قضايا ساخنة تنتظر قمة الرؤساء والحكام الأفارقة التاسعة عشر والتي من المنتظر أن تنطلق يومي غدٍ الأحد والإثنين، ومن أبرز الملفات التي تنتظر رؤساء 54 دولة أوضاع السلم والامن بالقارة المثخنة بالقرصنة البحرية،و الارهاب والصراعات في الكنغو الديمقراطية ونيجيريا ومالي والسودان وجنوب السودان والتعامل مع المحكمة الجنائية بالإضافة الى قضايا التمويل التي أعاقت تنفيذ العديد من انشطة المنظمة القارية ، بجانب ملف الانتخابات داخل الاتحاد الافريقي، وكان المجلس التنفيذي لوزراء خارجية دول الاتحاد الأفريقي قد اختتم امس اجتماعاته التى استمرت يومين للتحضير للقمة الأفريقية الثامنة عشرة . لكن الموضوع الابرز الذي يطغى على قمة التجارة البينية بين الدول الافريقية ، هو الصراع حول مقعد رئاسة مفوضية الاتحاد الافريقي، ليعود القادة الافارقة بعد ستة اشهر من فشلهم في التوافق على اي من المرشحين للظفر بالمنصب، وبعد ان انقسمت القارة على المرشحين الاثنين يتجدد التنافس مرة اخرى في هذه القمة بين ذات المرشحين الرئيس السابق للمفوضية المنتهية ولايته جان بينغ ووزيرة خارجية جنوب افريقيا السابقة نكوسازانا دلاميني زوما، واجمع الدبلوماسيون على ضرورة الخروج من مأزق القمة السابقة، وايجاد قيادة جديدة للمفوضية. ويقول مراقبون ان الصراع الحالي حول المنصب الرفيع في المنظمة القارية ليس بالجديد فقد فشل القادة الافارقة في القمة ال18الماضية في انتخاب رئيس لمفوضيتهم بعد انقسامهم بين الغابوني جان بينغ رئيس المفوضية الحالي ،والجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما التي شغلت في وقت سابق منصب وزير الخارجية وكانت ايضا الزوجة السابقة للرئيس جاكوب زوما.. ونقلت الانباء وقتها عن رئيس بنين توماس بوني يايي، قوله إن الدول الإفريقية قررت التمديد المؤقت لأعضاء المفوضية الحالية للاتحاد بمن فيهم رئيسها جان بينغ حتى القمة الحالية التي كان مقررا لها ان تعقد بالعاصمة الملاوية ليلونغوي، قبل ان يتم نقلها الى العاصمة الاثيوبية أديس ابابا مقر الاتحاد الافريقي بعد اعتراضات تقدم بها السودان عقب حديث الرئيسة الجديدة لملاوي جويس باندا بأن بلادها لا ترغب في مشاركة الرئيس البشير في القمة للحيلولة دون استثارة غضب المانحين لبلادها، مشيرة الى ان القمة التي عقدت بعاصمة بلادها ليلونغوي في أكتوبر 2011 تسببت في حرمان بلادها من 350 مليون دولار كانت وعدت بها وكالة أميركية . وهو ما ادى الى ان تستقر قمة القادة الافارقة ، التي وصل الرئيس البشير مساء امس للمشاركة فيها ، بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا لان اغلب قادة القارة لم يوافقوا الدولة الافريقية في قرارها، وهو ما اعتبره محللون تحدثوا ل"الصحافة" حينها انتصاراً للوائح المنظومة الافريقية غض النظر عن مواقف الدول الاعضاء. ( 2) لكن حال الاجماع التي شهدتها القارة تجاه قرار رئيس ملاوي ، تبددت بمجرد حضور الاعضاء الى العاصمة أديس ابابا في خضم العملية الانتخابية التي من المقرر اجراؤها لكامل اعضاء المفوضية الافريقية بكامل أعضائها بعد التمديد الذي استمر لمدة ستة أشهر، انتهت في يونيو الماضي. وتدور المعركة