إذا كسب المرتزقة الفاشر يعني ذلك وضع حجر أساس دولة العطاوة    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة السودانية أنموذجاً
رابطة الأديبات السودانيات .. الأدب النسائي
نشر في الصحافة يوم 06 - 04 - 2010

نظمت رابطة الاديبات السودانية ضمن اماسيها الثقافية امسية حول الادب النسائي. قدم الورقة الاساسية الكاتب الفاتح ميكا بعنوان الادب النسائي: المرأة السودانية انموذجا.. ادارت الامسية الشاعرة احسان عباس.. ابتدر الحديث الفاتح قائلا:
هل هناك أدب نسائي وأدب رجالي...؟! ما زال هذا السؤال يثير الجدل بين المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي، ويطرح نفسه بقوة على مائدة الثقافة في مختلف انحاء العالم، فالمرأة بصفة عامة وبرغم ما حققته من إنجازات في كافة الاصعدة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في شتى انحاء العالم، ما زالت تناضل وتجاهد في الخروج من عباءة الرجل، لتصبح كيانا مستقلا لا يقل مكانة عنه ولا يقلل من شأنه ولا يمس كرامته الذكورية، وفي كثير من البلدان تعيش المرأة اوضاعا مذرية من التخلف والقهر والفقر والعنف الجسدي «وإذا نظرنا الى اتفاقية سيداو نجد العديد من النساء في شتى بقاع العالم يتعرضن للظلم والعنف والاغتصاب، وكان لا بد من وضع قانون لحمايتهن، وبرغم التشدق بالحضارة والمساواة والحرية، نجد بعض المجتمعات ما زالت تنظر للمرأة من نافذة واحدة مظلمة «نافذة جلب العار»!! كما قال نزار قباني في أحد حواراته «نحن مجتمع خائف من جسد المرأة.. ولذلك نتآمر عليه ونحاكمه وندينه ونحكم عليه غيابيا بالإعدام». وقال أيضا «ان ربط الأنوثة بالعيب والعار جعلنا مجتمعا محروما من الطمأنينة ينام والسكين تحت وسادته»..!! فهذه النظرة التشاؤمية أعاقت كثيرا حركة تحرر المرأة، وكانت السبب الأساسي في تأخيرها عن الركب الحضاري والثقافي، وجعلت مشكلة الامية تتفاقم، كما تشير الاحصائيات بأن هناك «41» مليون امرأة أمية في العالم، وتتفاوت الأوضاع من بلد إلى آخر، علماً بأن المجتمع لا يستطيع النهوض والتحليق إلى فضاءات المعرفة والثقافة إلا بجناحيه المرأة والرجل. المرأة التي كرمها الله ورسوله اطلق عليها نصف المجتمع. و«ينبغي ألا ننسى حقيقة راسخة لا تقبل الجدل، أن الرجل بكل جبروته وقوته يخرج من المرأة».. فالحديث عن الادب الانساني او الكتابة الانثوية لا يكون بمعزل عن تاريخ النشأة والتكوين وما صاحب هذا التاريخ من معوقات لعبت فيها الموروثات والتقاليد السالبة دورا، ولعبت فيه سطوة الرجل ومميزاته البيولوجية دوراً كذلك، اضافة الى ان المجتمع يدفع المرأة لتمارس دورها في نطاق تكوين الاسرة، ولهذا تجيء الكتابة النسوية محاولة للتحرر من قيد الأسلاك الشائكة غير المبرر، واختراق سلسلة الممنوعات والإشارات الحمراء الوهمية والخروج من شرنقة العبودية والوصايا الذكورية، لتعبر هي عن نفسها باعتبارها جزءا اساسيا وضروريا وحيويا في نسيج المجتمع والعلاقات الانسانية.
