يبدو أن ملف المعاشيين وأوضاعهم يفرض نفسه على التناول الإعلامي كلما اشتكى معاشي من هضم حقوقه أو رفع صوته من وطأة الإهمال على المستوى الفردي أو الجماعي، حيث وصل إلى صالة تحرير «الصحافة» معلمان تقاعدا بالمعاش في عام 2009م بعد أن أفنيا زهرة شبابهما بولاية نهر النيل نشراً للمعرفة وغرساً لمبادئ التعليم في الناشئة، غير أنهما عقب تقاعدهما عوضاً عن التقدير والثناء وجدا هضماً للحقوق وتعسفاً واضحاً على حد قولهما، حيث أوضحا أنه بحكم نصوص قانون المعاشات ولوائحه المنظمة حرما من التمتع والاستفادة من مزايا استبدال جزء من معاشهما بحجة عدم اتصال خدمتهما نسبة لانقطاعها بتقاعد اختياري، هذا علاوة على مر شكواهما من صنيع الصندوق الخيري لدعم المعاشيين من المعلمين الذي حرمهما هو الآخر من الاستفادة مما يقدمه على قلته وضعفه المادي للمعلمين المعاشيين تحت دعاوى وصفاها بالواهية منها أنهما تركا الخدمة ردحاً من الزمان ثم عادا إليها، وأن الصندوق لا يعترف بمدة خدمتها السابقة، بالإضافة إلى شكواهما من صنيع شركة شيكان التي تستقطع جزءاً مقدراً من راتبيهما إبان خدمتهما، وأنه لم ينلهما سوى الحصول على فقط «500» جنيه لا غير. وأبان المعلمان ل «الصحافة» مقدار الحيف والظلم الذي نزل بساحتهما، وأنهما يطالبان السلطات المختصة بالعمل على استرداد حقوقهما التي حُرِما منها. يقول الأستاذ عبد القادر محمد عثمان «ود البيه» الذي تقاعد بالمعاش في عام 2009م ويعول أسرة تتألف من أربع بنات وولد معظمهم بالمراحل الدراسية المختلفة، إنه عقب تقاعده تسلم معاشه الشهري دون أن يحظى بصرف استبداله كسائر المعاشيين، حيث أخبرته إدارة الصندوق أنه لا يحق له الاستبدال لجهة أنه يصرف معاشاً اختياريا جارياً لم يقم بإيقاف صرفه حتى يتسنى له التمتع بحق الاستبدال عقب تقاعده، وأنحى ود البيه باللائمة على إدارة الصندوق، وعاب عليها عدم لفت انتباههم وتبصيرهم بإيقاف معاشهم الاختياري. وزاد أنهم تضرروا جراء عدم تبصيرهم بما يتوجب صنعه حرصاً على تحقيق أكبر قدر من منفعة لهم من المعاش، وزاد أن مأساته مع ما بعد التقاعد لم تقف عند هذا الحد، إذ أنه لم يهنأ بالحصول على ما يفترض أن يوفره له الصندوق الخيري لدعم المعلم المعاشي الذي درجت الجهات ذات الصلة على استقطاع جزء من مرتبه الشهري بغية أن يعود عليه بعد التقاعد، حيث كان يتوجب أن يحصل على «12» ألف جنيه دعماً لمسيرة حياته، وتحصل على ألف جنيه فقط لا غير. وعند سؤاله عن السبب أوضح له القائمون على أمر الصندوق أن الصندوق لا يعترف بمدة خدمته السابقة، وأن الحد الأدنى للاستفادة من مزايا الصندوق «12» سنة من الاشتراك، في حين أنه لم يصل إليها عمر الصندوق نفسه، حيث تأسس في عام 2004م، وأردف ود البيه أنه تضرر مرتين، الأولى من الصندوق القومي للمعاشات حيث حرم من حق الاستبدال، والأخرى من الصندوق الخيري لدعم المعاشيين الذي لم يحظ بمزاياه، وأضاف أن ضعف حيلته الاقتصادية حدا به لطلب تمويل مشروع وسيلة نقل «عربة أتوس» من أحد المصارف تحت تخطيط مساهمة عائد الاستبدال وصرف مستحقاته على الصندوق في تجسير هوة الأقساط، بيد أن تخطيطه ذهب أدراج الرياح، حيث أضحى محاصراً من قبل المصرف بسداد الأقساط، الأمر الذي حمله إلى النجوع إلى مناطق التعدين الأهلي أملاً في أن يدر عليه ما يسدد به دينه ومتطلباته الحياتية. وختم بمطالبته للصندوق بمعاملة متقاعدي العامين 2009 2010 أسوة بما تم التوصل إليه أخيراً بالصرف للمعاشيين بناءً على مدة خدمتهم الأخيرة في حال انقطاع فترة عملهم، وزاد أن التعسف في صرف حقوق الصندوق الخيري يهزم فكرته. وغير بعيد عن شكوى ود البيه أبان ل «الصحافة» الأستاذ المعاشي منصور الشيخ محمد الذي تقاعد في عام 2009م أنه تضرر وزملاء له كثر من الصندوق القومي للمعاشات جراء حرمانهم من حق الاستبدال بنص لوائحه، نسبة لانقطاع فترة عملهم وعدم إيقاف معاشهم الشهري عقب عودتهم للخدمة مجدداً، بجانب تضررهم من الصندوق الخيري لدعم المعلمين عقب التقاعد الذي حرمهم هو الآخر من التمتع بمزياه تحت دعاوى وصفها الشيخ بالواهية، علاوة مر شكواه من شركة شيكان للتأمين وإعادة التأمين التي درجت على خصم جعل مقدر من رواتبهم إبان خدمتهم يزيد وينقص تبعاً للدرجة الوظيفية للمعلم، وأضاف أن معلمين كثيرين لا يدرون كم يستقطع منهم ولا يعرفون لأي غرض يتم الاستقطاع سوى منح المعلم عقب تقاعده «500» جنيه التي تم تعديلها إلى ثلاثة آلاف جنيه أخيراً، وفي حالة وفاة المعلم قبل التقاعد خمسة آلاف جنيه، وزاد منصور أن الذين تقاعدوا عقب التعديل الأخير لدعم المعاشي في أبريل 2004م لم يستمتعوا بالتعديل، إذ أن من تقاعد في مايو 2004م لم يصرف سوى «500» جنيه. وطالب الشيخ السلطات المختصة بإزالة الظلم الذي حاق بهم وجبر الضرر الذي لحقهم.