي كل وقفة من هذه الوقفات تتعطل الشاحنة لحوالي نصف ساعة، وهذا دون شك يزيد من مدة الرحلة وبالتالي تكلفة الشحن وزيادة معاناة المواطنين وبايقاف هذه الممارسات الخاطئة في ايقاف الشاحنات سوف تنخفض تكلفة الشحن وبالتالي تكلفة السلع للمواطنين؟!! ٭ كما هو معلوم ان مسمى الموازنة يعكس التوازن بين الصرف العام والايرادات العامة واذا كان هنالك اختلال فيجب التقليل منه باخف الاضرار من الناحيتين وليس من ناحية واحدة كما ظل يحدث خلال السنوات الثلاث والعشرين الماضية بزيادة الايرادات من الضرائب غير المباشرة وزيادة اسعار المحروقات والسكر وبالتالي زيادة معاناة اهل السودان؟! ٭ هذه المرة المطلوب من الادارة الاقتصادية التوجه الجاد نحو الشق الثاني من الموازنة وهو الصرف العام وبالتحدد على القطاع السيادي من خلال الآتي: ٭ أولاً: حاليا لدينا «53» خمسة وثلاثون وزارة اتحادية داخلها حوالي «212» وحدة ادارية عبارة عن اجهزة وهيئات ومؤسسات هذا بخلاف الادارات العامة داخل كل هيكل وزارة؟! وهنالك ما كان يعرف قبل الانفصال بمؤسسة الرئاسة وبها حوالي «51» مفوضية قومية يشرف عليها النائب الاول والنائب الثاني لرئيس الجمهورية وذلك حسب المرسوم الجمهوري رقم «22» لسنة 0102م بتحديد الاجهزة الرئاسية والتنفيذية القومية واختصاصاتها واسبقياتها اضافة لحوالي «61» مستشاراً؟» دون الدخول في تفاصيلها فالمطلوب بعد انفصال جنوب السودان وذهاب ثلث مساحته لدولة جديدة اخرى المطلوب عاجلا وفوراً تخفيض عددية الاجهزة الرئاسية والتنفيذية القومية للنصف وبالتالي تخفيض المنصرفات السيادية في هذا الجانب لحوالي «05%» مع التعديل الوزاري المرتقب قريباً حسب التصريحات الصادرة من المسؤولين في الاسبوع الثالث من شهر سبتمبر الحالي؟! ٭ ثانياً: في جانب السلطةالتشريعية والمكونة من هيئة تشريعية تتكون من مجلسين وطني وللولايات فانني ارى ان السودان ليس في حاجة لمجلسين وان واحدا وهو المجلس الوطني كاف ولا داعي لمجلس آخر سواء اكان اسمه مجلس الولايات او مجلس الشورى او مجلس الشيوخ كما في بعض البلدان..؟! زد على ذلك فان المجلس الوطني الحالي ومجلس الولايات الحالي قبل تعديل الدستور المطلوب تخفيض عضويتهم بنسبة الثلث للمجلس الوطني وبنسبة النصف تقريبا لمجلس الولايات على اساس ذهاب العشر ولايات الجنوبية لدولة اخرى؟! وبالتالي يجب عدم التفكير بتاتاً بملء مقاعد الاعضاء الجنوبيين بآخرين من الشمال في ظل الاغراءات والترضيات لدخول الاحزاب المعارضة؟! وبالتالي نتوقع انخفاض موازنات الصرف على الهيئة التشريعية لحوالي النصف خلال هذا العام وان يتم ذلك بكل حزم كبديل لزيادة معاناة اهل السودان؟! ٭ ثالثاً: في جانب السلطة القضائية المطلوب ايضاً تخفيض منصرفات بخروج عشرة اجهزة قضائية ولائية وذهابها لدولة جنوب السودان وهذه تشكل حوالي «04%» في المائة من الصرف في هذه السلطة والمطلوب ايضاً تخفيضه بحزم خلال ما تبقى من عمر الموازنة الحالية وفي الموازنة الجديدة؟! ٭ رابعاً: هنالك اقوال عديدة اصبحت متداولة في الفترة الاخيرة دعمتها بعض المقالات التي نشرت حول مرتبات وبدلات ومخصصات وامتيازات القيادات الدستورية والوزارية بعد ان توقف نشر جداولها منذ اكثر من عشر سنوات حيث آخر جداول نشرت وتداولت عنها كانت في عام 1002م بالدينار؟! اذن المطلوب وبكل شفافية وبالارقام توضيح المرتبات الاساسية الشهرية لهم جميعا وبدلات اللبس والتمثيل والضيافة والدعم الاجتماعي والسكن والاكل وتعليم الاولاد وكافة المخصصات التي تمنح لهم فعلياً بالارقام والصرف الفعلي على منازلهم وتلفوناتهم وموبايلاتهم واسطولات عرباتهم الفرهة التي تصل قيمة بعضها لاكثر من واحد مليار جنيه بالقديم؟! ثم بعد توضيح كل ذلك بالارقام العمل بحزم على تخفيضه بنسبة «05% خلال الموازنة القادمة؟! وايقاف الصرف الاستفزازي جداً مثل شراء بوكيهات الزهور لبعض المكاتب الرسمية وخلافه من الصرف الاستفزازي؟! ٭ هنالك جانب الصرف على الاستثناءات في المرتبات والمعاشات والسفر لحوالي «22» مرفقا حكوميا ورد ذكرها في بيان وزارة العمل الذي قدم في النصف الاول من هذا العام للمجلس الوطني وهذا جانب سوف اتعرض له في حلقة منفصلة ان شاء الله تعالى نواصل