وعن الحراك الاجتماعي فإن دورها فيه فعال ومشارك. ولقد اثبتت كثير من النساء وبجدارة ومهارة ووقار أنهن قادرات على التعبير عن مشاعرهن وعلى رصد الفعل الانساني، وحققن في هذا الإطار نجاحا كبيرا، ومن هنا ينبعث السؤال الحارق لماذا يتم في كثير من الأحيان إقصاء كتابات المرأة من المشهد الثقافي الذكوري؟
ولماذا ينطلق الرجل وتكون المرأة عالقة الاشارة..؟! ام ان الموروث القهري والبيولوجي يقف حجر عثرة ويسد مجرى الإبداع أمامها..؟! وتجول بخاطري في هذه اللحظة كلمات الكاتبة الفرنسية الشهيرة «فرانسواز ساغان» عندما طُرح عليها سؤال عن سطوة الرجل.. فقالت «يجب أن أكون ضعيفة لكي اكون امرأة، هذه القناعة التي توصلت إليها بعد السباحة طويلا في ذلك الحوض الذي لا يوجد فيه سوى الرجال..! فالمرأة مرفوضة في كل مكان...! احيانا عليها ان ترتدي معطف السلحفاة واحيانا معطف الفراشة» ولكنها بعد فترة تخلصت من الضعف والانثوية.. وقالت «كان الزمن رجلا في حياتي ثم اصبح الزمن زمنا ولم تعد لدي مشكلة».
وتتداعى الخواطر في ذاكرتي في ذات الاتجاه، ففي شتاء منتصف السبعينيات كنت في مهمة صحفية بلبنان، والتقيت بالكاتبة السورية «غادة السمَّان» التي تكتب منذ الستينيات بإنسانيتها لا بأنوثتها. واجريت معها حوارا مطولا نشر بجريدة «الأيام» عام 1976م، وأوردته في كتابها «القبيلة تستجوب القتيلة» وقالت لي ساخرة الصدفة البيولوجية جعلتني أنثى! هل أحاكم لذلك؟! ويتم استجوابي ؟! كما قالت «قلمي لا يفرز هرمونات مؤنثة فقط، واذا كنت قد كتبت مرات عن حرية المرأة، فما ذلك إلا جزء من دفاعي عن حرية الفرد العربي ذكرا أو أنثى» وفي حديث آخر قالت «لم أعان من كوني أنثى - لقد عانيت من أمة تعاني، ولكنني تألمت كثيراً لنساء عانين لمجرد كونهن نساء في مجتمع يعتبر تاء التأنيث نوعاً من الرق..!!».
وعودة مرة أخرى للسؤال المطروح في مقدمة الورقة عن الأدب النسائي الذي أُثير في العديد من منابر دول العالم الثقافية، فمثلا في باريس أُثير موضوع الكتابة النسوية بصورة مكثفة وفاعلة، وكان ذلك في عامي «1975 - 1976م»، وتم بموجبه تأسيس «دار الكلمة» التي فتحت ابوابها للابداع النسائي للمرأة واتاحت لها فرصة حقها كاملة في النشر، جنبا الى جنب مع الرجل، طالما لا توجد كتابة انثوية تختلف عن الكتابة الذكورية من ناحية المضمون والشكل. «وكانت فرصة لظهور كاتبات عربيات كثيرات». وكما قال «فرويد» «الكتابة تعبير عن اللا وعي وعن الذات الداخلية». وفي تقديري المتواضع بأن الرجل مهما بلغ من امكانات ثقافية ومعرفية وتكنيكية لا يستطيع التعبير عن خلجات امرأة في حالة فرح او حزن اكثر منها. وتكفي لحظة مخاض واحدة يقف امامها الرجل عاجزا عن الاحاطة بكل ألمها وفزعها وفرحها، وهناك فرق واسع وشاسع بين معايشة مراحل الألم والكتابة من ذلك العمق والكتابة من مقاعد المتفرجين، ولا انفي قدرة بعض الكتاب الفائقة في التعبير عن مشاعر المرأة، ولكنها اشبه بالترجمة عن الأصل..! قد تكون ترجمة بالغة الروعة والدقة وتحمل كل مقومات العمل الفني المدهش، ولكنها تظل ترجمة..! تماما مثل الصورة الفوتوغرافية التي تكاد تنطق وهي تجسد المشهد، ولكنها ايضا تظل صورة..؟!
