قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفث: قتل عمال الإغاثة أمرا غير معقول    عثمان ميرغني يكتب: معركة خطرة وشيكة في السودان    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة "محمد عبدالفتاح البرهان"    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة "محمد" عبدالفتاح البرهان في تركيا    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد وتقدم وصلة رقص مثيرة خلال حفل خاص بالسعودية على أنغام (دقستي ليه يا بليدة)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. (فضحتونا مع المصريين).. رجل سوداني يتعرض لسخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره داخل ركشة "توك توك" بمصر وهو يقلد نباح الكلاب    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة المؤامرة حول المولد... تعقيب (22)
نشر في الصحافة يوم 14 - 04 - 2012

(8) إن السواد الأعظم من المسلمين يؤمنون بأن أرواح الأموات حية وعالم الأرواح هو عالم معقد قد ألف فيه أبن القيم كتاب أسمه الروح أثبت فيه أن الأرواح حية وتتحرك وتتفاعل مع الأحياء قال تعالي : (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ) وقال : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) . وفي كتب السيرة المتفق عليها أنه حضر ولادة رسول الله صلي عليه وسلم آسيا بنت مزاحم ومريم بنت عمران وأمنا حواء وبعض الحور العين وساعدوا أمه في الولادة رغم إنهم أموات. ثم إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد صلي بالأنبياء في بيت المقدس . وعلي العموم فإن الله هو الذي يكرم الحي والميت وهو علي كل شئ قدير ، والقول بأن الله يكرم الميت بكرامات ليس كفر كما يدعي التكفيريون وإنما هو جائز . ( في قصة الإسراء والمعراج ) وعندما عُرج به صلي الله عليه وسلم رأي أناس يعذبون وإتضح أنهم أناس من أمته لم يولدوا بعد ، أي أنه أخذ إلي المستقبل ، وقد أثبت العلم الحديث إمكانية حدوث ذلك وفق نظرية النسبية ، وذلك أساس أفلام الخيال العلمي التي يسافر فيها الناس عبر الزمان وقد قال التكفيريون إن ذلك كفر لإستحالته ؟؟؟ علماً بأن الله علي كل شئ قدير ولا يسحيل عليه شئ .
(9) إن لله آيات ظاهرة منها الشمس والنجوم ومنها آيات باطنة مثل معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء والبعث والنشور وهي غير ظاهرة لذوي العقول الصغيرة والإيمان الضعيف الذين لهم قلوب لا يفقهون بها وآذان لا يسمعون بها وأعين لا يبصرون بها وهي ظاهرة واضحة لأهل التقوى والإيمان وهي آيات يخلقها الله ويكرم بها الأنبياء والصالحين وغيرهم وتسمي كرامات ، ومعني كرامات هو أن الله يكرم بها العباد . قال تعالي : ((وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ) وقال: (كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) وقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ) وقال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) وقال: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ). وقال: (َمهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) وقال: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) وقال: (لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) .
(10) ولقد كان كفار قريش يؤمنون بآيات الله الظاهرة ويكفرون بالآيات الباطنة والمعجزات والكرامات. والملحدون في زماننا هذا يقولون أن الآيات الظاهرة هي من الكون وليست من عند الله وينكرون الآيات الباطنة ويقولون أنها خرافات لا أصل لها ، ويقولون إن المسلمين يطوفون بالحجارة ويعبدونها ( الكعبة المشرفة ) وأن المسلمين يسعون ويهرولون بين الجبال ويقفون عند جبل وصخرة ( عرفات ) ويبكون ويصيحون حفاة عراة ، ويرمون حجر كبير بحجارة صغيرة ( الجمرات ) ويمرقون جباههم في التراب ويسجدون للأرض ، وذلك جنون وجهل وتخلف ( والعياذ بالله ) . أما التكفيريون فيؤمنون بالآيات الظاهرة وينكرون جزء من المعجزات ( كأستغفار الرسول صلي الله عليه وسلم لنا وصلاته علينا بعد موته وينكرون الإستعانة والإستغاثة والتوسل به بعد موته ) وينكرون جزءاً كبيراً من كرامات الأولياء ويقولون أنها سحر ودجل وكفر وشرك .
