مازال أمر التلفزيون (محيراً) ومازال مسار في نفس المسار ومازال حال الاعلام مائلاً! أعتقد أن المشكلة التي سوف تواجه المسؤولين في الفترة القادمة هي كيفية اقناع المرشحين لادارة التلفزيون قبول هذا المنصب المحفوف بالأشواك وقد نما إلى علمي أن الجنرال حسن فضل المولى اعتذر عن تولي هذا المنصب لأسباب موضوعية فكيف لرجل نهض بقناة النيل الأزرق من عثرتها أن يقبل أن يلقي بنفسه في (يم التلفزيون) . حسن فضل المولى فعلها من قبل وجاء للتلفزيون في ظرف بالغ الحساسية واستطاع أن يرتفع بتريمومتر الأداء البرامجي عندما كان مديراً للبرامج فكيف يقبل الآن المنصب والتلفزيون تحيط به الديون من كل جانب وتهدده آفة ضعف المشاهدة!! وفي داخله صراعات عميقة بين الادارة والعاملين صراعات لم تنته بذهاب بدر الدين (شيكان)!! حسن فضل المولى كان الخيار الأفضل من واقع تجربة الرجل البرامجية والادارية وأكثر ميزة في فضل المولى أنه يؤمن بأن (نصف رأيك عند أخيك) وليس متعصباً ولا متحجراً ولكن للأسف أصبح فضل المولى خارج الخيارات لأنه في آخر المعلومات التي توفرت لدي أنه أوصل اعتذاره لجهات عليا وقد تم تفهم وجهة نظره وبالتالي استبعد عن خيار الترشيحات. ثاني المرشحين هو كرار التهامي الأمين العام لجهاز المغتربين وهو من الذين أبدوا حماساً في البداية بقبول المنصب البراق وكرار يحتفظ بحب للاعلام داخله منذ أن كان في السعودية ولكن مقربين من كرار عالمين ببواطن الأمور الاعلامية نصحوه بالفرار من الاعلام لأن الوضع طارد وسوف يدخله في دوامة الفشل وقالوا له أنت لا تملك (عصا موسى) لاصلاح الخلل في التلفزيون وهذا ما يفسر التصريح الذكي الذي صرح به كرار التهامي بأنه لا يقبل بمنصب مدير التلفزيون إلا إذا كانت معاه النيل الأزرق! بابكر حنين مقدم البرامج الألمعي يراوده الحنين للتلفزيون وهو لا يقيس الأمور بميزان المشكلات الادارية والديون ولهذا كان يمني النفس بالعودة للتلفزيون ولكن اخفاقات حنين الادارية في قناة النيل الأزرق وقناة الخرطوم الدولية لم تجعله خياراً مناسباً فعاد من جديد لعمله كملحق اعلامي في القاهرة. عبد الماجد هارون إعلامي مثابر يتمتع بقبول كبير في دوائر مراكز القرار وفي الآونة الأخيرة أصبح له شعبية كبيرة وسط العاملين بالتلفزيون لانحيازه لقضاياهم ومطالبهم ولكن الحملة الشعواء التي قادها جناح في التلفزيون يختلف مع عبد الماجد ويساند شخصا آخر يرى في نفسه المدير المرتقب للتلفزيون يبدو أن هذه الحملة أثرت كثيراً على عبد الماجد هارون وجعل سهمه يتراجع خاصة وأن الحملة أحيكت بخبث شديد وشككت في مؤهلات عبد الماجد الأكاديمية. السؤال الذي ظل يؤرق الحادبين على مصلحة التلفزيون أن الانقاذ منذ أيامها الأولى والتحولات السياسية التي مرت بها منذ أيام التمكين إلى الولاية الثانية ظلت تسلط الأضواء على أشخاص معينين وتوليهم على أمر التلفزيون مع أن لكل (زمان رجاله) ولكن منصب مدير التلفزيون ظل لرجل لكل العصور!! التحولات السياسية التي يمر بها العالم العربي تحتاج إلى رؤية جديدة لادارة الاعلام والظرف السياسي والموضوعي يستدعي تقديم وجوه شبابية جديدة في الملف الاعلامي خاصة وان خصوم الانقاذ يشككون في كوادرها الاعلامية ويقولون ان الحلقة الأضعف هي الكوادر الاعلامية! الدكتور بدر الدين ابراهيم تولى منصب أمين أمانة الاعلام بالمؤتمر الوطني وهو أكاديمي معروف وله صولات وجولات في الحيشان ويعرف دهاليزها والمطلوب منه صياغة رؤية جديدة لاصلاح الخلل الاعلامي الذي أصبح يحيط بالاذاعة والتلفزيون كالسوار في المعصم. منصب مدير التلفزيون لم يصبح مغرياً كالسابق وهذا هو السبب الأساسي للتأخير في اختيار المدير الجديد ولا أحد يتقبل هذا الوضع إلا إذا وجد ضمانات بحل الديون وأشياء أخرى. نحن لسنا طلاب انتصارات شخصية ونستمتع بالانتصار لوجهة نظرنا ولكن واقع الحال والمسؤولية الوطنية تستلزم تغييراً جذرياً في الاذاعة والتلفزيون حتى ولو كانت النظرية التي تشتغل بها الادارة حالياً هي نظرية الأراضي المحروقة.