وفي المغرب أنشأت القاصة المغربية «خناثة بنونة» مجلة «شروق» للإسهام في حركة نهوض المرأة المغربية، وأتاحت الفرصة لها في التعبير وممارسة حقها الطبيعي في الكتابة، ولعبت خناثة دوراً مهما في نفض الغبار عن جسد المرأة المغربية والحركة الثقافية، وهي «تتهم الرجل بأنه يعيش شبحي تخلفه الحضاري والاجتماعي، مما يزيد في إحباط المرأة ويحد من كتاباتها، وهو المحور الذي يمثل غالبية كتاباتها».
وتتواصل حملة الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها في التعبير، ففي عام 2000م، منحت مؤسسة ابن رشد للفكر جائزتها للمناضلة الفلسطينية «عصام عبد الهادي» تقديرا لكفاحها من أجل حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل وحقها في التعبير، وهي رئيسة اتحاد المرأة الفلسطينية منذ تأسيسه عام 1965م، وانتخبت عام 1948م، أمينة سر الجمعية للاتحاد النسائي العربي في نابلس، وتم إبعادها عام 1969م، وقالت في ذلك «إن تحرير المرأة العربية من القيود الاجتماعية ومساواتها مع الرجل ليس من مسؤولية النساء وحدهن، بل هما بالقدر نفسه من مسؤوليات الرجل العربي الذي يجب أن يتحرر من التقاليد الرجعية والموروثة التي تجعله يمارس الاستبداد بالمرأة والتحكم في مصيرها وحريتها، لكي يجعل من نفسه أباً كان أو أخاً أو زوجاً أو ابناً وصياً عليها ورقيبا على تفكيرها»، ووضع المعوقات امام الكتابة النسائية ليس في الدولة العربية والافريقية وحدها حتى في اوربا نجد بعض العنت برغم ما حققته المرأة في الكثير من الحريات قياسا ببعض الدول العربية ففي فرنسا دولة الثقافة والحضارة نجد هناك دعوة داوية للمطالبة بحقوق المرأة الثقافية. وجاء ذلك على لسان «مارغريت دورا» وهي كاتبة فرنسية شهيرة نالت العديد من الجوائز واستطاعت ان تحقق سمعة ادبية ممتازة بين النقاد، كتبت ست عشرة رواية وثلاث مسرحيات وستة سيناريوهات انها ترى «ان القوى التي يجب اسقاطها الآن تشمل سيادة الرجل باعتبارها تلحق ضررا مميتا بالمرأة من حيث سيطرته الفكرية والشعورية والابتكارية وايضا ضغوطه الاقتصادية والسياسية على المرأة، ما تحاوله مارغيت هو تحطيم علم الاخلاق الذكوري.. ولم تعد فخورة بما قاله النقاد إنها تكتب كرجل، فهي ترى ان هذه سمة يجب ان تتبرأ منها وقالت «الادب الانثوي ادب معبر قائم بذاته، ينبع من طبيعة المرأة العضوية وينقل عن الحياة الغامضة المبهمة التي عاشتها المرأة . فإنها تعبر عن الظلام الذي يغلق حياتها...!
بالتأكيد لا يمكن حصر نشاط المرأة الثقافي في مختلف انحاء العالم والمدافعين عن حقوقها وعن التعبير عن مكونات نفسها وانما هي مجرد اشارات للظروف التي زامنت الكتابة النسائية، ودعاة الدفاع عن الحركة النسائية لا يمكن حصرهم حتى من الرجال الذين اشادوا بكتاباتها ودورها المهم في ترقيه المجتمع لأن رقي المجتمعات يقاس بمدى تحرر المرأة فيه.
وقال البرتو مورافيا في حديث له مع مراسل مجلة النيوزويك الامريكية ونشر قبل سنوات «اعتقد ان دعاة الحركة النسائية على حق وينبغي ان تتاح لهن فرصة للتعبير وأنا اقرأ للنساء اكثر من الرجال».. وأنهن اكثر لطفا ويعملن ، وفي بعض الحالات اكثر ذكاء فلو كان هناك عدد اكبر من النساء في السلطة لكان خطر الحرب أقل».