(11) يدعي التكفيريون بأن التبرك بالآثار والمخلوقات والأشياء كفر بما في ذلك التبرك بالمسجد النبوي الشريف في حين أن التبرك جائز ومعناه أن يجعل الله فائدة خاصة في الأشياء إكراماً لنبي أوصالح من أمثال ذلك إن طعام من ماله حلال يكون مباركاً وقوله صلي الله عليه وسلم بارك الله في طعامِ كثرت فيه الأيادي وقوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً) فليس البركة في ماء زمزم فقط بل في كل البيت الحرام وكانت البركة في قميص سيدنا يوسف وفي بعض ما ترك آل هارون وموسى في التابوت أفلا تكون في آثار ومسجد أفضل الخلق أجمعين صلي الله عليه وسلم ؟؟؟ وهم يكفّرون من يقول إن المدينة المنورة وكل مافيها والمسجد النبوى مباركاً، قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ - وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) .
سابعاً : الرد علي ما ذكره صاحب المقال والصورة والبازارعلي موقفهم من الصوفية
قسم صاحب المقال والصورة والبازار المتصوفة إلي مجموعات كفر بعضها ، وقال إنهم قبوريون ، لأنهم يعتقدون بأن الله سبحانه وتعالي يكرم بعض الأموات من الصديقين والشهداء بكرامات بعد إنتقالهم وذلك هو أعتقاد معظم أهل الإسلام . كما أن المتصوفة هم أهل السنة والجماعة ( الأصل ) وهم السواد الأعظم من المسلمين وهم متقيدون أكثر من غيرهم بالكتاب والسنة ، والأقوال التي ذكرها عن بعضهم هي مدسوسه عليهم ، وقد أصبحت الكتب تزور ويدس فيها وقد حذف بعضهم رأي إبن تيمية في المتصوفة من كتبه ، وهو قد مدحهم أعظم المدح .
ثامناً : تعريف الصوفية والمتصوفة
(1) قال السراج الطوسي المتوفي عام 378 ه في كتابه اللمع : ( إذا سأل سائل فقال : نسبت أصحاب الحديث إلي الحديث ونسبت الفقهاء إلي الفقه ، فلم قلت الصوفية ولم تنسبهم إلي عمل ولا إلي علم ، ولم تضف إليهم حالاً كما أضفت الزهد إلي الزهاد والعلم إلي العلماء فيقال له : لأن الصوفية لم ينفردوا بنوع من العلم دون نوع ولم يرتسموا بحال دون حال ولا مقام دون مقام ذلك لأنهم معدن جميع العلوم ومحل جميع الأحوال المحمودة والأخلاق الشريفة وهم مع الله علي كل حال ، فلما كانوا في الحقيقة كذلك لمن يكونوا مستحقين اسماً دون أسم لذلك ظهرت نسبتهم إلي ظاهر اللبسة ، لأن لبس الصوف داب الأنبياء عليهم السلام وشعار الأولياء والأصفياء والآثار في هذا الباب كثيرة فلمّا أضفتهم إلي لبس الصوف كان ذلك اسماً مجملاً عاماً مخبر عن جميع العلوم والأعمال والأخلاق الشريفة التي أنطووا عليها .
(2) جاء في كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للحافظ أبي نعيم الأصفهاني المتوفي سنة 430 ه ( وهو من أهم مراجع الحديث النبوى الشريف ) جاء فيه :- إن أسم التصوف أشتق من الصفاء والوفاء أو من أهل الصفة أو من لبس الصوف لأنهم وحدوا الله عز وجل وأكتفوا به عن خلقه ، كاكتفاء البررة الطاهرين من المهاجرين ، ولأنهم أعلام الهدي لعدولهم عن الموبقات وأجتهادهم في القربات وتزودهم من الساعات وتحفظهم للأوقات ، فسالك منهجهم ناج وسالم من الهلكات، فالمتصوف معطوف به إلي الحق مصروف به عن الخلق لا يريد بالله بدلاً ولايبغي عنه حولاً. وقد سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارهم ونقاء آثارهم .
