خلقت مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل واقعا جديدا فى البلاد، فللمرة الاولى سيضم تشكيلا حكوميا حزبين اتحاديين اكبرهما «الأصل» والاخر حزب الدقير المسمى بالاتحادي المسجل. ورغم ان كل الترجيحات كانت تذهب خلال الشهور الماضية الى ان مولانا الميرغني سيرفض المشاركة فى حكومة تضم مجموعة الدقير المنشقة عن حزبه، فان تسريبات خلال الايام الماضية كشفت عن وجود اتصالات بين الطرفين لفتح ابواب التواصل وازالة الجفوة الطويلة، وربما تنسيق المواقف فى الحكومة والبرلمان. ونقلت التسريبات أن زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأ?ل محمد عثمان الميرغني عرض على الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي د. جلال الدقير التنسيق للمشاركة في الحكومة القادمة والدخول فيها ككتلة واحدة ومنح كل حزب حق الاعتراض على مرشحي الحزب الآخر. وفيما تحفظ الأخير على الخطوة ابتداءً بدعوى أن الأمر أشبه بالوحدة ويحتاج إلى وقت وجهد كبيرين،وكان من رأي الميرغني أنه بالإمكان تنفيذ الخطوة العاجلة والنظر لاحقاً في مسألة توحيد الحزب. فهل من الممكن ان تتم هذه الخطوة بالنظر الى التراث العدائي بين الطرفين، وكيف سيتجاوز الاتحادي المسجل تحالفه الاستراتيجي الطويل مع المؤتمر الوطني، ليضع بيضه فى سلة « الأصل» الذي تتنازعه تيارات تدعو لتقويض المشاركة،ان التف الحزب الحاكم عليها، وربما النظام نفسه من الداخل. وربما لهذا لا تؤيد اصوات داخل الاتحادي المسجل حدوث اي تقارب مع «الأصل»، فرغم مرور ايام على دعوة الميرغني للتنسيق وتباطؤ الدقير فى الاستجابة، يؤكد قيادي فى المسجل ،فضل حجب هويته، استحالة حدوث تقارب مع الأصل لان حزبه يملك برنامجا سياسيا يقوم ?لى مبادئ اختطها ولن يحيد عنها، كما ان الاتحادي المسجل له رؤية مستقلة و لن يقبل ان يكون ظلا لحزب السيد الميرغني الذي يعاني من اشكالات تتعلق بمواقفه السياسية المتناقضة وعلاقاته التنظيمية. ونوه القيادي فى المسجل ان وجود حزبه فى السلطة كشريك للمؤتمر الوطني، لم يدفع بالاتحادي المسجل الى التخلي عن مبادئه ومواقفه مما يدور فى البلاد. بيد ان القيادي فى الاتحادي الأصل علي السيد فاجأنا ونحن نتلمس امكانية تنسيق حزبه المشترك مع الاتحادي المسجل فى الحكومة القادمة، بان « الأصل» اصبح فى حل من قرار المشاركة المقطوع مع الوطني، بسبب اعلان الاخير ان الحكومة القادمة ستنفذ برنامجه هو لا البرنامج المتفق عليه. وقال السيد ان قرار الهيئة القيادية بني على شرط التزام المؤتمر الوطني بالبرنامج المتفق عليه، والتوقيع على ذلك البرنامج قبل اعلانه لجماهير الشعب السوداني، عل ذلك البرنامج يقنع القوى السياسية الاخرى بالمشاركة. وشدد عضو المكتب السياسي والهيئة ا?