تناول مورافيا الجانب الرومانسي والعاطفي من المرأة وبنى عليها وجهة نظره.
ونجد كاتبا آخر يشيد بجهود المرأة «كحنا منيا» الكاتب السوري المعروف قال «الرجل في شرقنا العربي ما زال يملك طاقة الفعل فإن المرأة في تأملها مع الرجل تتطلع لأن تكون ذات تأثير في فعله وذات كبرياء وبهاء صادرين عن غناها النفسي الذي يستعيد براءته ومجده في شتى دروب المعرفة ولم يتوقف دعاة الحركة النسائية من التحفيز والتشجيع وبث الوعي المتوازن.ولقد تعرضت العديد من الكاتبات للاتهامات والاقصاء واحيانا السجن من جراء كتاباتهن وعلى سبيل المثال لا الحصر لقد تعرضت الكاتبة النيجرية «كريتسينا» قبل سنوات للسجن والتعذيب لأنها كانت تكتب مقالات في الصحافة ضد النظام وكان ذلك في عام 1995م، وحكم عليها بالسجن مدى الحياة وتعرضت خلال ذلك للقهر والاهانة والعنف وبعد تغيير النظام افرج عنها الجنرال ابوبكر الذي اتى على رأس السلطة مقدما بعض التنازلات بالنسبة الى الديمقراطية، ونالت «كريتسنا أناتاو» البالغة من العمر 48عاما جائزة الاونيسكو العالمية لحرية الصحافة، وجائزة مؤسسة المراسلين دون حدود في فرنسا 1995م، وقالت صارخة عند خروجها من السجن «نريد الديمقراطية وحرية التعبير - انها حربي في المستقبل».
المرأة السودانية ليست بمعزل عن اي امر{ في العالم واذا تحدثنا عن الادب النسائي السوداني لا بد لنا من استحضار الماضي من البيئة التي نشأت فيها عن جذور الوعي النسائي وعن الرائدات الاوائل وعن التعليم ومسيرته والعلاقة بين الماضي والحاضر علاقة تفاعل متبادل وتواصل اجيال وما تجني ثماره المرأة اليوم كان نتيجة عراك طويل مع المجتمع ومفاهيمه الخاطئة تجاه المرأة، وكما قال «نيتشه» «إن عش الحاضر يبنى علي شجرة المستقبل»، ولهذا ينبغي استعراض الملامح التي شكلت الادب النسائي مع ملاحظة قلة وشح المصادر التي تطرقت لهذا المجال، وتشير السيدة حاجة كاشف بدري في حوار لها مع مراسل مجلة الشاهد نشر في عام 1988م، «بأن هناك مرحلة ما يقارب الثلاثمائة سنة كانت المرأة السودانية مضطهدة ومستقلة على كافة الاصعدة وذلك اثناء حكم سلاطين الفونج «1500 - 1821» وفي اعقاب الحرب العالمية الاولى بدأت المرأة السودانية تحرز تقدما ملحوظا.
واذا نظرنا للتاريخ عبر الازمنة المختلفة نجد المرأة السودانية برغم معاناتها وضمور الحركة التعليمية التي لا تتناسب مع تعليم الرجل - بل نظرة الرجل نفسه إليها، نجد بعض النسوة كان لهن وجود في النسيج الاجتماعي ومواقف سجلها لهن التاريخ.
ولقد ورد في طبقات ود ضيف الله ان هنا نساء متعلمات برزن في المجتمع منذ عصر الفونج، كعائشة بنت ولد قدال وفاطمة اولاد جابر وفي فترة الحكم التركي المصري نجد بعض النساء الخيرات اللاتي كان هاجسهن تعليم المرأة ، كأمونة بمديرية دنقلا التي كانت تقوم بإقراء القرآن وتدير خلوتين احداهما للاولاد والاخرى للبنات. وحتى في الجنوب فقد ارتقت المرأة الدينكاوية في مجتمعها حتى تقلدت منصب الزعامة «كالملكة شوك» ولعبت دورا مهما في حياة الدينكا كان زوجها من عامة الشعب ورفعته الى مرتبة امير..
