الأول من سبتمبر 2011 كان اليوم الموعود لذهاب العملة السودانية القديمة فى ذمة التاريخ ،ليصبح التعامل بها غير مبرء للذمة ،وغير صالحة للتداول وأشبه بورق أهل الكهف ،وتسدل عليها ستائر النسيان. لكن العملة الجديدة والتى لم يطرأ عليها غير بعض التغيير الطفيف طال لونها الأساسى ،وبعض رموزها ،وربما أراد أهل الإقتصاد عدم المساس بجوهر العملة التى توفر على تصميمها نفر كريم من الإستشاريين والمختصين على رأسهم التشكيلى الراحل بروفسور أحمد عبد العال ،وكأنهم أرادوا تخليد ذكراه حين أبقوا على كثير من رموز العملة ومدلولاتها،وفى ظنى أنه عرابها ،فقد إستمعت إليه فى ندوة قبيل وفاته نظمتها وزارة الثقافة عن القيم الثقافية للعملة السودانية _ولاينبئك مثل خبير_يقول :إن تصميم أى عملة يرتبط بالمفاهيم أولا ،ثم ينحدر لعالم الرموز وعلاقاتها ببعضها ،فيما يسمى فضاء الورقة المالية ..والعملة تعبر عن قومية وهوية الأمة ،وتجيب على أسئلة متعلقة بالهوية الثقافية. وأبان الراحل أن العملة الجديدة توفر على تصميمها إستشاريون ومختصون لتصل مدلولات ورموز العملة إلى كل أهل السودان ،وتصل المشاعر والضمائر ،وتؤكد على وحدة هذا الوطن ،وتمجيد مآثره ،وإسهامه المبكر فى تاريخ الإنسانية ،وإظهار السعة فى مقدرات السودان فى الثروات الطبيعية. ومضى عبد العال ليؤكد أن تصميم العملة تفادى إظهار صفات عرقية أو إثنية ،وتحاشى إثبات الرموز الدينية من قباب ومساجد ،وكنائس أو أديرة، مايؤدى إلى إثارة أى جدل دينى. وبروفسور عبد العال طغى فكره وفلسفته على أعماله،وكان قويا فيما يعتقد كما قال عنه د/عبد الله حمدنا الله حمل قلب خلجاته فى أعمال خالدة ،وهو مؤسس مدرسة الواحد التشكيلية التى تهدف لتأسيس تجربة جمالية جديدة ،وما شعار الفضائية السودانية إلا نذر يسير من أعماله الخالدة فقد أراد أن يجعل من فكرة رؤية الوجود تصافح بصر وبصيرة كل من يشاهد الفضائية ،ويقول فى ذلك :إن فات على المرء شرف قراءة الشعار فلن يفوته شرف النظر إليه ،وفيه فكرة التوحيد. فى إحتفالها بذكراه الثانية أعلنت وزارة الثقافة على لسان وزيرها السموأل خلف الله عن إطلاق مسابقة فى الفن التشكيلى باسم الراحل أحمد عبد العال تخليدا لذكراه،وذهب هذا الإعلان أدراج الريح،فلم نسمع عنه شيئا بعد ذلك،ويبدو أن مصيره كمصير كثير من الوعود البراقة التى تنطفىء بانتهاء مراسم التشييع ،ومظاهر الحزن الذى يبلى كما تبلى الثياب ،واخشى أن يبلى حزننا على الراحلين. بعد أسابيع قليلة تمر الذكرى الثالثة لبروفسور عبد العال فما أجدر وزير الثقافة بإنجاز وعده وهو الذى يتبع القول العمل ،و يعرف أقدار المبدعين ،ويحفظ لهم حقوقهم بتجديد الإعلان عن مسابقة فى الفن التشكيلى باسم الراحل أحمد عبد العال. رحم الله أحمد عبد العال فقد ترك إنجازاته الفنية فى جيوبنا ومضى.