قيادية للأصل بان حزبه لا يمكن ان يشارك فى حكومة تنفذ برنامج المؤتمر الوطني، لانه بذلك سيصبح جزءا من الحزب الحاكم. ويشير الكاتب والمحلل د. أسامة خليل ان التنسيق مع اي من الاحزاب السياسية سواء كان فى الحكومة والمعارضة،يخضع لما تقرره مؤسسات الحزب الاتحادي وفقا لمصالح الوطن والشعب، وايضا للبرنامج الوطني الذي اقره الأصل و بمبادرة الميرغني للوفاق الوطني الشامل، واضاف خليل: وفقا لكل ماسبق سيتحدد التنسيق مع «المسجل» او غيره من عدمه. ولان الغاضبين من قرار الحزب الاتحادي الديمقراطي « الأصل» بالمشاركة فى السلطة ليسوا بقلة، فقد اتجهت تحليلات المراقبين لامكانية تلاقيهم مع مجموعات اخرى رافضة لمشاركة كافة الفصائل الاتحادية، ومنها الاتحادي المسجل جناح صديق الهندي، والاتحادي الموحد وغيرهما من الفصائل التي ترفض تماما مشاركة المؤتمر الوطني تحت اي ظرف ووفقا لاي مبررات. ويدعم من حدوث انشقاقات فى الحزب الاتحادي الأصل د. علي السيد، مؤكدا ان مشاركة الحزب ستدفع بقيادات بارزة الى مغادرته، مشيرا الى ان المغادرة ستشمل قيادات وسيطة وجماهير واسعة. على ان السيد اضاف لقائمة المغادرين المتوقعة حفنة ممن توخوا المشاركة ودعم تيارها املا فى الحصول على مواقع وزارية وخاب سعيهم، على حد تعبيره، مرجحا ان ينقلب هؤلاء على المشاركة فور اعلان التشكيل. وقال السيد ل» الصحافة» انه سيلتزم بقرار الحزب الذي صدر وسيحترم الممارسة الديمقراطية، ولن يخرج عن رأي الاغلبية من القيادات، داعيا بقية القيادات ا?رافضة للبقاء والعمل معا من اجل اصلاحه وتنظيمه، بمعية نجل مولانا السيد الحسن، منوها الى ان الاخير يرفض المشاركة بشدة ويملك رؤى صائبة. غير ان الكاتب والمحلل د. أسامة خليل يستنكر الاشارة لمجرد مثل هذا التلاقي، رغم حدوثه فعليا على مستوى الموقف السياسي. ويقول خليل ان الاتحادي الأصل حزب ديمقراطي وهو مثل أية منظومة سياسية تتباين في داخله الاراء ووجهات النظر، مشيرا الى ان هنالك بعض القيادات فى الختمية والحزب وتيار الشباب يرفضون المشاركة فى السلطة الانقاذية، لكنهم ،كما يؤكد خليل، لن يكونوا ثغرة لاعداء الحزب لينفذوا من خلالها للنيل من وحدته ومن قيادته ممثلة فى السيد محمد عثمان الميرغني. وشدد الكاتب والمحلل على ان رهان البعض على حدوث انشقاقات?وتصدعات داخل الحزب، بفعل قرار المشاركة، لن يتحقق، لان الرافضين لقرار المشاركة من القيادات النافذة والمؤثرة، باقون فى مواقعهم ويمارسون نشاطهم باعتيادية رغم موقفهم هذا. على ان القيادي فى الحزب الاتحادي الديمقراطي «الموحد» محمد عصمت يتوقع ان يتجه الى حزبه كل الرافضين لعملية المشاركة من «الأصل» و»المسجل»، مشيرا الى انه بعد مشاركة الاثنين سيبقى حزبه الماعون الوحيد الذي يمكن ان يستوعب كل الاتحاديين الرافضين لمشاركة الانقاذ، والباحثين عن المؤسسية والديمقراطية، وكل ما يميز الاتحاديين فى ممارسة حقوقهم، بعد ان كاد يصبح ذلك معدوما فى « الأصل « و» المسجل». ولفت القيادي بالاتحادي الموحد ان حزبه سيظل غير مشارك، متبنيا نهجه المعلن فى تغيير كل السياسات القائمة. ورأى عصمت ان لا حيثيا? لاتجاه القيادات الرافضة من كافة الاتجاهات لتأسيس حزب جديد، مبديا ترحيب الحزب بهم جميعا، ومعربا عن قناعته بأن « الموحد» يمكن ان يضم كافة الاتحاديين بكل طموحاتهم، وان يتناول الحزب الشأن العام بمسؤولية وطنية متجردة.