على شرف مهرجان المسرح بالمسرح القومي، أحضر البروفسير أنور محمد عثمان لوحة بها الراحلون من المسرحيين ومن قدموا حياتهم للمسرح تاريخاً ومجداً وحضوراً في المشهد المسرحي السوداني، وقد زين اللوحة بعنوان مركز سر عزة للفنون وبخياله الواسع وحضوره المسرحي جعلها الممثل عبد الله صوصل سنوغرافيا في بيت المسرحيين وقد فرش الأرض بالرمل وبللها بالتراب وأضاف لها راديو لا يعمل وكأن صوت الممثلين قد سكت وصارت شدرة اللبخ الكبيرة في بيت المسرحيين خلفية تم الصاق البوستر عليها وكأنها دلالة على أن الأشجار تموت واقفة وهم أسماء فيهم كان يا ما كان والأستاذ الفكي عبد الرحمن وقد جلب صوصل كثيرا من الأشياء ليضيف بعدا جماليا لسنوغرافيا ومنها اللمبة التي لا تضيء وكأنه يشير لرحيل الفنان عبد المنعم حبشي وأسماء من المؤسسين للحركة المسرحية في السودان منهم الرائد الشيخ الطيب السراج وأبو العباس محمد طاهر وفي السنوغرافيا راديو لا يعمل وكأن صوت الفنان عبد العزيز العميري مازال عالقاً بالذاكرة فصوصل حضور مع الفنان الكوميدي الفاضل سعيد «بت قضيم» وأسماء من شكلوا وعينا المسرحي ومن حملوا لواء المسرح للتنوير وللتثقيف عثمان حميدة «تور الجر» ومحمد سراج «أبو قبورة» وسليمان حسين «جحا» ومحمود الصباغ «الجد شعبان»، انهم مشاعل اضاءت لحركتنا المسرحية وشخوص جسدوا واقعنا المسرحي وشدوا بأجمل الكلام على خشبة المسرح وعالجوا قضايا الأمة السودانية ويبرق منهم شعراء ومؤلفون كابراهيم العبادي وخالد أبو الروس ومسرحيات في ذاكرة الأمة السودانية كخراب سوبا والمك نمر، وقد انفعل رواد بيت المسرحيين من الممثلين مع ابداعات صوصل وبروف أنور وانها لدعوة للتواصل بين الأجيال ومعرفة الأجيال الجديدة من رسموا مسار البدايات واقتحموا المستحيل كأحمد عثمان عيسى ومحمد عثمان المصري والحميدي والنوحي والحوري وفرق جماعات كأضواء المسرح وتدلت الخيوط البيضاء واللامعة من السنوغرافيا وكأنها اضاءة لامعة لتاريخ لامع لعوض صديق وفاروق سليمان وحسن عبد المجيد وعيسى تيراب وحياة حسين ومجدي النور وصوصل بحسه الفني رسم مساحات للتواصل في شكل لوحة جمالية، وكأن من رسمها هو اسماعيل مساعد «أبو السباع» والذي كان يرسم ديكور ولوحات المسرح القومي، وهنالك عصفورة في شكل عروسة وهي اشارات ومعانٍ لحضور الفنان محمد رضا حسين في المشهد المسرحي السوداني وتحديداً مسرح العرائس وبرغم جوابات الرحيل لكنها كانت جوابات فرح من يوسف خليل فاللوحة مزينة بأسماء كانت ومازالت أسماء في تاريخ الحركة المسرحية السودانية: بدر الدين هاشم وعبد العزيز عبد اللطيف وعمر الطيب الدوش وعبد الله عطا الفضيل وعمار النورابي ونعمات هرون وفائزة موسى ومريم موسى وفائزة حسن وأحمد عاطف وفتحي بركية «السميح» وتاريخ المجد للدراما السودانية جسده صوصل في حراكه وتشكيل الأشياء من صحون مكسرة ولمبات لا تضيء وخيوط وزجاجات فارغة ورمل وتراب، بل جلب حنضل في اشارة إلى أن الرحيل مرير ولكنه أنعش ذاكرة الوسط المسرحي ودعا للتواصل مع أسر الراحلين في اشارة ذكية من صوصل لأن واقعنا المسرحي يحتم علينا الاسترشاد بمن سبقونا. صوصل فنان مبدع يتواصل في مشروعه المسرحي مع الآخرين. يجعل الزمان والمكان والشخوص حاضرين في لحظة ابداعية وله اسهام فاعل في حراك بيت المسرحيين والذي هو أحد نجومه، كما انه نجم في مسرح الرجل الواحد وقد يستشف البعض عندما يربط بين تفاصيل السنوغرافيا في إنه يبكي الراحلين كما انه يبكي واقع مسرحه الذي ينشد أن يتحقق ولكنه غاب وحضر الحنضل..