(3) وفي ذات الكتاب قال : جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه أنه من عاش في ظاهر الرسول صلي الله عليه وسلم فهو سني ومن عاش في باطنه فهو صوفي . واراد جعفر بباطن الرسول صلي الله عليه وسلم أخلاقه الطاهرة وأختياره للآخرة . فمن تخلق بأخلاقه وتخير ما أختاره فقد صفا من الكدر ونجا من العكر ومن عدل عن سمته ونهجه وسعي لبطنه وفرجه كان من التصوف خالياً وفي التجاهل ساعياً وعن خطير الأحوال ساهياً . فكيف ينسب إلي التصوف من إذا عورض في حقيقة معرفة الله عز وجل جهلها وخلط فيها ، وإذا طولب بموجب الطاعة فيها تخبط فيها ، وإذا أمتحن بمحنة يجب الصبر عليها جزع وعجز.
(4) وذكر صاحب الحلية أيضاً بأن سادة علماء المتصوفة تكلمت في التصوف وأجابت عن حدوده ومعانيه وأقسامه ومبانيه . فقال الجنيد : التصوف اسم جامع لعشرة معاني : التقلل من كل شئ من الدنيا . والثاني: أعتماد القلب علي الله عز وجل . والثالث: الرغبة في الطاعات . والرابع: الصبر عند فقد الدنيا وعدم المسألة والشكوى . والخامس : التمييز في الأخذ عند وجود الشئ. والسادس : الشغل بالله عز وجل عن سائر الأشغال . والسابع : تفضيل الذكر الخفي علي جميع الأذكار. والثامن : تحقيق الإخلاص من دخول الوسواس . والتاسع : اليقين في دخول الشك. والعاشر : السكون إلي الله عز وجل من الاضطراب والوحشة ..... فإذا أستجمع هذه الخصال استحق الأسم وإلا فهو كاذب..... وقال : يشتمل كلام المتصوفة بعد أحكام كتاب الله وسنة رسوله علي ثلاثة أنواع : فأولها : إشارتهم إلي التوحيد . والثاني : كلامهم في المراد ومراتبه . والثالث : في المريد وأحواله ، ثم لكل نوع من الثلاثة مسائل وفروع يكثر تعددها . فأول أصولهم العرفان ثم أحكام الخدمة والإدمان عليها . وإن للتصوف أركان هى :- معرفة الله تعالي ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله ومعرفة النفوس وشرورها ودواعيها ومعرفة وساوس الشيطان ومكائده ومعرفة الدنيا وغرورها وتعقيداتها ، والابنية هي دوام المجاهدة، وشدة المكابدة، وحفظ الأوقات، ومفارقة الراحات، والتلذذ بالطاعات ، وصيانة ما خصوا به من كرامات. والمتصوفة : رفضوا العوائق ، وجعلوا الهموم هماً واحداً ، وأقتدوا بالمهاجرين والأنصار، وفارقوا العروض والعقار، وأثروا البذل والإيثار، وهربوا بدينهم إلي الجبال والغفار حتي لا يومي إليهم بالأصابع ويشار لما أنسوا به من التحف والأنوار ( خوف الشهرة ) فهم الأتقياء الأقطاب والغرباء النجباء صحت عقيدتهم فسلمت سريرتهم فهم المبادرون إلي الحقيقة من غير تسويف والموفون للطاعات من غير تطفيف لليقينهم تنفلق الصخور وتنفتق البحور. لهم علامات شاهرة وينقاد لموالاتهم العقلاء والصالحون ويغبطهم بمنزلتهم الشهداء ، وأنهم سباق الأمم والقرون وباخلاقهم يمطرون وينصرون . وأنهم نظروا إلي باطن العاجلة فرفضوها وإلي ظاهر بهجتها وزينتها فوضعوها. وهم المشقوفون بالله وبوده والمكلفون بخطابه وعهده . وهم مصابيح الدجى وينابيع الرشد والحجا خصوا بخفي الاختصاص.
