هو القائل : لو عثرت بغلة فى العراق ، لسألنى الله عنها يوم القيامة لما لم تمهد لها الطريق ياعمر. وجاء فى الاثر أن رجلا تبدو عليه وعثاء السفر وأعيائه ، دخل الى مجلس سيدنا عمر وأتجه اليه وقال: أنت عمر ؟ ويل لك من الله ياعمر! ثم مضى الى حال سبيله غير مكترث بمافعل ، فقام الناس خلفه ، فامرهم سيدنا عمر بأن يجلسوا ، وهرول هو اليه وسأله : ويلى من الله لماذا يا أخ العرب؟ فقال الرجل لان عمالك وولاتك لايعدلون ، بل يظلمون. فقال عمر اى عمال ؟ فقال الرجل لك عامل بمصر ، اسمه عياض بن غنم ، وسمع منه سيدنا عمر تفاصيل الشكوى ، وأمر برجلين من أصحابه ، وقال لهما اركبا الى مصر وأتيانى بعياض بن غنم ... الى آخر القصة. وهو القائل فى مجلس من الصحابة ، بعد خلافته ، أرأيتم لو ترخصت فى بعض الامور ، ماكنتم فاعلين ؟ فقال البشر بن سعد: لو فعلت ذلك لقومناك والله بسيوفنا ! فقال عمر: الحمدلله الذى جعل فى أمة محمد من يقوم عمر بسيفه ، وقال لاخير فيكم إن لم تقولوها ولاخير فى إن لم أسمعها . و قد حدث ، أثناء طوافه ماشياً على رجليه متفقداً أحوال رعيته ، رأى إبلا أكثر سمنة من غيرها ، فسأل : إبل من هذه ؟ فقالوا هى لعبد الله بن عمر ؟ فجئ به ، وقال له عمر انما سمنت ابلك دون غيرها ،لانهم تركوها تتخير المرعى ، لك رأس مالك ، وعليك رد مافوق ذلك لبيت مال المسلمين. ويروى عن تلك العجوز التى سمعها سيدنا عمر وهو يمر بطرقات المدينة تدعو الله وتقول اللهم بدل ملك عمر ، فناداها ومابه ؟ فقالت لاشئ ، ولكن فى التبديل رحمة . هذه الامثلة من سيرة سيدنا عمر ، تخبرنا كيف كان أمير المؤمنين يقود الدولة ، ففى الوقت الذى وصلت فيه جيوش المسلمين شمال أفريقيا ، وغطت الفتوحات أجزاء كبيرة من آسيا ، بالاضافة الى اراضى الامبراطوريتين الرومانية والفارسية ، كان عمر فى عاصمة دولته المدينة ، يهتم بشئون الناس وبتفاصيل حياتهم ، وقضاء حوائجهم . كانت عندما تكركر بطنه ، يخاطبها قائلا : كركرى ماشئت فو الله ليس لك الاهذا ، ويشير الى الاسودين ( الماء والتمر) ، هذا ، فلما أقتيد الهرمزان ( ملك خوزستان) أسيرا الى المدينة ، وبحث آسره عن خليفة المسلمين ، حتى وجده نائما تحت شجرة من نخل المدينة، فقال الهرمزان لما رآه : عدلت فأمنت فنمت ياعمر. هكذا كان حكام المسلمين حينما كان المسلمون مسلمين ، فأين نحن وحكامنا اليوم من هذا ؟ فلا نحن مثل رعية عمر ، ولاعمر مثل عمر ! ولله فى خلقه شئون ، أما بعد، فلا خير فينا ان لم نقلها و لا خير فيكم ان لم تسمعونا .