الانتخابية من أجل رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي في الواقع بين إفريقيا الجنوبية الناطقة بالإنجليزية وإفريقيا الغربية الناطقة بالفرنسية، وبين شخصين على طرفي نقيض. فدلاميني-زوما وزيرة الداخلية الحالية في جنوب افريقيا امرأة ذات قبضة حديدية، بعيدة كل البعد عن أسلوب جان بينغ (69 عاما) . وخاضت جنوب إفريقيا، المحرك الاقتصادي للقارة والتي لا تخفي طموحاتها الإقليمية، حملة مكثفة لفرض وزيرة الخارجية السابقة نكوسازانا دلاميني- زوما على رأس المفوضية وهي الزوجة السابقة للرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما في مواجهة الغابوني جان بينغ المرشح لولاية ثانية بعد ان قضى أربع سنوات بالمنصب. ويقول مراقبون ان القارة الافريقية بعد ان اظهرت في نقلها للقمة الافريقية انتصارا للوائح وابراز للوحدة بين دولها ابرزت الآن انقساماً بين دولها في ملف الانتخابات الحالي، والذي يشير الى ان القارة لازالت تعاني انقساماً حاداً، ويعتبر دبلوماسيون ان امر حسم رئاسة المفوضية لا بد منه داخل هذه القمة وعدم تكرار عملية التأجيل مرة ثانية،ويضيف نائب سفير السودان بالاتحاد الافريقي عبدالله واد بالتأكيد على ان موقف بلاده مع حسم امر رئاسة المفوضية في هذه القمة واشار: حال تكرار سيناريو القمة السابقة سيتم التوصل الى قرارات بديلة، فيما يقول آخرون ان الخروج من المأزق يتطلب الانتظار حتى ديسمبر القادم، مع ضرورة تعديل اللوائح التي تتطلب الحصول على ثلثي الاصوات. وشهد الاتحاد الافريقي على مدى يومين تحركات دبلوماسية ماكوكية قادتها بلدان المرشحين، مواصلة لجهود حثيثة من اجل ضمان الحصول على المنصب الافريقي الرفيع، وقالت وزيرة الخارجية الحالية لجنوب إفريقية مايتي نكواناماشابان "لقد زرنا الدول ال53 الأعضاء الآخرين في الاتحاد الإفريقي واضافت نشعر بالارتياح لردود الفعل لافته الى ان الرئيس جاكوب زوما اتصل شخصيا بجميع نظرائه تقريبا"، في المقابل هناك معلومات متناقلة تقول ان الرئيس الجابوني علي بانغو اجرى اتصالات برصفائه الافارقة من اجل ضمان ولاية اخرى لجان بينغ مما يشير الى ان القارة على شفا انقسام وشيك. ونقل عدد من اعضاء مفوضية الاتحاد الافريقي ان الخلاف الذي حدث في القمة الماضية القى بظلال سالبة على عمل المفوضية خلال الستة اشهر عمر التمديد، والآن بدأت تتصاعد درجات التفاؤل بين الافارقة لكن بحذر في ان يتمكنوا من حسم امر الرئاسة. والتي لا تزال المنافسة على مضمارها شرسة. وفي بيان صحفي للدكتور جان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ردا على مقال بعنوان (جنوب افريقيا قد تحصل على منصب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي) نشرته صحيفة (ذي صنداي تايمز إوف ساوث أفريكا) قال فيه ان الصحيفة ألمحت إلى عزمي الانسحاب من سباق إعادة الانتخاب لمنصب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي. كما زعمت الصحيفة "أنني أريد ضمانا بأن أشغل منصبا في مكان آخر عندما أترك هذا المنصب". وردد(لقد انتابني الغضب ازاء مثل هذه المغالطة والتلفيق الصريح والذي لا يوجد له أية صلة بالحقيقة). وزاد(أنني مازلت مرشحا