(5) وفي ذات الكتاب قال بشر الحافي : الصوفي من صفا قلبه لله. وقال الحسن البصري : التصوف أن يكون قلبك صافياً من كدورة المخالفة. وقال: الصوفي من صفت نفسه من جميع البلايا وغاب عن جميع العطايا. قال ابا بكر الشلبي :- العارف هو الذي عرف الله عز وجل وعرف مراده وعمل بما أمر به وأعرض عما نهي الله عنه ودعا العباد إليه . وقال : الصوفي من صفا قلبه فصفا وسلك طريق المصطفي صلي الله عليه وسلم ورمي الدنيا خلف القفا واذاق الهوى طعم الجفا ، وهو من صفا من الكدر وخلص من العكر وأمتلأ من الفكر وتساوي عنده الذهب والمدر، والتصوف هو التألف والإعراض عن التكلف وتصفية القلوب وتسليمها لعلام الغيوب وتعظيم الله والشفقة علي العباد . وقال السري السقطي : التصوف خلق كريم يخرجه الكريم إلي قوم كرام.
(6) وقد ذكر صاحب الكتاب أكثر من 2000 تعريف للتصوف منها :- إن التصوف هو: إغتنام الوقت و التزام السمت ? و بذل الندى وتحمل الأذى ? و حفظ الوفاء وترك الجفاء والإنكباب علي العمل ، والإعراض عن العلل - و وثوق بالمعبود ، وهو دراية وصدق وسخاوة وخلق . والمتصوفة لا يأنسون إلا بالله ولا يستريحون إلا إليه ، فهم أرباب القلوب المتسورون بصائب فراستهم علي الغيوب ، وسلكوا مسلك الصحابة والتابعين ومن نحا نحوهم ، فهم المتغشفون والمتحققون ، المميزون بين الإخلاص والرياء ، العارفون بالخطرة والهمة والنية ، والمحاسبون للضمائر والحافظون للسرائر، المخالفون للنفوس بدائم التفكر والتذكر ، لا يستهين بحرمتهم إلا مارق ولا يعتقد عقيدتهم إلا فائق ولا يحن إلى موالاتهم إلا تائق فهم سراج الآفاق والممدود إلي رؤيتهم بالأعناق بهم نقتدي وأياهم نوالي إلي يوم التلاقي.
(7) وقال: سيدي الشيخ أحمد الطيب بن البشير ( راجل أمرحي ) في كتابه الحكم : ( أول طريق أهل الله ( المتصوفة ) ، التوبة لله ، وإلتزام طاعة الله بخوف الله ، والصبر علي مراد الله ، والزهد فيما سوي الله ) وقال: ( أعني بذلك الزهد عن غير الله تعالي بحيث لا يحب القلب إلا الله ولا يتأتى حب القلب لله وفيه فصلة من حب الدنيا ) . وقال : ( أصل الزهد معرفة الله وحقيقته الثقة بالله بأن تكون بما فى يد الله أوثق عنك بمافي يدك ). وقال : ( أول المقامات الصبر علي مراد الله تعالي، وأوسطتها الرضي بمراده، وآخرها ألا يكون لك مراد إلا مراد الله تعالي ) وقال : ( حط بالك لنظر الله إليك في جملة أذكارك بل في جملة أحوالك أي كن مراقباً لنظر الله إليك بالفكرة وجمع الهمة ومنع القلب من الشواغل الدنيوية ). وقال : ( إذا غفل المريد عن ذكر الله نفساً واحداً صحبه الشيطان فهو له قرين ، فكيف بالنفسين فأكثر ، فعليك بكثرة ذكر الله ، .... وفي الحديث ما عمل إبن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله ، فقالوا يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله .... الحديث ) . وقال : ( وأعلم أن افضل الذكر لا إله إلا الله ، قال صلي الله عليه وسلم : أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله ) . وقال : ( وعند الصوفية أمهات الكبائر أربع : أنا ، ونحن ، وعندي ، ولي ) . وقال : ( أعظم الذنوب الباطنة هو الكبر، قال: عز وجل في الحديث القدسي : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم ).
