أثار قرار المجلس التشريعي بولاية البحر الأحمر القاضي بايقاف مخصصات العضو حامد ادريس واحالته للجنة تحقيق، ردود افعال كبيرة وجاء القرار على خلفية تصريحات صدرت من العضو داخل وخارج قبة المجلس الذي رأى انها مخالفة للدستور والقانون . والعضو حامد ادريس الذي يمثل الدائرة 28 عقيق، يعتبر من اصغر اعضاء المجالس التشريعية في السودان، فهو من مواليد العام 1981 وخريج كلية الهندسة جامعة البحر الاحمر، وهو ايضا ثاني اثنين من اعضاء المجلس البالغ عددهم 48 لا ينتميان للحزب الحاكم الذي يهيمن بصورة شبه كاملة كما في كل الولايات على عضوية المجلس التشريعي ، وهو الامر الذي يعتبره مراقبون احد اسباب ضعف ادوار المجالس التشريعية وعدم اضطلاعها بقضايا المواطنين. وتشريعي البحر الأحمر ليس استثناء من الاتهامات التي يطلقها مواطنون ومعارضون حيث يعتبرونه احد اضعف المجالس التشريعية في البلاد ، ويشيرون الى ان والي الولاية يكاد يهيمن على قراراته وعلى ارادة اعضائه. ويعتبر العضو حامد ادريس المنتمي لحزب الشرق الديمقراطي الذي فاز في انتخابات 2010 بفارق 999 صوت من مرشح المؤتمر الوطني من الكوادر المناهضة لقرارات حكومة الولاية، وفسر الشارع قرار ايقاف مخصصاته وتحويله للجنة محاسبة على انها محاولة لاسكات صوته الناقد لسياسات والي الولاية، واشتهر ادريس بالقاء الضوء على قضايا مناطق عقيق وجنوبطوكر ومرافيت وغيرها ، حيث ظل يؤكد ان مخاطر جمة تحيط بمواطني هذه المنطقة التي تقع جنوب الولاية وقبالة ساحل البحر الاحمر ، وكان يردد ان خطر المجاعة يهدد حياة السكان ، وظل ناشطا في الاتصال بالمنظمات الطوعية الوطنية لاستجلاب الدعم الانساني للمنطقة. عضو المجلس التشريعي في الولاية احمد طه في حديث هاتفي مع (الصحافة) يقول ان قرار الايقاف لايصب في المصلحة العامة للسودان والولاية، مشددا على ان القرار يفتقد للمسوغات القانونية المقنعة ،معبرا عن رفضه القاطع للقرار الذي اشار الى انه لم يكن موفقا، مضيفا « لم يأت مقنعا ولا ارى ان هناك اسباباً موضوعية تدفع المجلس التشريعي لايقاف احد اعضائه بسبب رأي جهر به داخل قبة البرلمان». قد يكون العضو حامد ادريس من المعارضين لسياسة والي الولاية والحزب الحاكم ، ولكن طوال عامين لم يحل المجلس التشريعي بينه والحديث خلال المداولات وظل يحظى بفرصة النقاش اسوة باعضاء الحزب الحاكم ، ولهذا جاء قرار ايقافه مثيرا لاهتمام المراقبين الذين تساءلوا عن الدوافع الحقيقية وراءه، فهل ضاقت صدور اعضاء الحزب الحاكم داخل التشريعي بآرائه المخالفة وارادوا اسكات صوته كما يردد كثير من مواطني الولاية ام ان قرار الايقاف جاء لاسباب موضوعية ترقى لمستوى الفعل ولم يعلن عنها، يجيب رئيس لجنة التحقيق احمد همد في حديث ل(الصحافة) عبر الهاتف نافيا الحجر على آراء الاعضاء داخل قبة البرلمان المحلي للولاية ، مشيرا الى ممارسهم حقوقهم الدستورية كاملة ، كاشفا عن اسباب ايقاف مخصصات العضو حامد ادريس واحالته للجنة تحقيق ، ويقول: قبل توضيح الاسباب لابد من الاشارة الى ان المجلس يتعامل وفق اجراءات قانونية ودستورية، واللجنة التي تم تكوينها لمساءلة العضو حامد ادريس لن تطلق عليه الاحكام المسبقة ، اما فيما يتعلق باسباب ايقاف مرتبه فهذا اجراء قانوني حسب لوائح المجلس والشئ الطبيعي بعد ايقاف المخصصات المالية ان تكون لجنة تحقيق للتقصي في الاسباب التي تقف وراء الاجراء المالي ، وقال همد ان هنالك سببين لمساءلة العضو حامد ادريس: السبب الاول تنامى الى مسامعنا انه خاطب قائمة الوحدة الطلابية بجامعة البحر الاحمر عقب احداث الانتخابات وقال لهم ان أخذ الحقوق عبر الاجراءات القانونية سوف يأخذ وقتاً، واكد لهم انه يقف بجانبهم ان ارادوا أخذ حقوقهم