خطت الولاياتالمتحدةالأمريكية خطوة أخرى في طريق تطوير علاقاتها مع دولة جنوب السودان ، وذلك برفعها القيود المفروضة على المبيعات الدفاعية الخاصة بجنوب السودان، وهي خطوة من شأنها تعزيز أمن أمريكا ودعم السلام العالمي وفق توجيهات الرئيس الأمريكي باراك أوباما الى وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، وذكر أوباما في توجيهاته الرئاسية « انه سيسمح للولايات المتحدة بتقديم مواد وخدمات دفاعية الى جنوب السودان لان القيام بذلك «سيعزز امن الولاياتالمتحدة ويدعم السلام العالمي. ويعد الاجراء حتى الأن شكلياً وتقليدياً باعتبار أن البنتاغون لا يسمح بتصدير السلاح الأمريكي الى أي بلد حتى يتأكد من عدم وصول ذلك السلاح الى أيدي مليشيات ومجموعات ارهابية حسب التصنيف الأمريكي ، لذلك تم ربط عملية تصدير السلاح بأمن الولاياتالأمريكية . وتأتي اجازة البيت الأبيض القانونية تجاه تصدير السلاح الى أحدث دولة في العالم بعد ايام قليلة من اعلان أوباما عن استراتيجته الدفاعية الجديدة والتي تتسم حسب مؤيدين لها بالهدوء والذكاء والقوة وأعلن فيها أوباما تخفيض عدد القوات الأمريكية ما يعني خفض الصرف والانفاق الحكومي الشئ الذي يسهم في حل المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها واشنطن ، فيما قوبلت الاستراتيجية بقلق وتأييد متحفظ من قبل الجمهوريين الذين رأوا فيها دعوة للأعداء حتى يكرروا هجماتهم على الولاياتالمتحدة كما حدث في هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، وأن تخفيض اعداد الجيوش في وقت يمر فيه العالم بتوترات متوقعة في كل من ايران وكوريا الشمالية من شأنه أن يؤثر على أمن وسلامة أمريكا . فيما لم تحدد الخارجية الأمريكية آلية ومعايير العلاقات الدفاعية مع دولة الجنوب لأن النقاش ما يزال مستمراً حول تلك النقطة حسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند التي لم تنسَ أن تذكر أن ما يحدث الأن من تقارب بين البلدين هو نتاج طبيعي لعلاقات منفتحة بين الجانبين حتى قبل اعلان دولة الجنوب، وقالت « ان الولاياتالمتحدةوجنوب السودان يناقشان معايير العلاقات الدفاعية المستقبلية لكن لم تتخذ قرارات بعد «. وأضافت نولاند في تصريحات صحفية «كنا منفتحين منذ البداية وحتى قبل اعلان الدولة «جنوب السودان» على المحادثات التي رغبوا في اجرائها معنا حول كيفية تأمين حدودهم والدفاع عن انفسهم في المستقبل «. وأياً كان شكل التعاون المتوقع فان تقديم ادارة أوباما السلاح الى حكومة جوبا من شأنه خلق حالة سباق تسلُح في المنطقة خاصة أن المسوغات التي دفعت أمريكا لاتخاذ القرار هو تأمين حدود دولة الجنوب من ناحية الشمال على وجه التحديد ما يعني دخول دول حليفة لدولة السودان في ذلك السباق، وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية العبيد أحمد مروح ل« الصحافة » أن رفع الحظر عن صادرات السلاح الامريكيةلجنوب السودان من شأنه اشعال سباق تسلح في المحيط الاقليمي، ودخول دول حليفة للحكومة السودانية- الصين ، روسيا - في ذلك السباق مما سيؤثر سلباً على سباق التنمية « . وقد عملت الولاياتالمتحدة على تحرير الدولة الوليدة من العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة اصلا على حكومة الخرطوم قبل اعلان تكوينها في التاسع من يوليو الماضي ، ويذهب محللون الى أن ادارة أوباما بعرضها السخي على جوبا فانها تخدم بذلك مصالحها العليا قبل مصلحة شعب جنوب السودان ، لأن مسألة التسليح تعني صرف أموال ضخمة من موارد الجنوب لاسيما البترول على نوعية الأسلحة المستوردة ويصب في نهاية المطاف في جيوب الخزينة الأمريكية وبالتالي يفرغ الخزينة المركزية في جوبا مما سيدخل الدولة في ديون ضخمة ستظل تلاحق الأجيال القادمة ، ولا تستبعد الخرطوم سعي البيت الأبيض الى أخذ فوائد مساعدته دولة الجنوب في تحقيق انفصالها عبر أخذ عائدات من مواردها الطبيعية، وأشار المروح الى أن « المنحة الأمريكية تخدم أجندة شعوب وبلاد أخرى غير شعب الجنوب ، وأن أمريكا تريد قطف ثمار انفصال الجنوب « ،واضاف « اذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تعظم من قيمة السلام والاستقرار فان ذلك لا يتم بتسليح الجيوش على الحدود بل ببناء الطرق والمعابر بين البلدين « . فيما تنظر حكومة الجنوب للقرار الأمريكي من منظار تبادل المصالح والمنافع بين أي دولتين ، وقال المتحدث باسم الجيش في جنوب السودان فيليب أقوريرو ل« الصحافة » « الأمر لا يزال في مرحلة الحوار والنقاش بين الجانبين مصلحتنا أن يتم تطوير الجيش بصورة جيدة «، وأضاف « هذا يحتاج الى مراحل تبدأ بالتدريب وتنظيم المؤسسات العسكرية وهي المرحلة التي لم نخرج منها بعد اي ان التعاون ان تم لن يخرج عن الاطار الفني « . ويُشكك متابعون في أن رفد الجنوب بأنواع الأسلحة المختلفة سيحقق الردع المطلوب لأعداء الدولة الحديثة أو سيبعد عنها مستِضعفوها ، لاسيما مع انعدام النموذج الذي يحتذي به على مستوى دول العالم ، ما يُرحج من فرضية أن تمضي واشنطن في اتجاه تطوير وجودها في المنطقة مع الأخذ في الاعتبار أن عملية تصدير السلاح تتبعها عمليات تدريب على استخدام ذلك السلاح وايفاد خبراء ومختصين أمريكان لتدريب الكوادر الجنوبية على تقنيات استخدام تلك الأسلحة . ما يُعيد للأذهان قرار الولاياتالمتحدة في أكتوبر من العام الماضي نشر مئة جندي في أفريقيا للمساعدة في التصدي لمتمردي جيش الرب للمقاومة. وهو يُعد الانتشار الأكبر للقوات الأميركية في المنطقة منذ الهزيمة التي منيت بها في تدخلها في الصومال في 1993. وحرصت الادارة الاميركية وقتها على التوضيح ان الجنود الاميركيين لن يقاتلوا المتمردين مباشرة. وقال اوباما ان «قواتنا ستقدم معلومات استخباراتية ونصائح ومساعدة للجيوش الشريكة «. لكن فيليب أقوريرو نفي حدوث أي تواجد أمريكي على أرض الجنوب وأن استيراد أسلحة من أمريكا لا يعني بأي حال من الأحوال حدوث هذا، وشدد الرجل كذلك على أن دولة الجنوب حتى الأن لا تحتوي على أي تواجد مادي لقوى عسكرية أجنبية .