تاسعاً : رأي العارف بالله حجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي في التصوف والصوفية
وفي كتاب المنقذ من الضلال لحجة الإسلام العالم الرباني أبي حامد محمد بن محمد الغزالي المتوفي سنة 505 ه . قال فيه الآتي : ( ثم إني لما فرغت من هذه العلوم أقبلت بهمتي علي طريق الصوفية وعلمت أن طريقتهم إنما تتم بعلم وعمل وكان حاصل عملهم قطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة حتي يتوصل بها إلي تخلية القلب عن غير الله تعالى وتحليته بذكر الله . وكان العلم أيسر علىّ من العمل فابتدأت بتحصيل علم التصوف من مطالعة كتبهم مثل قوت القلوب لإبي طالب المكي وكتب الحارث المحاسبي والجنيد والشبلي وأبي يزيد البسطامي قدس الله أرواحهم وغير ذلك من كلام مشايخهم حتي أطلعت على كنه مقاصدهم العلمية وحصلت ما يمكن أن يحصل من طريقهم بالتعلم والسماع فظهر لي أن أخص خواصهم لا يمكن الوصول إليه بالتعلم بل بالذوق والحال وتبدل الصفات وكم من فرق بين أن يعلم حد الشبع وأسبابه وشروطه وبين أن يكون شبعان، وبين أن يعرف حقيقة الزهد وشروطه وبين أن يكون حالك الزهد وعزوف النفس عن الدنيا ، فعلمت يقيناً أنهم أرباب الأحوال لا أصحاب الأقوال وأن ما يمكن تحصيله بطريق العلم فقد حصلته ولم يبق إلا ما لا سبيل إليه إلا بالذوق والسلوك والإقبال علي الله وكان قد ظهر عندي أنه لامطمع لي في سعادة الآخرة إلا بالتقوى وكف النفس عن الهوى وأن رأس ذلك كله قطع علاقة القلب عن الدنيا بالتجافي عن دار الغرور والإنابة إلي دار الخلود والإقبال بهمة علي الله تعالي وذلك لا يتم إلا بالأعراض عن الجاه والمال والشواغل ، ثم لا حظت أحوالي فإذا أنا منغمس في العلائق ولا حظت أعمالي واحسنها التدريس والتعليم فإذا أنا فيها مقبل علي علوم غير مهمة ولا نافعة في طريق الآخرة ثم تفكرت في نيتي في التدريس فإذا هي غير خالصة لوجه الله تعالي بل باعثها ومحركها طلب الجاه وإنتشار الصيت فتيقنت أني علي شفا جرف هار فلم أزل أتفكر فيه مدة وأنا يوماً أعقد العزم علي الخروج من بغداد ومفارقة تلك الأحوال وأحل العزم يوماً... حتي مرضت وعقد لساني من الحزنِ و قطع الأطباء طمعهم في علاجي ..... وكان الناس و الولاة مايزالون متعلقين ومتمسكين بي ... إلي أن فارقت بغداد وفرقت ما كان معي من مال ولم أدخرالإ مقدارالكفاف وقوت الأطفال . ثم دخلت الشام وأقمت سنين لا شغل لي إلا التفكر والخلوة والرياضة والمجاهدة والاشتغال بتزكية النفس وتهذيب الأخلاق وتصفية القلب بذكر الله تعالي وفق ما حصلته من علوم الصوفية. ... ثم تحركت إلي داعية فريضة الحج والاستمداد من بركات مكة والمدينة وزيارة رسول الله صلي الله عليه وسلم وذلك بعد الفراغ من زيارة الخليل صلوات الله وسلامه عليه . فسرت إلي الحجاز ثم عدت الوطن وأثرت العزلة به أيضاً حرصاً علي الخلوة وتصفية القلب للذكر. وانكشف لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها وأستقصاؤها والقدر الذي أذكره لينتفع به هو أني علمت يقيناً أن الصوفية هم السابقون لطريق الله تعالي خاصة وأن سيرتهم أحسن السير وطريقهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق ولو جمع عقل العقلاء وحكمة الحكماء وعلم الواقفين علي أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلا ، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة وليس وراء نور النبوة علي وجه الأرض نور يستضاء به وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريق طهارتها (وهي أول شروطها ) تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالي وأستقراق القلب بالكلية بذكر الله. ومن أول الطريقة تبتدئ المشاهدات والمكاشفات حتي أنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة ، وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقي الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلي درجات يضيق عنها النطق فلا يحاول معبّرٌ أن يعبر عنها إلا أشتمل لفظه علي خطأ صريح لا يمكنه الأحتراز عنه وعلي الجملة ينتهي الأمر إلي قرب يكاد يتخيل منه طائفة الحلول وطائفة الاتحاد وكل ذلك خطأ وقد بينا وجه الخطأ في كتاب( المقصود الأسني ) فالذي تلبسته تلك الحالة لا ينبغي أن يزيد علي أن يقول : وكان ماكان مما لست أذكره فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبرَ..... وبالجملة فمن لم يرزق من ذلك شيئاً بالذوق لم يدرك من حقيقة النبوة إلا الاسم ، وكرامات الأولياء علي التحقيق هي بدآيات الأنبياء وكان ذلك أول حال رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أقبل إلي جبل حراء يخلو فيه بربه......... ومن جالس الصوفية أستفاد منهم هذا الأيمان فهم القوم لا يشقى جليسهم ومن لم يرزق صحبتهم فليطالع ( باب عجائب القلب ) من كتابنا أحياء علوم الدين. ووراء هؤلاء قوم جهال هم المنكرون لأصل ذلك المتعجبون من هذا الكلام يستمعون ويسخرون أولئك الذين طبع الله علي قلوبهم وتبعوا أهواءهم فأصمهم وأعمي أبصارهم .
عاشراً : رأي الشيخ محمد بن عبد الوهاب في التصوف والصوفية
يدعي التكفيريون أنهم ينسبون إلي الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولكنهم يخالفونه ويخالفون منهجه فهو لم يكفّرالصوفية بل مدحهم ، وقد قرأتُ له كتاب قريب من كتاب الروح لإبن القيم يذكر فيه أيضاً بأن الأرواح حية وتتفاعل مع الأحياء . وقد جاء في القسم الثالث من مؤلفاته الآتي :- ( إن الدين الذي بعث به سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أهتم به الصنفين من الأمة الإسلامية والأئمة الأربعة الذين دونوا إلي الناس أحكام الشريعة الإسلامية والسادة الصوفية طبقوا جميع الأحكام عملياً( فحصر الدين في الفقه والتصوف ) ، ويصف نفسه ويقول : ( أنا لم أصل إلي درجة الإجتهاد ولم أدعية أما أنا في الفروع فأقلد مذهب الإمام احمد بن حمبل ، ولا ننكر الطريقة الصوفية فهي قد بنت مذهبها علي تنزيه الباطن من رزائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح )... وعليه يتضح إن الجماعات التي تتنتسب إلي الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتسمي نفسها الوهابية هي علي خلاف تام مع منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي يطبق منهجه في المملكة العربية السعودية وهي أكثر الدول تضرراً من التكفيريين والإرهابيين وأكثر الدول محاربةً للإرهاب والتكفير... صحيح إن إبن تيمية قد أختلف مع كثير من العلماء ( ولكنه رجع عن ذلك ) ، وكذلك أختلف الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع كثير من العلماء ، ولكنهما لم يقولا بما يقوله من يسمون أنفسهم الوهابية.
