إذا كنا بالأمس قد أتينا على ذكر خرتشوف الرئيس الروسي الأسبق في مقام التذكير بتناقض المواقف الذي إتخذه من سلفه ستالين، فكان مادحه وهو حي وسالقه وهو ميت، على النحو الذي رويناه على لسان صديقنا «العكليتة»، ما كان بامكاننا أن نغادر سيرة الرجل دون أن نذكر طرفاً من طرائفه العديدة التي اشتهر بها، ويبدو أن مظهر الرجل بقامته القصيرة وجسده البدين، كان له أثر إضافي في إضفاء المزيد من الدراماتيكية على مواقفه وتصرفاته وتعليقاته الساخرة واللاذعة... كان نيكيتا خرتشوف هو أول من إستن طريقة الاحتجاج والتعبير عن الغضب باستخدام الحذاء، وقد إستبق في ذلك الصحافي العراقي منتصر الزيدي بزمان طويل، ففي أحد اجتماعات الأممالمتحدة التي يحضرها الرؤساء وكانت حينها الاجواء والمناخات الدولية متوترة جداً، خاصة بين أميركا وروسيا من جهة، وبين روسيا وبلدان عدة من جهة أخرى، في ذاك الاجتماع إنهالت الانتقادات والهجومات على الروس وكان أصخبها ذاك الذي شنّه الرئيس الفلبيني وكان الحنق والغضب لحظتها قد بلغ بخرتشوف مبلغاً أطاش صوابه فما كان منه إلا أن خلع حذاءه وبدأ يطرق به على ال?نضدة أمامه حتى كلَّ متنه ولما كلَّ متنه وضع الحذاء على المنضدة أمامه تحسباً واستعداداً لرد أي هجوم قادم... في زيارة للرئيس الفرنسي جورج بومبيدو للاتحاد السوفيتي كان ضمن برنامجه زيارة أحد المعامل وبرفقته خرتشوف، وفي المعمل لاحظ بومبيدو أن كل الطاقم العامل بالمعمل من النساء فعلّق على ذلك بقوله يبدو أن وضع المرأة هنا في غاية السوء بحيث أنها لا تستطيع العيش بدون أن تبذل الجهد والعرق متمنياً للمرأة السوفيتية أن تحصل على وضع أفضل يضعها في مصاف مثيلاتها في الغرب، التقط قفاز الحديث خرتشوف وقال أشكر الزميل الفرنسي على تمنياته للمرأة السوفيتية ولكني أقول له إن المرأة التي تنال طعامها بعرق جبينها أفضل ألف مرة من المرأة ال?ي تنال طعامها من عرق أفخاذها... ويروي عنه في زيارة له لأميركا أنه داعب مضيفه الرئيس الاميركي كيندي بجلافة واستهتار وذلك عندما أبدى له الرئيس الاميركي رغبته في تبادل العلاقات الطيبة مع بلاده، بعد أن ركّز خرتشوف نظره على جاكلين زوجة كيندي وكانت آية في الجمال والرشاقة على خلاف زوجته القصيرة البدينة مثله، قال رداً على رغبة كيندي، على ان نتبادل الزوجات أيضاً... في زيارة لخرتشوف لإحدى المزارع التي تختص بتربية الأبقار، لاحظ أن مديرة المزرعة تتمتع بصدر ناهد وكبير، فترك المزرعة وما فيها من مشاكل وعراقيل ليعلّق قائلاً الآن اكتشفنا أين يذهب حليب البقر.. وغير ذلك الكثير من المفارقات والطرائف والتعليقات والردود اللاذعة التي اشتهر بها خرتشوف لا يسعها المجال هنا، فتعليقاته اللاذعة جاهزة لأي موقف أو حديث لا يعجبه وكأنه من أهلنا الرباطاب الذين اشتهروا بسرعة البديهة والتعليقات الساخرة...