عبر طرق اخرى ، وهذا يعني تحريضهم على التظاهر وهو امر يعتبر مخالفاً لما يجب ان تكون عليه الامور، ويشير رئيس لجنة التحقيق الى ان السبب الثاني يتمثل في حديث العضو حامد الذي ادلى به داخل البرلمان عقب احتلال هجليج فحديثه لم يرض اعضاء المجلس وذلك لأنه لم يأت متماشيا مع المصلحة العليا للبلد ، وحمل حديثه ايحاءات ايجابية تجاه حكومة الجنوب وسلبية تجاه السودان ، كما ان للعضو حامد ، والحديث لهمد، رأي مخالف في دعم الدفاع الشعبي ، واردف:هذه الاسباب وبموجب القانون والدستور تتيح ايقاف العضو حامد ادريس الذي يرى كثير من الاعضاء انه تجاوز الخطوط الحمراء وتجب محاسبته. تجاوز العضو حامد ادريس للخطوط الحمراء حسبما اشار رئيس لجنة التحقيق استدعى ايقافه ،ولكن العضو حامد ادريس وفي حديث ل(الصحافة) ينفي تجاوزه للخطوط الحمراء ، ويؤكد انه يعي دوره جيدا كعضو مجلس تشريعي ، ويشير الى ان احد اعضاء المجلس المنتمين للمؤتمر الوطني اخبره قبل اسبوع من احداث الجامعة عزم المجلس التشريعي على ايقافه ، وقال ادريس ان هذا يعني ان (النية كانت مبيتة) ، ويضيف: هو قرار سياسي يفتقد للسند القانوني، وسببه يعود الى الآراء السياسية التي ظللت اجهر بها ، (واؤكد انني لن احيد عنها مهما كان حجم الضغوطات)، واضاف ان المجلس التشريعي الذي لم يعقد سوى ثلاث جلسات في هذا العام ظل في حالة اجازة مستمرة بدون اسباب مقنعة، برغم قضايا المواطنين الملحة التي تحتاج للتداول، ثم ان أي احد من اعضائه لم يسأل المراجع العام عن تقريري العامين السابقين، ولم يبحثوا عن اسباب عدم تقديم العديد من وزراء حكومة الولاية لتقارير ادائهم ، وزاد « الاعضاء تركوا كل هذه الاشياء، وركزوا على اسكات صوتي». ويشير حامد ادريس الى ان حديثه داخل المجلس التشريعي عقب احتلال هجليج انصب حول ضرورة عدم رفع جلسات المجلس بعد اقتراح قدمه احد الاعضاء ، ويقول: ذكرت لهم ان هناك قضايا ملحة تهم المواطنين يجب ان تناقش ، وان تعليق اعمال المجلس لايصب في مصلحة المواطن ، غير انهم اصروا على رأيهم رغم ان القيادي بالمؤتمر الوطني صلاح قوش وفي حديث مشابه لما صرحت به طالب باستمرار جلسات انعقاد المجلس الوطني وتمت اجازة اقتراحه ، الاعضاء لايريدون مناقشة قضايا المواطنين واتخذوا قضية احتلال هجليج سببا لتعليق جلسات المجلس ، وهنا اسأل من منهم ذهب الى هجليج من الاعضاء ، وماذا قدموا لتحريرها، وبخصوص تحريضه الطلاب قابل ادريس الاتهام بالنفي وقال ان المؤتمر الوطني كان عليه الاعتراف بفوز قائمة الوحدة الطلابية ، مؤكدا عدم تحريضه للطلاب وقال»من يحرضون على اعمال العنف معروفون للجميع وانا بكل تأكيد لست منهم»، ويؤكد حامد ادريس ان هناك استهدافاً واضحاً لايقافه من قبل المجلس، و في منحى آخر اكد انهم كاعضاء مجلس يعتبرون انفسهم خصما على المواطن وذلك لأنهم يأخذون مقابلا دون القيام بأدوارهم ، مشيرا الى ان الاسباب معروفة. وحول ايقاف العضو حامد ادريس يشير الناشط السياسي هاشم كنه المحامي في حديث ل(الصحافة) الى ان ماحدث للعضو حامد يمس تجربة المجالس التشريعية بالولايات ، وقال ان الاجراءات ضد عضو المجلس يجب ان تأتي عبر الطرق القانونية في حالة وقوعه في مخالفة،و طالب بألا تكون المحاكمة سياسية. بينما يعتبر محلل سياسي من ولاية البحر الأحمر فضل حجب اسمه ان ايقاف حامد ادريس امر متوقع ، مشيرا في حديث ل(الصحافة) عبر الهاتف الى ان ضعف دور المجلس التشريعي يعود بشكل مباشر الى سياسة والي الولاية الذي قال انه اختزل الولاية والمؤتمر الوطني في شخصه ، مشيرا الى ان الآراء القوية التي ظل يطرحها حامد ادريس تثير غضب قيادات المؤتمر الوطني ورجح ان تكون هذه الآراء هي السبب في ايقافه واحالته الى لجنة تحقيق.