الحادي عشر: ما ذكره الشيخ العلامة سليمان بن عبد الوهاب عن التكفيرين
الف الشيخ العلامة سليمان بن عبد الوهاب شقيق الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( النجدي ) كتاب أسماه الصواعق الإلهية في الرد علي الوهابية ( مطبعة دارالإنسان? القاهرة 1987) . رد فيه علي التكفيرين وفضحهم وأثبت جهلهم وخروجهم عن اجماع الأمة وسماهم الخوارج وقد ذكر فيه الآتي :- ( من سليمان بن عبد الوهاب إلي الحسن عبدان .........الدين النصيحة وأنت كتبت لي أكثر من مرة تستدعي ما عندي فها أنا أذكر لك بعض ما علمت من كلام أهل العلم .... فإن اليوم أبتلي الناس بمن ينسب نفسه إلي الكتاب والسنة ويستنبط من علومها ولا يبالي باجماع من خالفه وإذا طلبت منه أن يعرض كلامه علي أهل العلم لم يفعل بل يوجب علي الناس الأخذ بقوله ومفهومه ومن خالفه فهو كافر وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد فإنا لله وإنا إليه راجعون . الأمة كلها تصيح بلسان واحد مع هذا لا يرد لهم في كلمة بل كلهم كفار أو جهال اللهم أهدي الضآل ورده إلي الحق . إلي أن قال : ( قال : ابن عباس حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة ، فلا تكونوا كالخوارج تؤولوا آيات القرآن في أهل القبلة وإنما نزلت في أهل الكتاب والمشركين فجهلوا علمها فسفكوا الدماء وانتهكوا الأموال وشهدوا علي اهل السنة بالضلالة ) . وكان ابن عمر يرى الخوارج شرار الخلق و قال : ( أنهم عمدوا إلي آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين ، رواه البخاري عنه صلي الله عليه وسلم )... إذا فهمتم ما تقدم فإنكم تكفرون من شهد أن لا إله إلا الله وحده وان محمداً رسوله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحج البيت مؤمناً بالله وملائكته وكتبه ورسوله ملتزم لجميع شعائر الإسلام وتجعلونهم كفاراً وبلادهم بلاد حرب . نحن نسألكم من إمامكم في ذلك وممن أخذتم هذا المذهب....مما يدل علي بطلان مذهبكم ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : ( رأس الكفر نحو المشرق) وفي رواية للبخاري مرفوعاً: ( اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا فقالوا وفي نجدنا قال في الثالثة هناك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان ) ... فالمشرق من جهة مدينته هو منطقة نجد ومنها خرج مسيلمة الكذاب . ثم إن صاحب الكتاب فند أقوالهم وذكر أحاديث كثيرة تؤكد بطلان مذهبهم ، ومن أراد تفصيل ذلك فعليه بذلك الكتاب .
الثاني عشر : ما ذكره أمام الحرمين العلامة الشيخ أحمد زين دحلان عن التكفيرين
ألف العلامة أمام الحرمين السيد/ احمد بن زين دحلان كتاب عن فتنة التكفيريين .. وهو مكي فقيه مؤرخ مفتي الشافعية بمكة المعظمة وشيخ الإسلام بها ، ولد بمكة سنة 1231 ه وتوفي بالمدينة المنورة له مؤلفات كثيرة مطبوعة . واسم الكتاب هو الدرر السنية في الرد علي الوهابية وقال فيه :-
(1) أعلم إن السلطان سليم الثالث ( 1204 ? 