كانت أيام الانتخابات والتصويت فرصة طيبة لأهل السودان لتكون محور حديثهم طوال تلك الأيام (11، 12، 13) بالاضافة إلى اليومين الاضافيين اللذين حددتهما مفوضية الانتخابات لسبب الاخطاء الفنية التي حدثت في بعض الدوائر. ومن أظرف التعليقات في أيام التصويت كان عن (الحبر) الذي بصم به أصبع الناخب الذي يدلي بصوته حتى لا تكرر عملية التصويت للشخص الواحد أكثر من مرة اذا أراد الشخص ان يفعلها. وكان (الحبر) أكثر مادة تحدثت عنها اجهزة الاعلام والمواطنون وعن سهولة ازالته من (السبابة) وعن كثرة المواد التي يمكن ان تزيله ولكن هذا (الحبر) عرف عند البعض ب (حنة البشير) أو (حناء البشير) وكان الشخص يسأل الآخر عن (الحنة) في اشارة إلى هذا (الحبر) أي انك أدليت بصوتك ويتجه بنظره إلى اصبع محدثه ليرى اثر (الحبر) أو (الحناء). واذا حاولنا ان نعمل مقارنة بين (الحناء) السياسية و(الحناء) الاجتماعية فقد نجد ان هناك علاقة كبيرة بين (حنة) البشير وحنة (العريس) فالحنة عند أهل السودان هي من الطقوس الضرورية لابعاد (المشاهرة) وهي بالتأكيد ان هذه (المشاهرة) تختلف تماماً عن (مشاهرة) الخدمة المدنية وهي العمل بعد التقاعد أو (المعاش) فيقولون ان فلاناً يعمل بالمشاهرة والمشاهرة التي تبعدها الحنة أو الحناء هي حماية العريس أو (ود الطهور) من أية انتكاسة قد تجلب إليه ولكن هذه الحنة قد تمنع هذه (الانتكاسة) أو ان يصاب (بعين) أو أن يصيبه تدهور في صحته. والحنة هي من الطقوس التي تصاحب عملية الزواج والحديث هنا عن (العريس) وليس (العروس) لأن العروس أصل عندها هي الزينة والحناء شئ اساس عند النساء عامة. والزواج يعتبر نقطة تحول في حياة الانسان حيث تبدأ المسؤولية بتكوين (أسرة) ثم يتصاعد الأمر تدريجياً وحنة العريس لها طقوس ولها طريقة معينة ولها حفلة خاصة ومنها ينتقل (الفرح) إلى مراسم جديدة أخرى مثل الوليمة والعقد والزفة وبقية الاجراءات مثل شهر العسل والعودة منه إلى ان تصل مرحلة (ما بقيتو تلاتة). وحبر الاقتراع أو كما سماها أهلنا في بعض مناطق السودان (حنة البشير) أو حناء البشير فهي ايضاً تبشر بعهد جديد في مسيرة هذا الرجل وهذا العهد الجديد مختلف تماماً عن العهد الذي مضى وان كان هنالك ربط لهذا الموضوع وهو (معاً لاستكمال النهضة). وحنة البشير هنا تختلف عن حنة الرجل الذي يتزوج للمرة الثانية ولكن هذه المرة حنة تختلف عن تلك التي كانت في الاول في حنة البشير في انتخابات (1996) و(2000). تختلف رغم ان في القديمة منافسين أمثال كيجاب والنميري وغيرهم ولكن في هذه المرة يختلف (العرس) الذي جاء في حضور (دولي ومراقبين) من جميع أركان الدنيا. وحنة البشير هذه المرة حققت له اجماعاً لم يكن متوفراً في عامي (1996-2000)، وبالتالي تكون حنة (2010) مختلفة تماماً وهي بداية عهد جديد للبشير مع الشعب في استكمال النهضة وتحقيق (الرفاهية) التي يسأل عنها (خلف الله) عن طريق صندوق الاقتراع. ولعل هذه واحدة من مخرجات شعب السودان (السياسية) في وصف (حبر الاقتراع) بالحنة فهي مزج بين (السياسة والاجتماع) وقد يكون هذا الربط موضوعاً اذا كانت (الحناء) بداية لحياة جديدة للعريس فان (حبر الاقتراع) قد يكون بداية جديدة لكل الفائزين على جميع المستويات.