جاء فى الأخبار «الصحافة 8 أبريل» أن الشيخ صالح كامل رئيس غرفة تجارة جدة، كشف النقاب عن موافقة الحكومة السودانية على منح السعودية منطقة حرة لاستزراع مساحة 2 مليون فدان. وان الاجتماع بين الجانبين تم بحضور المستشار مصطفى عثمان، وأن المنطقة الحرة لا تخضع لاية شروط. واوضح الشيخ صالح كامل ان المزارع ستكون ملكية سعودية ولن تعيقها أية عوائق من القوانين السودانية، ولا تترتب على ذلك رسوم او ضرائب... الخ. ولا بد اولا من التأكيد أن كل السودانيين يرغبون ويتطلعون للاستثمار السعودى خاصة والعربى عامة، ويعلمون فوائد ذلك ومردوده على الشعبين الشقيقين.. وقد سبق أن تنازل السودان عن عدد من الاميال البحرية فى البحر الاحمر لصالح النشاط التعدينى السعودى فى مناطق غنية بالمعادن وبها مؤشرات لوجود الغاز والبترول بكميات كبيرة، وهذا الخبر لم يتم تأكيده أو نفيه من اى مسؤول سودانى مما يجعلنا نرجح انه صحيح ، وتؤكد صحته معرفتنا بالاشقاء السعوديين وانه لم يعرف عنهم تغولهم من قبل على احد. فكيف يمر خبر بهذا الحجم والوزن دون تأكيد أو نفى او حتى تعليق من اى مسؤول بالدولة او الحزب. واذا كان الخبر صحيحاً والراجح انه كذلك وقبل أن نتساءل عن المقابل، حيث انه بالتأكيد هناك مقابل، وقبل ان نعرف حجمه وشكله وكيفه.. نقول ان هذا القرار مخالف لقانون الاستثمار وللدستور ولكل القوانين ذات الصلة.. ولم نسمع من قبل بحكومة فعلت مثل هذه الفعلة.. وقبلها منحت حكومتنا اراضى شاسعة للاشقاء المصريين والاردنيين، ومنحت اقطاعية «مليون فدان» لحزب الوفد المصرى، وكل ذلك تم بتجاوز صريح لقانون الاستثمار والدستور الانتقالى. ودون عمل أية اتفاقيات تنظم هذه المنح، ولم يتقدم الطرف الآخر بأية دراسات او تحديد حجم المال المستثمر او الفترة الزمنية المطلوبة لقيام هذه المشروعات، حيث جاء فى الفقرة «2» المادة «8» من قانون الاستثمار لسنة 99م وتعديلاته اللاحقة «لا يجوز التمييز بين المشروعات المتماثلة في ما يتعلق بمنح الميزات والضمانات»، وخالف الفقرة «2» من المادة «20» حيث «لا يجوز منح الترخيص لاى مشروع او منحه أية ميزات او ضمانات الا بعد تقديم دراسة جدوى فنية واقتصادية للمشروع»، والفقرة «ه» من المادة «33» التي تقول: «لا يمنح مشروع قبل تحديد رسوم الخدمات». وهذه سابقة خطيرة تهدد ثروات واراضى الشعب السودانى، فهى إما أن تكون بورا أو ملكية حرة، ولن يقبل اى مستثمر بعد الآن الا الملكية الحرة. وهى تخالف الدستور الانتقالى لسنة 2005م، واختصاصات المجلس الوطنى، حيث تنص المادة 91 الفقرة 3/ د على أن المجلس الوطنى يصادق على المعاهدات والاتفاقات الدولية، وفى الفقرة «و» هو الذى يصدر القرارات بشأن المسائل العامة. ومن المؤكد أن هنالك سلبيات كثيرة فى قانون الاستثمار وفساد وعرقلة للاستثمار، وجاء فى صحيفة «التيار» 1/4/2012 «اتهم رجل اعمال سعودى حكام ولايات السودان بعرقلة عمل المستثمرين السعوديين، وتسلم اموالاً خارج الرسوم المعروفة مقابل منح ميزات تقضيلية. واوردت صحيفة «الشرق الاوسط» السعودية تصريحات رئيس اللجنة الوطنية السعودية، المهندس عيد المعارك، كشف فيها عن تعرض المستثمرين السعوديين فى السودان الى مضايقات فى مواقع الاستثمار الزراعي، مشيرا الى ان هناك مواقف لا تشجع على الاستثمار، نظرا لما يعانيه المستثمرون من مشكلات مستمرة مع حكام الولايات فى السودان، اضافة الى غياب دور الحكومة المركزية فى فرض النظام، وأوضح المعارك أن حكام الولايات يفرضون على المستثمرين السعوديين رسوماً معينة يتحصل عليها والى الاقليم نفسه مقابل تقديم خدمات مميزة للمستثمر تتمثل فى منحه موقعاً مميزاً قريباً من مصادر المياه ومتوفرة به الخدمات الضرورية، مبيناً أن من لديه علاقة بالوالي من المستثمرين فإن استثماراته تسير بشكل طبيعي ولا يواجه مشكلة، فى حين من يمتنع عن دفع هذه الرسوم فإنه يواجه مضايقات تهدد استثماره. وكان المأمول أن تقوم حكومتنا بالتحقيق فى هذا الإدعاء بالفساد وفرض الاتاوات، او نفى وانكار هذه الفضيحة. وكان مطلوباً ايضاً أن تقوم الحكومة بتعديل القوانين بما يجعل الاستثمار جاذباً وقريباً من عين الحكومة المركزية، كأن يكون الاستثمار الاجنبي شأناً قومياً. ونحن مواطني جمهورية السودان لم نفوض هذه الحكومة لتوزيع اراضى السودان بما يخالف القانون والدستور.. أراضى الولاية الشمالية محجوزة بالقرار 206، والشرق للاشقاء السعوديين والفشقة وفدادين كرم الله للأشقاء الإثيوبيين والجزيرة للاشقاء المصريين، وبقية ولايات البلاد من دارفور الكبرى وجنوب كردفان والنيل الازرق تدور فيها الحرب ولا استقرار فيها، فماذا تبقى؟!