دفعت حدة المرض بعضهم للبحث عن علاج ناجع وسريع فكانت وجهتهم العطارين الذين ابتكروا خلطات يروجون لها عبر ما يسمى بعيادات اطباء الأعشاب، ويعمد العشابون الى إقناع المرضى بالنتائج الإيجابية لهذه الخلطة وتلك وفق فلسفة «ان لم تنفعك لن تضرك»، وباتت أسواق العطارة تقدم الوصفات والخلطات العشبية للعلاج وكثيرا ما جاءت نتائج تلك الوصفات بأمراض ومضاعفات صحية خطيرة، ابرزها التسمم وأمراض الكبد والقلب والدم، وغيرها؛ ما أثار الكثير من علامات الاستفهام. «الصحافة» القت نظرة على عالم الاعشاب والادوية التى تباع داخل محلات العطارة وما يعرف بالطب البديل ففي ذلك الوسط الاشبه بصيدليات عشوائية تبيع أي شيء من أجل المال اغلبها مركبات من أعشاب برية تحوي داخلها سوائل ووصفات لا يعلم تاريخ صلاحيتها ومدى مطابقتها للشروط الصحية إلا أصحاب تلك الصيدليات العشوائية. «نحن لا نشكك في الطب البديل أو طب الأعشاب؛ فهو حقيقة، لكن المشكلة تكمن في طريقة استخدامه وفي من يصفه» هكذا بدأ عبد الغنى صاحب محل عطارة مشيراً الى ان كثيرا من المرضى يلجأون للأعشاب عندما يصابون بالأمراض التي يعجز عنها الطب، كمرضى السرطان والإيدز والبواسير والعقم، وبعض الأمراض الأخرى؛ ما يوقعهم في فخ الدجالين والمشعوذين والعاطلين عن العمل، الذين يستغلون حالتهم الصحية ورغبتهم في الشفاء، ويبيعون لهم الوصفات العشبية غالية الثمن في أغلب الأحيان. ويتفق العطار عبد المطلب سرور مع ما ذكره عبد الغنى فى أن السوق مليء بالجهلة والدجالين الذين يعملون بلا ضمير، ليبيعوا الأعشاب المضرة بالصحة، ويقول سرور: لو زرت مستودعاتهم التي يستخدمونها لخلط الأعشاب لرأيت البكتيريا والقاذورات والحشرات وفضلات الفئران تختلط أحياناً مع الأعشاب التي يقدمونها للناس، موضحا ان ما يحدث هو هدر للأموال والصحة والوقت على شيء لا يفيد؛ فتخيل أن الحنظل يوصف للنساء، بينما هو مسبب للإجهاض، وكذلك حصا اللبان والقرفة والشمار توصف كمُدرات للبول، وهي معروفة لوقف إدرار البول، وتسبب مشاكل للقلب. لكن بعض من يعمل في هذا المجال له رأي مختلف اذ يقول احد العطارين ان مكونات الخلطات من الاعشاب الطبيعية التى لا تضر ابدا فكل زبون حسب حالته التي يشخصها من أول نظرة في وجه الزبون لكن خلطاته تشمل بالإضافة إلى ذلك جميع أنواع العلاج كما هو مدون عليها ويتابع قائلا: أستطيع علاج أمراض نزيف الرحم والعقم والعين والحسد وإرهاق والام الظهر ، وغيرها كثير»، وعن مصدر الأعشاب أكد انه يقوم بشرائها من مصادر معروفة في السوق، مشيرا الى ان هناك عمالاً وافدين دخلوا المهنة، وهم لا يعرفون شيئاً، وأضروا الناس كثيراً. ومن جانبه يؤكد الصيدلي خالد عوض أن الأعشاب ليس لها مفعول في علاج الأمراض الصعبة والمزمنة، مبيناً أن المرضى لا يتعمقون في معرفة فوائدها؛ فالعطارون يستغلون حاجة الناس إلى العلاج، ويقدمون لهم مجموعة من الأعشاب والنباتات لا يوجد لها أي مفعول يُذكر بعد استعمالها. ويختلف طبيب الباطنية مجدي سلامه مع رؤية الصيدلي، مؤكداً أن العلاج بالأعشاب مفيد ومكمل لعلاج الكثير من الأمراض، ويمكن التداوي بالأعشاب مع استعمال الأدوية الحديثة، غير أن ضررها أكثر من نفعها إذا أُخذت بطرق عشوائية وربما تسبّب أضراراً كثيرة وقاتلة؛ لأنها تساعد على نمو البكتيريا، والسوق مليء بالجهلة. أما عبد العزيز العابد «موظف» فيحكي معاناته مع الأعشاب الطبيعية بعد أن أعيته المراجعات المستمرة في العيادات الطبية؛ لذا توجه للمعالجة العشبية لمعاناته التعب المزمن، ودفع 100جنيه قيمة الكشف، غير قيمة خلطة أعشاب، تبلغ قيمة الواحدة منها 150جنيها لمدة أسبوعين، غير أن الأمر لم ينفع، على حد وصفه، ويطالب العابد الجهات المعنية بمراقبة الأسواق والقبض على من يمارسون عملية النصب والاسترزاق، ويعرضون حياة المواطنين للخطر.. ويؤكد استشاري الأمراض الجلدية خالد محمد أن ظاهرة انتشار المستحضرات والخلطات مجهولة التركيب أمر مقلق للمختصين، وتكثر هذه الخلطات لدى العطارين والاكشاك العشوائية بالاحياء ويدعي هؤلاء أنها تعالج العديد من الأمراض بداية من السرطان والضغط والسكري إلى تحسين القوام وتصفية البشرة، وهي تحتوي على مكونات عديدةمعها بعض الادوية والحبوب المطحونة وتكمن مخاطرها في وجود بعض المواد السامة وبعض المعادن الثقيلة، مضيفا انها قد تؤدي إلى فشل كلوي أو آثار سامة على الكبد وتؤثر حتى على الجهاز العصبي، وأشهر مثال على ذلك هي مادتي الرصاص والزئبق، وقد يلاحظ بعض المرضى تحسناً سريعاً وملفتاً في حالته المرضية بعد استخدام بعض هذه الخلطات، والسبب يعود في الحقيقة إلى وجود أدويه تشترى من الصيدليات وتطحن وتضاف بكميات كبيرة إلى هذه الخلطات.