من التراث الكردفاني الغالي تمر السوق كان قسموه ما بحوق زولاً سنونه بروق فى محكمة زانوق ومقطع آخر يقول زانوق يا ولد زانوق زانوق التريا اللا رعد لا بروق وغربت فى الأراضى وطرحت زروق زانوق هو لقب للناظر محمد تمساح سيماوى ناظر عموم دار حامد ويقال إن لقب زانوق أُطلق عليه لشدة أحكامه على المجرمين وكان رحمه الله حكيماً وشيخ عرب ورمزاً من رموز السودان المهمة وتقطن قبيلته المنطقة التى إنقسمت إلى محليتين هما شرق وغرب باراوظل ناظراً لها حتى تصفية الإدارة الأهلية فى بدايات العهد المايوى. وموضوع حديثنا هو «العبيد محمد تمساح»الذى خلف والده فى قيادة القبيلة بعد عودة نظام الإدارة الأهلية فى ثمانينيات القرن الماضي ، وأكتب عنه لمعرفتى اللصيقة به فقد كان صديقاً لوالدي وزميلاً له في الدراسة والعمل وتجاورنا معه فى السكن وامتدت الصلة بيننا إلى المزروب وأم سعدون وباراوأكتب عنه لأنه أحد أبناء السودان البررة وأحد الأعلام الشوامخ فى كردفان وأحد الرجال الأتقياء الأوفياء، فقد قام بأعمال جليلة وأدوار كثيرة فى محيطه العملي والجغرافي. وُلد العبيد محمد تمساح فى بداية الأربعينيات ووالدته هي «أم شوايل بت أم بدة ود سيماوي»وهو كما يقولون «مجبود»بالفراسة ، فجده أم بدة أبو كندى من فرسان دار حامد والذي أنشدت تقول بعد معركة شهيرة بركت تلات بركات ما جبت فيهن هزيلة جبت تمساح شيخ القبيلة وجبت سيماوي فارس المغيرة وجبت عوض السيد بدخل على السلطان بشلع حجيله السيف وقع يا عيال يا تو البشيلا فقال لها أمبدة أنا البشيلا وفعلاً فقد كانت له صولات وجولات فى دنيا الفروسية. تلقى العبيد محمد تمساح تعليمه الأولى بمدرسة خور جادين ومنها إلى مدرسة بارا الوسطى ثم عمل محاسباً بمجلس ريفي دار حامد ومجلس ريفى جنوب دار فور وكان قيادياً بالإتحاد التعاوني لإقليم كردفان وأميناً للإتحاد الإشتراكي السوداني بمنطقة بارا ثم أميراً على قبيلته. كان رحمه الله نسيج وحده وكان أمةً في رجل وحباه الله بصفات نادرة فهو وفى وطيب القلب وخدوم ويرعى حقوق الأهل والجيران وأذكر أن بيته كان مجاوراً لنا وكنا نتناول طعام الغداء سوياً»أين?ذياك البريق»وكانت جلسات أذكر منها التاريخ والسياسة والإدارة والأنساب واشهد الله أنه طوال جلوسي معهم ما كنت اسمعهم يتحدثون عن احد وكان يتفقدنا فى غياب الوالد الذي يكن له محبة خالصة واحتراماً كبيراً، ورغم أنه نشأ فى بيئة قبلية إلا انه كان مثقفاً ومنفتحاً على الجميع ومواكباً لعصره ، فهو قارئ جيد للكتب والصحف ومستمع مداوم للإذاعة في حينها ومهتم بالفنون والتراث وله علاقات واسعة مع كل فئات المجتمع ولا زلت أذكر أننى ذهبت الى منزله ذات مرة ووجدته يستمع لخطاب الرئيس السادات فى الكنيست فجلست حتى انتهى الخطاب فسألته ?ن الكنيست فقال لى انه برلمان اسرائيل ، وكان قارئاً لكتب أنيس منصور وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وأشعار أحمد شوقي ووجدت عنده الكثير من الكتب الإسلامية وكان يقرأ التاريخ كثيراً وفى مجال تدينه العام كان تيجانياً وله ولاء لا حدود له لمشائخ الطريقة في خرسي ويحافظ على قراءة أورادها بانتظام. . وكان منزله العامر ببارا ملاذاً لأهله وأصدقائه ومعارفه فيندر أن تجده خالياً من الضيوف أوطلاب وطالبات العلم أو أصحاب الحاجات وقد اعتاد وأسرته الكريمة على هذا الوضع وسمعته يقول إنه يتضايق عندما لا يكون معه ضيف،. وعندما أُختير أمي?اً لأهله كان أهلاً لذلك وكان رافضاً للموقع بشدة ولكنه استجاب لضغوط أهله والحكومة وكان لوالدي بحكم العلاقة معه كبير الثر فى قبوله للمنصب. ويشهد الجميع أنه كان قائداً فذاً سعى في مصالح أهله وتجرد لخدمتهم ضارباً عرض الحائط بمصالحه الشخصية وشؤون أسرته الخاصة وكانت له هيبة الحاكم وسبحان الله فقد بدأت أعي كلمات الشيخ العبيد ود بدر وكيف أنها تنطبق على فقيدنا العزيز»الحاكم فيهو قهر --وعندو ضهر --بيتو بين --وقدحو لين-- يفرش البِرِش ويدي القِرِش والما فيهو قهر وما عندو ضهر وما بيتحمل السهر أخير ليهو يجِز وأم عيالو ت?ِز»وفى فترة لاحقة أصاب الفقيد المرض وهو فى ريعان شبابه فسافر للأردن طلباً للعلاج وقابلته بعد عودته وكان كعادته شجاعاً ومؤمناً رغم آلام الفشل الكلوي ونعاه الناعي في نشرة الثامنة بإذاعة ام درمان وأنا خارج الوطن فبكيته بالدمع السخين وسألت الله له المغفرة والقبول وكأنى بوالدته عليها الرحمة تردد ما قالته والدة موسى ود جلى عند وفاته»الناس تلِد الناس-- ساكت درادر-- وأنا ولِدت موسى إت يا الله قادر-- يدخل على السلطان جوابو حاضر--قطاع مطارق الريف فوق العناقر».اللهم أرحم العبيد محمد تمساح بقدر ما قدم لدينه وأهله وجي?انه وأدخله فسيح جناتك مع النبيين والصديقين والشهداء وحسُن أولئك رفيقا وبارك في بناته «أمل ومناهل»وأعن إبن أخيه الأمير محمد أحمد محمد تمساح والله الموفق.