بدأت قناة النيل الأزرق شراكة بين الشيخ صالح كامل والهيئة السودانية للاذاعة والتلفزيون، ثم تحولت بعد حل الهيئة الى شراكة بين الشيخ صالح كامل والتلفزيون القومي، وعانت القناة من تعثر مالي كبير لقلة الصرف المالي عليها، والشيخ صالح كامل اكتفى بتوفير الأجهزة والمعينات الفنية فقط وشكلت ميزانية التسيير عبئا ثقيلا على الهيئة، اما الاعلانات فكانت محدودة جداً مع تشفير القناة ودخولها ضمن باقة (art) ورغم نجاح القناة برامجياً إلا أنها كانت مواجهة بإشكالات ادارية ومالية مع تراكم الديون والعجز عن توفير ميزانية التسيير، وفي وضع بالغ التعقيد مثل ذلك قبل الاستاذ حسن فضل المولى بالتكليف وتقلد منصب المدير العام، بعد أن انتهت فترة عمله كملحق إعلامي بالقاهرة واستطاع بفضل خبرته الاعلامية السابقة التي اكتسبها إبان فترة عمله في التلفزيون القومي كمدير للبرامج استطاع أن يحقق نقلة نوعية بالقناة في المنهج الإداري والبرامجي، وتم حل ديون القناة المتراكمة لسنوات وطبق فضل المولى الذي تلقبه الصحافة الفنية (بالجنرال) خطة انقاذ عاجلة اعادت ترميم المشهد الاداري وتم استقطاب العديد من الشركات والمؤسسات، دعمت القناة بالاعلان بفضل علاقات حسن الواسعة بعدد من رجال الاعمال.. ومعروف عن حسن فضل المولى أنه كادر اسلامي معتدل لم يعرف عنه الغلو والتطرف في الرأي وهذا الشيء انعكس على القناة التي أصبحت قناة معتدلة المزاج وقدمت للحكومة خدمات جليلة، خاصة في فترة الانتخابات حيث تم بث الخطابات السياسية للسيد رئيس الجمهورية ومرشحي المؤتمر الوطني على الهواء مباشرة، وتم بث خطابات المرشحين الآخرين مما أشاع جوا من الاعتدال السياسي وساهم في خروج الانتخابات في جو سلمي، وحققت قناة النيل الازرق نسب مشاهدة عالية بفضل جاذبية برامجها وتميزها بعنصر الابهار وتقديم أفكار برامجية خلاقة، وميزت مدير قناة النيل الازرق مرونته في قيادة القناة مع الطاقم البرامجي الذي يقوده الاستاذ الشفيع عبد العزيز مدير البرامج بالقناة والاستاذ عمر اسماعيل مدير التنفيذ والكوادر الشبابية من المخرجين امثال لؤي بابكر صديق ومجدي عوض صديق وماهر عبد الرحيم وعادل الياس وايمن بخيت وغيرهم،ومع الاستقرار الاداري والبرامجي فوجئ الوسط الاعلامي بالخبر الذي انفردت به الصحافة باستقالة الاستاذ حسن فضل المولى وقدمت صحيفة فنون متابعة صحفية متميزة للخبر مع رئيس تحريرها الاستاذ هيثم كابو، والكاتب والصحفي الألمعي الاستاذ أمير عبد الماجد والسوأل الذي يطرح نفسه لماذا استقال حسن فضل المولى وهو يقول لصحيفة فنون انه لا يريد الخوض في اسباب الاستقالة، ويريد ان يتم الأمر بهدوء.. وهذا من عادة حسن الذي ظل يحتفظ بعلاقات انسانية مع كثير من الصحافيين، ولكنه يعتذر عن أية احاديث صحفية او مجرد تصريحات. وأنا شخصيا اختلف مع حسن في ذلك واقول انه قد ظلم نفسه وهو لم يوضح الجهد الجبار الذي بذله حتى استقرت القناة. المعلومات التي تتوفر لي من خلف الكواليس، تقول ان حسن قدم استقالته نتيجة لتدخلات في عمل القناة وبعض الاصوات المتزمتة ترى أن جرعة الغناء في النيل الازرق كبيرة، واعتقد ان ذلك قول مردود لأن القناة تقدم الغناء السوداني الاصيل الشيء الذي أصبح ملجأً لبعض الشباب الذين كانوا يتابعون بعض الفضائيات التي تقدم العري والاثارة وبرنامج واحد تقدمه القناة مثل (أغاني وأغاني) أعاد تقديم الأغنية السودانية الأصيلة واستقطب ملايين المشاهدين، ووجد البرنامج اشادة السيد رئيس الجمهورية. والسبب الثاني الذي يدفع حسن فضل المولى لتقديم استقالته هو الاحراج الذي وجده مع توجيهات الاستاذ محمد حاتم سليمان بأن تدفع القناة مبالغ كبيرة لمؤتمر اذاعات الدول العربية الذي نظم اخيرا بالخرطوم، وقد حملت القناة فوق طاقتها وصبر حسن فضل المولى ومن ميزات شخصيته انه رجل وفاقي ولا يحب الدخول في صراعات او مواجهات مع القيادات الادارية، ولهذا هو يؤثر الانسحاب من المشهد. ان حسن فضل المولى تعامل مع قناة النيل الازرق بمسؤولية ووطنية واخلاص وهو يحول قناة النيل الازرق الى شعلة من الحركة والنشاط رغم قلة الامكانيات وكل هذا الابداع من النيل الازرق يتم باستديو بث واحد فقط وعدد قليل من الكاميرات مقابل ثلاثة مليارات وسبعمائة ألف هي ميزانية التلفزيون القومي، وعدد من الاستديوهات واسطول من العربات. يجب اقناع حسن فضل المولى بالعدول عن قرار الاستقالة ولكن حتى لا نحمله ما لا طاقة له به يجب ازالة الاسباب التي تدفعه للاستقالة، وأهمها التدخلات السياسية وابعاد الذين وصفهم العقاد (الذين لا يعملون ويحزنهم أن يعمل الآخرون).