وجه خبراء ومختصون في مجال التعليم العام والعالي انتقادات حادة لواقع التعليم بالبلاد وحملوا الدولة مسئولية تردي البيئة التعليمية قبل ان يطالبوها بضرورة الالتزام بمجانية والزامية التعليم الاساسي التي نص عليها الدستور لجهة ان التعليم امن قومي واستثمار بشري، وانتقد المتحدثون في منتدى جامعة العلوم والتقانة الذي جاء تحت عنوان «مؤشرات وموجهات لاصلاح التعليم العام والعالي في السودان» حال التعليم الثانوي مشيرين الى انه دخل «جحر ضب» كما انتقدوا غياب التنسيق بين التعليم العالي والعام وشددوا على ضرورة تحديد ضوابط لشروط الخدمة بالنسبة للمعلمين وانهاء ظاهرة التعاقد مع المعلمين البدلاء واصلاح المناهج ورفع النسب المؤهلة لكليات التربية الى 75% واحداث تكامل بين التعليمين العام والعالي وتصحيح مسار التعليم الثانوي. وحسب المشاركين في الندوة التي ضمت كوكبة متميزة من العلماء والاكاديميين ومديري الجامعات وعمداء الكليات، فإن المنتدى يأتي كخطوة استباقية لانعقاد المؤتمر القومي للتعليم المقرر نهاية العام الجاري. واكد المدير السابق للمركز القومي للمناهج وعضو لجنة الاوراق العلمية للمؤتمر الثالث لقضايا التعليم دكتور عبد الرحيم سالم ان المنتدى يأتي كخطوة استباقية للمؤتمر المقرر انعقاده في نهاية العام الجاري .ووصف سالم سياسة الدولة في تطبيق مجانية والزامية التعليم بال»غباشة» واتباع نظرية « دفن الرؤوس في الرمال « مطالبا الدولة بان تمنح الاولوية للتعليم بالقانون وعصا السلطان لكل المتلاعبين بمصير الطلاب واضاف سالم بان 48% من مدارس الاساس بولاية الخرطوم خاصة مشيرا الى تفشي الامية القرائية بنسبة 95% وسط الفئة العمرية من(17-25) هذا بجانب الامية التقنية خاصة وسط اساتذة الجامعات. وانتقد سالم واقع التعليم الثانوي واضاف بانه «دخل جحر الضب» مؤكدا ان 26% من الفئة العمرية (15-18) لايجدوا فرصاً للالتحاق بالمرحلة الثانوية التي تعاني من نقص المعلمين المؤهلين والمعامل مؤكدا ان المدارس البالغ عددها 3.885 لايوجد بها 11 معملاً واكد سالم وجود نقص حاد في معامل التأهيل التربوي التي توقف عملها منذ العام 1990م بالاضافة الى تدني المؤهل الاكاديمي للمعلمين موضحا ان 27% منهم خريجو بكالوريس الاساس وان 72% منهم غير مؤهلين تأهيلاً جامعياً واكد سالم ان الوضع التعليمي يحتاج الى تدخل عاجل من الدولة لاسيما مع تدني اجور مرتبات المعلمين التي تتراوح مابين (850 -250) جنيه ووصف سالم المناهج الحالية بالجامدة مبينا انها لم تتطور منذ العام 1990م ودعا سالم في نهاية حديثه الدولة باتباع سياسات واضحة في التعليم خاصة في مجانية والزامية التعليم وتصحيح مسار التعليم الثانوي والعمل على تأهيل المعلمين واعداد مناهج تخاطب القرن ال21 كسياسات . وانتقد الامين العام بوزارة التعليم والبحث العلمي بروفسير عمر المقلي تدني النسب المؤهلة لكليات التربية التي تقبل بعض الطلاب بنسب 50% واكد المقلي ان التعليم العالي اول المتضررين من ضعف كليات التربية التي تصدر للجامعات مدخلات ضعيفة وكشف المقلي عن جملة محاور سيناقشها مؤتمر التعليم المقبل في مقدمتها تأهيل المعلم وتدريبه وتمهينه للقضاء على ظاهرة التعاقد مع المعلمين البدلاء وتحديد شروط للخدمة بجانب اعداد مسودة قانون للدراسات العليا لحسم الفوضى التي اصابتها اضافة الى اوراق تختص بساسيات القبول في التعليم العالي وضبط المناهج واعادة النظر في المناهج واحداث تكامل بين التعليم العام والعالي واعادة النظر في الهياكل والتشريعات الموضوعة والتقويم الاعتمادي والبحث العلمي والتعليم التقني والتقاني الى جانب تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة ومناقشة قضايا التعليم المفتوح والالكتروني والنشاط التربوي. وفي تعقبيه على المتحدثين قال رئيس لجنة الدراسات والتربية المجلس القومي للتعليم العالي والبحث العلمي دكتورعثمان عوض السيد طالب بتغيير واقع كليات التربية والعمل على اصلاح السياسات التعليمية قبل ان ينتقد تجاهل الدولة لمشروع اصلاح حال كليات التربية الذي تم اعداده بمشاركة بنك النقد الدولي بتكلفة بلغت 61 مليون دولار، كما انتقد غياب التنسيق بين التعليم العالي والعام وطالب برفع نسبة النجاح المؤهلة لكليات التربية الى 75% بجانب ربط الاهداف بالعملية التعليمية ومخرجاتها و استخراج تراخيص لممارسة مهنة التدريس . وامن استاذ العلوم الهندسية بجامعة كرري عمر احمد التهامي على حديث دكتور سالم مؤكدا ان موضوع التوظيف يحتاج الى وقفة والعمل على اصلاح التعليم بسبب التطورات الجديدة التي طرأت على السودان فيما يتعلق بانفصال الجنوب والتمرد المسلح والتآمر الخارجي وطالب التهامي بضرورة اعداد مناهج تواكب القرن الحالي وتهتم بالتعليم التقني ودعم التعليم الاهلي وتوفير سوق العمالة. فيما انتقد مدير كلية الطب بجامعة العلوم والتقانة بروفسير كمال مكي المنا تدني اجور المعلمين مؤكدا الى انها هي السبب الرئيس في هجرة المعلمين خاصة في كليات الطب والتربية التي وصفها بانها كادت ان تنهار. وقال المنا انه آن الاوان للجهات المعنية بالتخلي عن نظرية (الأقدمية ) العسكرية وايجاد نظرية جديدة في التقديم للوظائف والسوق الحر وان تكون المرتبات والمكافآت في مستوى الدول المجاورة وإلاَّ سيظل حال التعليم كما هو عليه الآن.