1222 ه ) حدث في مدة سلطته فتن كثيرة منها فتنة الوهابية ، وقد قتلوا من الخلائق ما لا يحصون. واستباحوا أموالهم وسبوا نساءهم وكان مؤسس مذهبهم في أبتداء أمره من طلبة العلم بالمدينة المنورة وكان أبوه رجلاً صالحاً من أهل العلم وكذلك أخوه سليمان ، وقد أغوى الجاهلين هو وجماعته وخالفوا أئمة الدين وتوصلوا بذلك إلي تكفير المؤمنين فزعمت جماعته بأن زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم والتوسل به وبالأنبياء والأولياء والصالحين وزيارة قبورهم شرك. وأنه من أسند شيئاً لغير الله ولو علي سبيل المجاز العقلي يكون مشركاً، وتمسكوا بأدله لا تنتج لهم شيئاً وأتوا بعبارات مزورة زخرفوها ولبسوا بها علي العوام حتي تبعوهم وألفوا لهم في ذلك رسائل حتي أعتقدوا كفر أكثر أهل التوحيد وصاروا يعتقدون أن من لم يعتقد ماقاله جماعة إبن عبد الوهاب فهو كافر مشرك مهدر الدم والمال. وقد ألف العلماء رسائل كثيرة للرد عليهم ومن ضمنهم أخوه سليمان ........ وقد زعموا أن مرادهم بهذا المذهب الذي أبتدعوه إخلاص التوحيد والتبرؤ من الشرك ، وأنهم جددوا للناس دينهم وحملوا الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين علي أهل التوحيد، كقوله تعالي : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ) ، وقالوا إن من أستعان بالنبي أو بغيره من الأنبياء والصالحين أو سأله الشفاعة أو زار قبره فإنه مثل هولاء المشركين الذين كانوا يعرفون الله ولكن قالوا إن الأصنام تقربهم إلي زلفة . ومما ردوا به عليهم في الرسائل إن هذا أستدلال باطل لأن المؤمنين ما إتخذوا الأنبياء ولا الأولياء آلهة شركاء مع الله . بل أنهم يعتقدون أنهم عبيد لله مخلقون غير مستحقين للعبادة وهم فقط مكرمون من عند الله بكرمات .أما المشركين فكانوا يعتقدون أستحقاق أصنامهم الإلوهية ويعظمونها تعظيم الربوبية . ثم رد صاحب الكتاب علي كل دعاوى التكفيريين وفندها بالدليل من الكتاب والسنة ، ثم أورد أحاديث كثيرة صحيحة عن الرسول صلي الله عليه وسلم ، تصف هذه الفتنة وتصف التكفيريين منها:- ( قوله صلي الله عليه وسلم : يخرج أٌناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يعودون فيه حتي يعود السهم إلي فوقه، سيماهم التحليق )... وقوله صلي الله عليه وسلم سيماهم التحليق تنطبق علي هولاء القوم الخارجين من المشرق لأنهم كانوا يأمرون من أتبعهم أن يحلق رأسه رجالاً ونساء ولم يقع في مثل ذلك قط أحد من الفرق الضالة التي مضت قبلهم فالحديث صريح فيهم . وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول : لايحتاج أحد تأليف للرد عليهم بل يكفي في الرد عليهم قوله صلي الله عليه سيماهم التحليق فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم
الثالث عشر : الوصاية والتوصيات
(1) نقول للدولة والمسئولين إن التكفير هو جريمة من أكبر الكبائر وأن التكفيرين سفكوا الدماء واستباحوا الحرمات وحولوا دول بكاملها إلي دمار وفي ذلك خراب للدين والدنيا وأن المقصود في الأصل هو هدم الإسلام وقتل المسلمين.
(2) ونقول للتكفريين يجب أن تعلموا أنكم علي خطأ وأنكم تخالفون وتكفرون السواد الأعظم من أهل الإسلام في شأن المولد والأمور الأخرى وإن ما تعتقدون بأنه يكفر أهل الإسلام هو في الحقيقة من الدين ولا يكفر وأنكم تستندون إلي أدلة واهية باطلة لا يقبلها شرع ولا علم و لاعقل وإذا رجعتم إلي حقيقة العلم عرفتم ذلك .
(3) ونقول للركابي صاحب المقال والصورة والبازار، ياركابي إركب في سفينة الحق سفينة السواد الأعظم من المسلمين فإن ما سواها من المراكب قد غرقت أو أوشكت علي الغرق.
(4) ونقول للمؤمنين المتصوفة أنكم أهل الحق وأهل الإسلام لا يضركم من ضل إذا أهتديتم وقد كنتم وما زلتم حماة الدين والديار فأصبروا على من جهل من أخوانكم وأهدوهم بالتي هي أحسن وأسألوا لهم الله الهداية ولا يستفذنكم جاهل أو صاحب غرض .
ألا هل بلغت اللهم فأشهد
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.