لشغل منصب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي لفترة جديدة، ولم يسحب بلدي الجابون وكذلك منطقتي، ترشيحي) وقال بينغ في بيانه انه يعتزم مواصلة السباق حتى النهاية. وشدد بينغ كان هناك زعم بأنني لم أتمكن من إدارة المفوضية بشكل صحيح خلال فترة ولايتي، بينما هناك دليل لاثبات أن الكثير من الإصلاحات نفذت في المجالات الإدارية والمالية بها خلال السنوات الأربع الماضية. (3) القضية الأخرى الملتهبة والتي تتصدر جدول أعمال القمة هي التوترات بين السودان وجنوب السودان بجانب قضية منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق والصراعات في الكنغو الديمقراطية ومالي والارهاب والقرصنة البحرية في الصومال، حيث وصف رئيس المجلس التنفيذي ووزير خارجية جمهورية بنين نيسرو باكو أوضاع السلم والأمن بأفريقيا بأنها مقلقة، وقال ان الأشهر الستة الأولى من هذا العام كانت صعبة للسلم والأمن في قارتنا التي تعاني من أزمات تهدد أمنها وسلامها. وشهد ذات البلد استئناف التفاوض بين دولتي السودان وجنوب السودان على بعد 585 في فندق (بلو نايل) بمدينة بحر دار شمال شرقي العاصمة اديس أمس الاول حيث دخل وفدا التفاوض بين السودان وجنوب السودان برئاسة وزيري دفاع الدولتين الفريق اول عبدالرحيم محمد حسين والفريق جون كونق بجانب ادريس محمد عبدالقادر وباقان اموم ، فور وصولهما في اجتماع مشترك بحضور الوساطة برئاسة ثامبو امبيكي، ونقلت مصادر ان الجلسة ناقشت مسارات الجولة الحالية التي من المقرر ان تستمر حتى نهاية المهلة الاممية في الثاني من أغسطس القادم، وقال دبلوماسي بالاتحاد الافريقي أمس ل"الصحافة" ان الطرفين سيبحثان الامن والحدود والنفط والجنسية وكل ملفاتهما العالقة واضاف نأمل ان تكون الاخبار مفرحة قبل نهاية الشهر. وتابع الاجتماعات باقليم بحردار تقرر لها ان تستمر لمدة خمسة ايام فقط وبعدها سيعود الطرفان الى العاصمة اديس في السابع عشر من الشهر الجاري، ووصل وفد الحكومة المفاوض بقيادة وزير الدفاع وجميع الاعضاء وظهر للمرة الاولى ،منذ جولة المفاوضات المنهارة مطلع يونيو المنصرم، وزير الداخلية ابراهيم محمود ضمن الوفد الحكومي أمس، فيما تقرر ان ينضم للوفد وزير الدولة بالخارجية صلاح ونسي عقب انتهاء قمة الرؤساء الحالية . وتشير "الصحافة" الى ان وفد حكومة دولة جنوب السودان حضر بجميع اعضاء اللجان التفاوضية بوفد قوامه 23 عضواً برئاسة كبير المفاوضين باقان اموم ووزير الدفاع الجنوبي الفريق جون كونق وتقرر وصول وزير شؤون الرئاسة دينق الور اليوم ، وسينضم وزير الخارجية نيال دينق عقب انقضاء القمة . ودخل الاطراف امس في اجتماعات منفصلة، مرجعيتها اتفاق العلاقات المستقبلية الشفاهي المعلن بين الجانبين الاسبوع المنصرم ، وهو يضع خارطة طريق لثلاثة اسابيع لمناقشة وحسم جميع القضايا، ويجلس الطرفان في جولة قالت جميع الاطراف انها اخيرة، ففي الثاني من اغسطس القادم ستكون مهلة مجلس الامن اكتملت في انتظار تقرير الوساطة الافريقية، بيد ان سفير السودان باثيوبيا اخبر "الصحافة" ان المهلة المتبقية قد لا يسع الوقت فيها للوفاء بخارطة الطريق وتابع يمكن ان يستمر الطرفان وفق رؤية متفق