٭ مما لا يحتاج الى كثير بيان.. جهاد جماعة الاخوان في مقاومة الظلم والطغيان في مصر حيث تأسست الجماعة كأقدم التنظيمات العصرية التي نشأت في خضم معارك النهضة واسئلة التنوير والبحث عن الهوية والكفاح من اجل الاستقلال.. يقول تركي الدخيل في كتابه المسبار الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث، ان جماعة الاخوان المسلمين ظلت تتعامل مع كل المتغيرات التي طالت التاريخ والجغرافيا فنالها ما نال غيرها من تغييرات ومناورات وإمتدادات وتقلصات وإنشقاقات الا انها تظل رقما فاعلا في معادلة الحركات الاسلامية الحديثة .. لا يمكن استبعاده او تجاهله او .. حتى..تهميشه خصوصا وان الجماعة يُنظر اليها على نطاق واسع .. (بالحق او الباطل).. انها مهد التنظيمات الاسلامية المتطرفة.. والحاضنة الفكرية الاقدم لما بات يُعرف بالاسلام الراديكالي).. ٭ ان مفهوم الدولة ونظام الحكم لدى الاخوان المسلمين يظهر في طرح الشيخ حسن البنا والذي يُولي فيه عناية خاصة (بالدولة الوطنية) والتي تبدو كمعادل موضوعي (للخلافة) في ما يظهر التمايز او التعارض بعد ذلك في كتابات سيد قطب الذي يقطع كل صلة بتلك (الدولة) ليحاول استبدالها او استنساخها من الدولة الاسلامية التراثية (حرفيا) .. وان كان شكل الدولة الاسلامية الذي طرحه الإمام البنا لا يزال في كلياته ومنهجيته هو المتحم في تصورات الأخوان المسلمين في مصر وغيرها.. يقول الكاتب والباحث السياسي المصري علاء النادي عن الدولة ونظام الحكم في تصور الأخوان المسلمين.. (يؤسس الشيخ حسن، البنا تصوره للدولة ونظام الحكم على قاعدة ان الحكم الاسلامي يقع في مدار العقائد والاصول.. لا في الفقهيات والفروع. فالاسلام حكم وتنفيذ .. كما هو تشريع وتعليم .. كما هو قانون وقضاء.. اما سيد قطب فلا معني لديه للحديث عن الدولة الوطنية المعاصرة.... وبذلك إرتكبت مواقف قادة الاخوان وشابها كثير من الإلتباس في نظرتهم للتعددية الحزبية والممارسة البرلمانية في اطار الدولة الحديثة.. الا انها تدور في فلك المؤسس الإمام البنا في إطروحته للدولة الإسلامية .. يقول د. رضوان السيد في كتابه سياسات الإسلام المعاصر لقد شكل سقوط الخلافة (1924) صدمة كبيرة للإصلاحيين الإسلاميين فقد مضت قلة منهم الى اتخاذ مواقف مستقلة لا تصل الى معاداة الدولة الوطنية.. وظلّت هناك قلة قليلة (جدا) لا تجد حرجا في قيام الدولة الوطنية وقد تحدث الإمام البنا عن ا لأهداف العامة للاخوان المسلمين فوضع في الصدارة تحرير الوطن الاسلامي من براثن الاستعمار .. وان تقوم في هذا الوطن الحر دولة اسلامية حرة.. تعمل بأحكام الاسلام وتطبق نظامه الاجتماعي وتُعلن مبادؤه.. وتبلغ دعوته الحكيمة الى الناس.. وما لم تقم هذه الدولة فان المسلمين جميعا آثمون .. مسؤولون بين يدي الله العلي الكبير.. عن تقصيرهم في اقامتها (مجموعة الرسائل للإمام البنا).. ٭ وجد الاخوان المسلمون في مصر انفسهم في موقف لا يحسدون عليه (بعد الثورة) التي كان لهم فيها القدح المعلى وهذا ما لا ينكره الا مكابر فسرعان ما تبين لهم انهم القوة السياسية الاكثر تنظيما وتمويلا وهم يعلمون ا ن الاحتفاظ بموقعهم اعلى القمة أصعب بكثير من الوصول اليها.. كسبوا الاستفتاء.. وحازوا على غالبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية.. ووصل مرشحهم د. محمد مرسي الى مرحلة الإعادة بجانب الفريق احمد شفيق (ممثل الفلول) حسب تصنيف الثوار الذين وجدوا انفسهم بين خيارين احلاهما مر.. وتجاوزا لكل المواقف والمناورات التي حدثت بين ثنايا هذه الاستحقاقات بما في ذلك تكوين لجنة الدستور فان الامر يبدو في نظر الكثير من المراقبين إستحواذاً من (شركة) الاخوان المسلمين (القابضة) على كل أنصبة المساهمين في العملية السياسية والإمساك بمفاصل الدولة بعدما أعلنوا عن عدم رغبتهم في المنافسة على منصب الرئيس قبل ان ينكصوا على اعقابهم ويدخلون السباق الرئاسي والذي كان كسبهم له في حكم المؤكد منذ الجولة الاولى لولا انسلاخ د. عبدالمنعم ابو الفتوح عنهم وترشيحه لنفسه مستقلا وعلى اعتاب الإعادة طرح المرشح د. محمد مرسي خيارات عدة لتسييل لعاب التنظيمات السياسية الاخرى (ضربات من منطقة الجزاء) ومنها إقتسام المناصب الاخرى (لا نواب ولا مساعدين من الاخوان المسلمين).. يكفي مرسي ممثلا لهم ولحزب التحرير والعدالة.. امكانية اختيار نائب للرئيس من الاقباط.. إستمالة الناصريين ويمثلهم حمدين صباحي صاحب الموقع الثالث في السباق الرئاسي وتتبدى البراغماتية السياسية في أوضح صورها في هذه المرحلة الدقيقة في تاريخ الاخوان المسلمين.. ولهم في حزب العدالة والتنمية التركي الاسوة الحسنة والذي برز للوجود عام 2001م، وورث حزب الرفاة المحظور وإبرام تسويات مع الخصوم الممسكين بالسلطة الجيش او (المؤسسة الكمالية) واجتذب بعض المثقفين الليبراليين واليساريين والإعلاميين والأكاديميين فنجح نجاحاً باهراً.. ٭ أخشى ما أخشاه أن يقتفي أخوان مصر أثر سياسة التمكين التي اتبعتها الحركة الإسلامية السودانية فلا قطعت بها أرضا ولا أبقت لها ظهرا .. وفي انتظار الحسم بالضربات الترجيحية من نقطة الجزاء يبقى الأمل.. وهذا هو المفروض...