وتشير الدكتورة فاطمة عبدالمحمود في كتابها القيم «المرأة السودانية وارض البطولات» والذي سردت فيه مسيرة الجمعيات النسائية، تشير الى شاعرات لعبن دورا واضحا في الحركة الثقافية كأم كلتوم بنت البجا» من قبيلة التعايشة - ومشاهي بت علي واشتهرت في مجال المناحة والهجاء «1895 - ومسك اليمن هي شاعرة مشهورة كانت تسمى الباشا 1856 - وفاطمة مضوي وبت مسيمس «إحدى شاعرات الحروب المهدية» ومهيرة بت عبود «من قبائل شمال السودان لعبت دورا كبيرا في عهد الفتح التركي» وغيرهن كثيرات، هذا يؤكد على نضال المرأة السودانية، وفي ذات الوقت كان دور الجمعيات النسائية التي تطالب بحرية المرأة وتعليمها يتنامى في مختلف انحاء السودان وكان للشيخ بابكر دور مهم في تعليم المرأة، وافتتح اول مدرسة لتعليم البنات في عام 1907م، على نفقته الخاصة ثم توالى التعليم النظامي بعد انتفاضة النساء وحقهن في التعليم. وتقرر بناء اول مدرسة اولية حكومية للبنات برفاعة عام 1911م، كما فتحت اول مدرسة وسطى للبنات في عام 1938م، بأمدرمان «مدرسة ام درمان الوسطى» وفي عام 1948م، افتتحت مدرسة امدرمان الثانوية . وتجدر الاشارة الى ان اول جمعية نسائية تم تكوينها هي جمعية ترقية المرأة برئاسة السيدة صديقة المهدي، ثم رابطة الفتاة السودانية ثم جمعية نهضة المرأة التي ترأستها رحمة المهدي ثم جمعية نهضة 1981م السودانية برئاسة نعمات الزين وان ذلك كان في الاربعينات، وفي عام 1951م، تم تكوين اول جمعية نسائية بالابيض ترأستها السيدة نفيسة كامل ثم اتحاد نساء السدوان 1970م وقد سبق ذلك رابطة الفتيات المثقفات عام 1947م، ويتكون من زكية مكي عثمان ازرق ، عزيزة مكي ، فاطمة طالب، حاجة كاشف، نفيسة المليك احمد الامين، خالدة زاهر، امال عباس.
«ولابد للاشارة بأن ا ول دولة عربية تنشأ جمعية علمية للدراسات النسائية كانت في السودان وذلك في عام 1975م».
كان لابد من اصطحاب هذا الإرث المجيد للمرأة السودانية وان جاء موجزا برغم تراثه ونحن نتحدث عن الادب النسائي وهناك رائدات كثيرات شكلن الملامح الثقافية لمسيرة المرأة وعلى سبيل المثال لا الحصر - كالرضية آدم وآمنة بنت وهب وآمال سراج وبخيتة امين وآمال عباس. فالشجرة الظليلة المثمرة التي نستظل الآن بظلها كانت نتيجة كفاح طويل ونضال اثبتت فيه المرأة السودانية صلابتها وصمودها ليست ككاتبة فقط وانما في كل مناحي الحياة، فالسودان بلد مترامي الاطراف يمتاز بخصوصية وتفرد وتعدد وتباين في الثقافات الاسلامية والعربية والافريقية بحكم موقعه الاستراتيجي ويكفي ان به 140 لهجة ولغة تصاهرت وتلاحقت واخرجت لنا ادبا متميزا من الجنسين.
ومن وجهة نظري الخاصة ليس هناك ادب ذكوري وادب نسائي بهذه الحدة، والصرامة..! فالادب هو الادب بغض النظر عن كاتبه ذكرا كان ام انثى! ويخضع لتقييمه وفقا للمعايير الفنية المتعارف عليها، ولكل ادب ادواته وشروطه التي تميزه عن الجنس الآخر ولكل كاتب ثقافته وبصمته بحجم اطلاعه وتجربته واستيعابه للواقع وهضمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.