الكمساري او «البلف» بلغة الراندوق هو رفيق الطريق الاصيل لسائقي المركبات العامة، وهو المراقب المالي الذي عليه ضبط حركة السيولة داخل العربة والعمل على سد العجز بلغة الاقتصاديين.. يبدأ يومه قبل الجميع، فعليه عمل مراجعة شاملة للعربة قبل ان تتحرك، ويتم ذلك في الساعات الاولى من الصباح، وبعدها يبدأ مشوار الرهق اليومي مع الركاب.. قبل ايام انفجرت مشكلة بين الكمساري واحد الركاب في المركبة التي كانت تقلني الى مكان العمل وقع فيها ظلم كبير على الكمساري، ولم يسانده احد فقد وقف الجميع مع الراكب ضد الكمساري، عندها ايقنت ا? معاناة الكماسرة مع الركاب لا تكمن في قيمة التذكرة التي سيظل الجدل حولها جاريا الى ان تقوم الساعة، ولكن ازمته تكمن في محاولته اثبات انسانيته التي يهدرها الركاب مع سبق الاصرار والترصد، يقول انور عثمان كمساري يعمل في خط الخرطوم بحري: الركاب يتعمدون اشعارنا بالدونية بوصفنا نعمل في مهنة هامشية ساقتنا اليها الظروف الاقتصادية التي قلبت الموازين رأسا على عقب، وصار خريجو الجامعات هم من يعملون في الوظائف الهامشية.. بالاضافة الى من اضطرهم واقع اقتصادي لا يرحم الى العمل في هذه المهنة «الحارة»! وتحدث الينا صالح سعيد وهو كمساري يعمل في خط الحاج يوسف قائلاً: تخرجت في كلية الاداب جامعة النيلين وبحثت لسنوات عن وظيفة تتناسب ومؤهلي، الا انني لم اوفق، فعرض علي جارنا وهو صاحب هذه الحافلة العمل معه، فوافقت بلا تردد، والحمد لله انا وضعي جيد الآن، وأضاف سعيد: ما يزعجني هو تعامل الركاب مع الكماسرة بدونية وعدم احترام، وكثيرا ما يسمعونني كلمات جارحة، الا انني لا اتوقف عندها حتى لا اتسبب في مشكلة مع الركاب. عبد الرحيم الرضي يعمل ايضا في خط الحاج يوسف تحدث الينا قائلا: انا خريج علوم من جامعة السودان واتعجب لماذا يتعامل الركاب مع الكماسرة بهذا الاسلوب؟بالمناسبة كثيرون بكونوا ما عندهم شهادات اصلا «بس الما بعرفك بجهلك» لا اخفي عليك انا يوماتي بدخل في مشكلة مع احد الركاب عندما اشعر انه يحاول ان يستفزني ! واردف الرضي «انا بقلع حقي من عيونهم».. من جانبه قال عثمان علي الذي يعمل في خط الكلاكلات: لا ادري ما العيب في هذا العمل؟ولظروف ما لم اكمل تعليمي فلماذا اكون اقل من الآخرين؟ وأسوأ ما في الشغلانة دي انه الركاب بعاملو? بطريقة غريبة ما فيها انسانية لا ادري لماذا؟ وحاولت كثيراً اكون لطيفاً مع الركاب لكن دائما ما يجعلونك تستخدم معهم الاساليب الاخرى. اما خليفة عبد العزيز فيقول: اعمل كمسارياً لمدة سبع سنوات، وعانيت الكثير من عنت الركاب واستخفافهم بشريحة الكماسرة مثل «انت ما بتفهم، انت غبي، انت متخلف، كرهتونا المواصلات، داير تسرق قروشي،انتو بجيبوكم من وين؟، يا بني آدم انت اطرش ما قلت ليك نزلني، كلكم مستهبلين وأونطجية بتاكلوا حق الناس وووو..الكثير ولكني في بعض الاحيان اجد لهم العذر لأنهم مطحونون بالوضع الاقتصادي الذي اصبح مترديا، الا انني ارفض صبهم لغضبهم على الكمساري الغلبان. حسين إبراهيم كمساري حديث عهد بالمهنة يقول: بكون خايف من ردة فعل الركاب عندما يصدر مرسوم بزيادة سعر التذكرة، فيتحول الركاب الى وحوش لا ترحم، وندخل في صراعات منذ الصباح وحتى اخر اليوم، هذا طبعا غير الصراع اليومي، فالركاب يكيلون لنا السباب في كل لحظة باحتقار شديد.. ربنا يسامحهم.