عليها لحل ماتبقى من قضايا لكن بسقف زمني معلن) قبل ان يؤكد ان طرفي التفاوض دخلاا خلال اليومين الماضيين فور وصولهما بحر دار الى جلسات مباشرة بعيدا عن الوساطة واخرى بحضورها، واضاف دار النقاش حول مخرجات الجولة الماضية، لافتا الى أن الطرفين قاما بجدولة اعمال المرحلة المتبقية، واشار الى ان التفاوض يستند على مقترح حل استراتيجي لكل القضايا وتابع هناك روح طيبة هي استمرار لما انتهت عليه الجولات السابقة. وشدد السفير ان الاطراف ستواصل الحديث حول تفاصيل الحل الشامل للقضايا، وفق المبادئ المعلنة بين الجانبين والمتعلقة بحكم علاقاتهم المستقبلية والتي اعلنت في الجولة السابقة، واعتبر مفوض السلم الافريقي السفير رمضان العمامرة ان عملية التفاوض تمضي بصورة طيبة مشيرا الى ثقة الاتحاد الافريقي في الطرفين الذي قال انهما يتحليان بالروح الجادة والمسئولة للتوصل لتسوية قبل انقضاء المدة الممنوحة من قبل مجلس الامن والتي اوشكت على النهاية في الثاني من اغسطس المقبل. واضاف العمامرة عشية قمة مجلس السلم والامن الافريقي والتي من المنتظر ان تبحث الاوضاع في العديد من المناطق بالقارة، سيما النزاع بين السودان وجنوب السودان (ان القمة ستنظر في مدى التقدم المحرز في الحادثات بين الخرطوم وجوبا بحضور رئيسي البلدين معربا عن امله في ان يعلن الرئيسان اشارات مشجعة للوفدين لحسم المسائل العالقة) ، وتابع العمامرة( ان المجلس متفائل بالروح التي تسود المحادثات حاليا في ان تسفر عن توصل الطرفين لاتفاق في القريب). إذا فإن الملف السوداني والجنوب سوداني و ازمة جنوب كردفان والنيل الازرق واقليم دارفور التي دعا بشأنها مفوض السلم والامن الافريقي رمضان العمامره المجتمع الدولي لممارسة المزيد من الضغوط على الحركات المسلحة باقليم دارفور للتوقيع على وثيقة الدوحة لسلام دارفور، ستكون موضع حوار وهذا لان الاتحاد الافريقي يؤمن بأن وثيقة الدوحة هي الاطار الذي من خلاله يمكن بسط السلام والاستقرار بالاقليم، على حد تأكيدات العمامرة . (4) لكن طاولة قمة الرؤساء تعج ايضا بالعديد من القضايا الاخرى التي تخص القارة الافريقية ومن المنتظر ان يدور حولها جدل كثيف و من بينها قضية التعامل مع المحكمة الجنائية ، حيث ان هناك عدداً من الدول التي لديها التزامات مع المحكمة فيما يواجه القادة ضغوطا من شبكة تضم منظمات المجتمع المدني الافريقية والمنظمات العالمية العاملة بأفريقيا من اجل عدم تمديد قرار الاتحاد بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وقالت تلك الشبكة من خلال رسالة وجهتها الى وزراء خارجية الدول الافريقية الاعضاء في المحكمة الجنائية الدولية " يجب على الدول الافريقية بأن تدعم العدالة وتنحاز الى ضحايا الجرائم العالمية البشعة وانتهاكات حقوق الانسان ،وذلك من خلال القمة الافريقية التاسعة عشر. ورغم ان هنالك صعوبة بالغة في التكهن بمخرجات اجتماعات القادة الافارقة بشأن القضايا التي أشرنا اليها آنفا ، فإن هناك ايضا حالة من التفاؤل بالعاصمة الاثيوبية بالتوصل الى حلول فيما يتعلق بالاوضاع الخاصة بين السودان وجنوب السودان على وجه التحديد ، لاسيما عقب قرار مجلس الامن الاخير (2046).