بعددها الصادر في العاشر من سبتمبر ، أفردت الدكتورة الجسورة آمال عباس في عمودها ، ( صدى) وهو عمود له صدى بحق وحقيقة ، لانه يمثل عصارة تجارب ثرة تجد طريقها للقارئ دون عناء لانها تلامس عقله وفكره وعاطفته ، وتتحسس مشاكله ومعاناته اليوميه فرصة للخبير التربوي حسين الخليفة الحسن بعنوان : ( التربية الوطنية ! ) ولم تكن هذه هي المساهمة الوحيدة (لخبيرنا) ، فقد سبق وأن قدم مساهمات عديدة بمجال التربية والتعليم فله التحية والتجلة . وفي هذه المساهمة بالتحديد ( التربية الوطنية !) هو يدعو : بتعجيل تضمين مادة التربية الوطنية بالمنهج الدراسي العام ، بدلا من هذه الجرعات المسكنة بخلفية القرار الطارئ لمعلم الأجيال ، محمد أحمد حميدة ، وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم ، الذي يقضي : بأن يكون طابور الصباح بكل المدارس مخصصاً للحديث عن التربية الوطنية ، والوطن ، والمحافظة على وحدته ، والذود عن أراضيه ، ونشر قيم ومفاهيم التربية الوطنية بين الطلاب ومجتمع المعلمين ، داعياً لتضافر الجهود وتجويد الأداء ، وأن يكون لكل فرد مسئولية نحو بناء الوطن ? والإسهام في عمرانه واستقراره ) انتهى وتجدني أقف تماما مع (خبيرنا) الذي تساءل : هل الجرعة الإضطرارية والعاجله التي تقرر أن تزود بها تلميذنا في طابور الصباح بالأمس يعني زمان إذاعة القرار تكفي أن تبعث فيه روح الإنتماء للوطن ؟ ، وأجب ( خبيرنا ) : أشك في ذلك . ونستطيع أن نقول : إن التربية الوطنية ، عملية شاقة وطويلة ، بطول العملية التعليميه ككل . التي تمتد منذ بلوغ السن الدراسية المؤهلة بالدخول الى المدرسة الأساسية ، أولى مراحل التعليم ، ذات الفصول الثمانية ، التي أضحت مرهقة للتلميذ بطول فترة بقائه فيها مرحلة الأساس وبموادها الحووشي . والدعوه قائمة لمراجعة مسألة هذه السنوات الثمانية الطويلة .. !! وينقل التلميذ للمرحلة الثانوية ، بعد أن حذفت مرحلة المتوسطة سابقاً ، التي كانت بالفعل : متوسطة بين مرحلتين : إبتدائية وثانوية يتلقى فيها التلميذ المقدمات المهم? في المواد العلمية والأدبية ، التي يدرسها في المرحلة الثانوية كما تمتاز ايضاً بأن يتوفر للتلميذ فرصة للإطلاع على المكتبة المدرسية ، ومزاولة نشاط الجمعيات الأدبية التي تقام بالفترة الصباحية والمسائية حسب الظروف التي تحكم من حيث الإنارة وحضور التلاميذ وخلافه . ولاشك أن معلمي المرحلة المتوسطة سابقاً، إشتهروا بالتأهيل الجيد في معاهد إعداد معلمي المرحلة المتوسطة ببخت الرضا وأم درمان والأبيض وأخواتها، ويشهد لمعلمي هذه المرحلة كما لغيرهم في المراحل الأخرى بالإنضباط والنظام والثقافة الواسعة . وكم استفدنا منهم?كثيراً . وما بنا من بعض إلتماع من صنيعهم فلهم الشكر والثناء . ونرجو أن تعود هذه المرحلة الى السلم التعليمي . وكما يدخل الطالب المرحلة الثانوية حسب درجات القبول المحدد لذلك . وهي الأخرى ليست بالثانوية في الزمان الماضي باي حال من الأحوال من مستوى الطالب ، نسبة لان الخلل يلازمه من المرحلة السابقة المرحلة الأساسية . وبعد هذه المرحلة يدخل الطالب الى الجامعة بدرجات عالية تؤهله بالمنافسة في مقاعد الجامعات والمعاهد العليا . ويلاحظ في طلبة هذه المرحلة ضعف المبادرة والثقافة . وقد أشار (خبيرنا) لذلك بسؤاله لشابٍ جامعي : هل يعرف عبدالله خليل ؟ فأجابه والثقة تملأ جوانحه : ما هو فنان حقيبة زميل حسن عطية ! مش ؟ . ولاننسى أن هذه الأيام أن الطلبة مهمومون باستخراج تفاصيل الشهادة الثانوية ، لزوم إجراءات التسجيل بالنسبة للطلبة المرشحين بدخول الجامعة هذا العام ، وللطلبة الذين يودون الإعادة بالجلوس لامتحان عام 2012م . وتستخرج هذه الشهادة من وزارة التربية والتعليم الإتحادية . حيث : أنه حدثت حالات إغماء وسط الطالبات نتيجة لتكدسهن ووقفتهن لساعات طويلة من أجل استخراج الشهادة السودانية ، ورصد سقوط أحد الآباء الذي كان مرافقا لابنته والذي تم اسعافه الى المستشفى لتلقي الإسعاف قبل نقله الى منزله بدار السلام بام درمان ) حسب صح?فة الوطن 13/سبتمبر 2011م . ومن المفروض عمل تجهيزات كافية واستقبال اعداد الطلاب الناجحين المعنيين باستخراج هذه الشهادة لاهميتها . حيث بلغ عدد الطلاب الناجحين لهذا العام 365.087 طالب وطالبة . وذلك عزيزي القارئ أن تقدر المبلغ العائد من استخراج الشهادة والذي يمكن أن يوظف جزء منه للتجهيزات المصاحبة لاستخراج هذه الشهادة . إذن ، فإن العملية التعليمية برمتها والتربية والوطنية التي تعتبر واحدة من مخرجاتها ، تحتاج لمراجعة شاملة حتي ينعم الوطن بفتية مؤهلة تمام التأهيل حتى تستطيع القيام بواجبها اتجاه الوطن واتجاه نفسها بأكمل وجه ، ومستعيدة للتكيف مع تفاصيل وظروف حياة الوطن ، وملمة بثقافات الوطن المتعددة لتمكنه من التجانس مع مكونات المجتمع كافة . إلا أن التربية الوطنية مسألة روحية ووجدانية لاتنحصر تلقيها والتذود منها بداخل حجرات وقاعات الدرس ، بل تلازم الفرد دوماً في حياته مابقي في البسيطة . ولذلك نقول إنه من المهم أن تتضافر جهود : الأسرة بثقافتها بتقديم مبادئ الدين ، ذلك لأن حب الوطن من الإيمان . ومؤسسات التربية (المدارس والجامعات والمعاهد العليا) بتقديم الجرعات التربوية بالعلم وترسيخ الوطنية ، خاصة إذا علمنا أن معظم عمر التلميذ أو الطالب يقضيها بين جنباتها . ومؤسسات التزكية الروحية ( تكايا الطرق الصوفية والمساجد والخلاوي ) صاحبة الشأن الأول ا?معنية بتزكية الروح وطهر النفوس والسرائر . والواجهات والمنابر الإعلامية المعنية في المقام الأول بالثقافة والفكر والفنون ، والتي يتسنى لها من خلال ذلك تدعيم الوطنية والتعرض للمخاطر التي تواجه الأوطان بالحوار والحجة وما أكثرها هذه الأيام . وهذه المخاطر إذا نظرنا اليها بدقة أن سببها الأساس هو : ضمور الوطنية لدى مواطن السودان حكاما ومحكومين ، اذ كيف يترك الحبل على الغارب بأن يصبح الإحتراب بين أبناء الوطن الواحد سمة مميزه منذ قبيل الإستقلال وحتى يومنا هذا ولايستطيعون وضع حد لهذه الناحية السلبية الكبرى التي تنتقص من قدر الجميع . وفي الختام ، اذا سمحت إدارة صحيفتكم الغراء سأعدكم بتقديم دراسة مفصلة وافية بإذن الله عن موضوع التربية الوطنية باعتبارها الروح وصمام الأمان من ضمور التربية الوطنية. والله الموفق