بعد أن أنفق المرشحون أموالاً طائلة في الدعاية الانتخابية والحشد الجماهيري والاتصال بالقواعد الحزبية في مختلف الولايات لفترة تجاوزت الشهرين منذ بدء الحملة لتسجيل المقترعين مروراً بتقديم واعتماد المرشحين للمناصب الدستورية والمقاعد البرلمانية ثم الحملات الانتخابية، وبعد أن أوشكت لحظة التصويت وملء صناديق الاقتراع تذكرت المعارضة شكوكها في نتائج التعداد السكاني وجور تقسيم الدوائر الجغرافية وتجاوزات السجل الانتخابي وأخذت في مطالبة المفوضية القومية للانتخابات بمراجعة العملية من أولها ،الأمر الذي يضع علامات استفهام حول تمويل الأحزاب لحملاتها الانتخابية فهل يقبل الكادحون من داعمي الأحزاب بضياع تبرعاتهم وإهدار أموالهم في مباراة انتخابية مؤجلة ؟!! . . والإفاقة المتأخرة ومحاولة إعادة العملية الانتخابية لمربعها الأول هي ما أشار إليه البروفسور/ عبدالله أحمد عبدالله نائب رئيس المفوضية القومية للانتخابات في لقاء له مع صحيفة الشرق الأوسط نشر يوم الجمعة الموافق 26/3/2010م، بقوله : (إن المعارضة تريد أن تلقي أخطاءها على شماعة المفوضية لأنها كانت «نائمة» وما كانت تظن أن الانتخابات ستقوم) . لقد لعب الساسة أدواراً سالبة في تعزيز عزوف الشعب السوداني عن التفاعل مع الشأن السياسي العام من خلال تقلباتهم وتكتيكاتهم المكشوفة والتناقض بين المنطلقات الفكرية والممارسة العملية والبون الشاسع بين النظرية والتطبيق الواقعي للقناعات والرؤى التي تتبناها الأحزاب، حيث تلقت الممارسة الديمقراطية طعنة نجلاء من قبل المطالبين بالتحوّل الديمقراطي وذلك بعد أن اتخذ بضعة أشخاص في قيادة الأحزاب قرارات مصيرية بشأن تأجيل الانتخابات دون الرجوع لقواعد أحزابهم ومشاورة مرشحي الأحزاب في أمر تأجيل الانتخابات العامة . وما يدعو للحيرة هو قبول المعارضة الترشح لكافة المناصب التنفيذية والمقاعد التشريعية وإعطائها زخماً انتخابياً كبيراً، حيث أكد البعض على أن حزب المؤتمر الوطني الصغير والمنقسم على نفسه إلى زوال لا محالة وعندما لاحت ساعة الحسم آثرت هذه القوى التأجيل بحجة تسجيل العسكر في ثكناتهم وطبع بطاقات الانتخابات في مطابع العملة مما يؤكد النية المبيتة للتزوير !! وكأن بطاقات الاقتراع المزورة ستمر أمام مندوبي الأحزاب ووكلاء المرشحين وممثلي مراكز الرقابة المحليين والدوليين لتستقر في صناديق الاقتراع دون أن يفطن إليها أحد من هؤلاء المراقبين !! وإذا أخدذنا في الاعتبار إجراءات ختم بطاقات الاقتراع ذات الأرقام المتسلسلة والتوقيع عليها بشهادة المراقبين ومتابعتهم الدائمة لصناديق الاقتراع ربما يسخر المؤتمر الوطني الجن للتزوير !! وإن كان مرشح الحركة الشعبية للرئاسة على ثقة من فرض الاستفتاء الجنوب في موعده «شاء من شاء وأبى من أبى» استناداً على شعبيته الواسعة فلماذا المطالبة بتأجيل الانتخابات وإرجاء حسم معركة الرئاسة ؟!! وكيف قبلت المعارضة الترشح للانتخابات دون الحصول على ضمانات كافية بالحيدة والنزاهة والشفافية ؟!! .