استمر سعر صرف العملات الأجنبية في مقابل الجنيه في تراجع منذ السبت الماضي عقب اعلان الاتفاق بين دولتي السودان وجنوب السودان على ملف النفط،ولم يبدأ توقيع الاتفاق بعد وسيكون تنفيذه في سبتمبر أو اكتوبر،ولن تتدفق عائدات الرسوم إلى خزينة علي محمود وزير المالية قبل نوفمير،مما يعني أن التراجع لأسباب نفسية وأن سعر الصرف في السوق الموازي ليس حقيقيا. دعاة الحرب ليسوا سعداء بالاتفاق النفطي وحملوا في شدة على وفد السودان المفاوض واتهموه بتقديم تنازلات،وطالبوا بتجريد حملة عسكرية الى جوبا للاطاحة بحكم الرئيس سلفاكير ميارديت،وبالطبع فهم لا يعيشون هموم المواطن والضغوط المعيشية التي يواجهها ،لأنهم لا يعرفون شظف العيش،وارتفاع قيمة الجنيه نحو 10% منذ توقيع الاتفاق لا يعني لهم شيئا. دعاة الحرب ومشايعوهم ممن يطلقون على أنفسهم علماء يبدو أنهم يفرحون بالحرب في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان،ونزوح 600 ألف من مواطني الولايتين من ديارهم،لديهم خبر طبيعي مثل حادث سير في هاييتي أو كولمبيا،لا يلفت انتباها ولا يتطلب وقفة واطلاق نداء لوقف دوامة العنف واراقة الدماء ولو من باب تبرئة الذمة. دعاة الحرب والوجه الآخر لهم من مدعي المعرفة وطلاب القداسة لم يسمعوا بالحملة الانتقامية على مقتل معتمد الواحة في كتم الأسبوع الماضي، وفرار نحو 70 ألف نازح من معسكري كساب وتيرنو ومقتل 12 شخصا في حملة الدفتردار الجديدة، ويواجه هؤلاء النازحون أوضاعا مأساوية بلا غطاء والامطار من فوقهم والسيول من تحتهم،ينتظرون الغذاء والدواء والكساء في شهر الرحمة والجود.بالطبع هم ليسوا من بني صهيون وبني علمان،بل من أرض المحمل والقرآن. أهل العلم والعلماء لم يصلهم نبأ مقتل أكثر من ألفي مسلم في بورما (جمهورية اتحاد ميانمار) وتشريد أكثر من 90 ألفا آخرين في أحداث العنف التي تشهدها البلاد منذ مايو الماضي، حيث يتعرض مسلمو ميانمار لعملية «تطهير عرقي» من قبل الأغلبية البوذية، التي ارتكبت بقرى منطقة الأراكان قرب الحدود مع بنغلاديش مذابح دامية ضد السكان المسلمين. عشرة ملايين من المسلمين فى ميانمار حالياً- وهم 10% من السكان يعيشون جحيماً، حيث تتعامل معهم السلطات والجيش كأنهم وباء لا بد من القضاء عليه، فما من قرية فيها مسلمون إلا وتمت إبادة المسلمين فيها، حتى يسارع النظام العسكري الحاكم بوضع لوحات على بوابات هذه القرى، تشير إلى أن هذه القرية أو تلك خالية من المسلمين. بلا ضوضاء ولا بيانات التهديد التي ما قتلت ذبابة ولغة الوعيد الجوفاء قام وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو وزوجة رئيس الوزراء أمينة أردوغان وابنتها بزيارة أمس الاربعاء الى ميانمار، لمواساة المسلمين هناك. نرجو أن يتسع صدر دعاة الحرب ومن يتخندقون معهم ضد السلام وحقن الدماء،الى الحوار والمدافعة بالحجة والمنطق،ولكن يفضح عجزهم الميل الى رمي محاوريهم بالجهل والاختباء خلف الادعاء بالعلم والمعرفة،وليس من الحكمة أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب،فالشعب واع ولن يسمح لأحد باستغلاله والصعود على كتفه، ولا الزعم بحماية الاسلام،فالاسلام لا يدعو الى الاساءة والسب والشتم والتحقير،ولكن كل اناء بما فيه ينضح ،و نافخ الكير من الصعب أن يتحول الى بائع مسك. من أسهل وأسوأ أنواع الكتابة،اتهام الآخرين بما يحلو لك من الصفات والنعوت ودمغهم بالجهالة أو سبهم ومحاولة ارهابهم فكريا، لأن ذلك لا يحتاج الى قدرات أو مهارات،ولا حتى شجاعة،المثل الشائع يقول (البراميل الفارغة هي الأعلى صوتا).