كثير من المراقبين وصفوا ترشيح الحزب الاتحادي الديمقراطي الرئيس عمر البشير لرئاسة الجمهورية ضمن منظومة أحزاب حكومة الوحدة الوطنية ب (الخطوة الاستباقية)، بإعتبار أن هنالك حواراً يجري (تحت المنضدة) لم تتضح معالمه بعد، بين د. جلال الدقير الأمين العام للاتحادي ومجموعة مكلفة من السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بشأن (لم الشمل). وما بين ترشيح البشير ولم الشمل يقرأ المحللون الموقف بأكثر من وجه، فتارة يقولون إنه يعرقل مشروع لم الشمل بإعتبار أن الاتحادي الأصل لا يرغب في أي تقارب مع المؤتمر الوطني، ويستشهدون بما رشح أخيراً من موقف للإتحادي الأصل صدر من البروفيسور بخاري الجعلي مسؤول الإنتخابات رفض فيه التحالف مع المؤتمر الوطني في الانتخابات المقبلة. وتؤكد مصادر ل (الرأي العام)، أن هذا الرأى يتسق مع الخط الذى يقوده السيد الحسن نجل الميرغني والمرشح لقيادة القطاع التنظيمي بالحزب، والقاضى بعدم المقاربة مع المؤتمر الوطني. ويقول د. يحى مكوار المشرف السياسي لمحلية جبل أولياء عن الاصل ل (الرأي العام)، نحن لم نر إجراءات عملية لحوار رسمي مع الدقير من جانب الحزب، وأضاف، لكن إن كانت هنالك محاولات بصورة شخصية فإن مسألة ترشيحه للرئيس البشير ستفشل الوحدة وتعيق لم الشمل، وأكد رفض حزبه لأي تقارب مع المؤتمر الوطني أو مجرد التنسيق. وقال: رفض التقارب مع المؤتمر الوطني اتجاه سائد في القاعدة الجماهيرية لحزبنا، وأشار الى أن توصيات اللجان القاعدية على مستوى المحليات وبما في ذلك محليته (جبل أولياء)، شددت على ضرورة عدم التحالف مع الوطني في الانتخابات المقبلة. أما الوجهة الثانية التي يقرأ بها المحللون مسألة ترشيح البشير من قبل الاتحادي المشارك في الحكم، هي أن بعض الرافضين للتوحد مع الأصل ومنتقدى ما أسموه بالعصبية الطائفية وحزب الأسرة، دفعوا في اتجاه ترشيح البشير لما يعلمونه من خط إتحادي (أصل) رافض للتقارب مع الوطني وبهذا يضمنون نسف أرضية الحوار بين السيد الميرغني ود. الدقير. إلا أن البعض من دعاة الوحدة المؤسسية بحسب تسميتهم، يقولون، (نحن نريد أولاً توحيد الفصائل الاتحادية والذهاب بها الى مولانا الميرغني لإكمال مشروع وحدة منظمة للحركة الاتحادية ومن ثم ننظر للتحالفات الخارجية). وقالت مصادر اتحادية نافذة تحدثت ل (الرأي العام)، نحن بالفعل نحسب الرئيس البشير صمام أمان للبلاد، وأضافت لكن هذه الوثيقة التي تواضع عليها (20) حزباً من مجلس حكومة الوحدة الوطنية لا تعدو عن كونها (إعلان نوايا)، وطرحت هذه المصادر عدداً من الاسئلة التي تقول ان لا إجابة لها في الوقت الراهن وهى : ما مدى تجاوب القاعدة الجماهيرية لتلك الأحزاب الموقعة على الوثيقة؟ لماذا استبق هؤلاء برنامج البشير الانتخابى ؟ وماهو المقابل لهذا التوافق حول البشير؟ واعتبرت ترشيح الأحزاب للبشير مجرد (إعلان سياسي). وقالت، اما فيما يتعلق بالحوار مع الإتحادي الأصل، فإنه لم يغادر محطة (تبادل النوايا)، غير أنها أشارت الى أن هنالك وحدة عاطفية على مستوى قواعد الحزب بفصائله المختلفة واضافت : حتى القيادات لا تستطيع التحكم فيها لأن كل القيادات المركزية لفصائل الحزب غير منظمة، واستشهدت بالعمل الموحد لقواعد الحزب في كل الولايات والمحليات في مرحلة التسجيل الإنتخابي، غير أنها كشفت أن للميرغني امراً بوقف العمل الموحد فى مدينة الابيض عندما نسق ممثلو الاتحادى بكافة فصائلهم فى مرحلة الترشيحات. ويعتمد المحللون في وجهة قراءتهم الثالثة على المثل القائل (لا دخان بدون نار)، وللتوضيح أكثر فإنهم يقولون هنالك أنباء رشحت في وقت سابق عن أن السيد محمد عثمان الميرغني قال ان حزبه سيرشح الرئيس البشير لرئاسة الجمهورية، وسارع الأصل بنفي هذه الأنباء بالرغم من أنها صدرت من جهات نافذة بالمؤتمر الوطني ومقربة من الحزب الاتحادي. ويقول المحللون بالرغم من النفي الذي ربما كان من باب المراوغة السياسية، فقد تكون هنالك حوارات ومناقشات جرت في هذا الشأن بين الجانبين (الوطني والاتحادي الاصل)، ويتابعون، إن صح هذا الأمر فقد يتحول (الزقاق الضيق) الذي دخل فيه الدقير الى جسر تواصل بين الحزبين الكبيرين، ويصبح ترشيح البشير لرئاسة الجمهورية خطوة إستباقية لتحالف انتخابي قادم، خاصة وأنهم (المحللون) يؤكدون أن المؤتمر الوطني كان يسعى لتوحيد الحزب الإتحادي (بعد ان كان سبباً لتشظيه)، ليدخل في تحالف مع حزب (بكامل صحته) التنظيمية، وربما حدث إحلال وإبدال في خطوات الوحدة يلملم فيها المؤتمر الوطني فصائل الحزب الى أحضانه فصيلاً تلو الآخر ومن ثم يوحدهم تحت مظلة تحالف انتخابي عريض.